يوميات سورية (1)

04-04-2023

يوميات سورية (1)

- السوريون اليوم يملكون الأمل ويعيشون في البؤس، مثل نابشي القمامة الذين ألحظهم كل الوقت وهم يغوصون في الحاويات بحثا عن غد أفضل، والواقع أن بقايا الآخرين لن تحقق لك ماكنت تأمله ..
- تمشي في الشوارع والأسواق فتلتقي بأشخاص لايساوون أكثر من قيمة ثيابهم وأحذيتهم، فهل يستحقون محبتك أو كراهيتك ؟ تقول حكمتي التي اعتمدتها طوال عقود : قل لي من تعادي أقل لك من تكون، ذلك أن النفاق غالبا مايخالط الصداقة بينما الكراهية أكثر صدقا ووضوحا، وكلما كان الشر الذي تواجهه كبيرا ستكبر بتحديه ومواجهته، فقبل أن تقول بسم الله ستذكر الشيطان متعوذا، فتأمل حكمة الرب في ذكر اسم نقيضه في مقدمة كل سور كتابه الكريم!
- الثناء والعظمة يمنحها الشرقيون  للموتى فقط ، الموتى الذين كنا نرى ونتحدث عن نقائصهم قبل أن يغادرونا! ذلك أن مجتمعاتنا تقدس الموت أكثر من الحياة ! إذ كل ميت يترك تاريخا وذكريات، غير أننا نتكلم عنهم بلساننا لا بألسنتهم لنعيد تشكيلهم على مانحب ونكره، لولا أن الشاة الميتة لا يطربها المديح أو يسيئها الذم، وإنما الأمر متعلق بخوف القطيع الذي لم يلحق بالشاة بعد..
- امحُ ماكتبت وانسَ ماعلمت، إذ لايمكن تغيير الوعي من دون نسيان، فتدفق مع نهر الزمان ولاتنظر للخلف إلا من أجل العبرة، ذلك أن فلسفة التاريخ ترمي إلى الخروج من كهوف الماضي والذهاب نحو مالم يصل إليه أسلافنا وكانوا يسمونه المستقبل، فنحن مستقبلهم، ولا أظنهم كانوا يريدون من أبناء الغد العيش في مقبرة الأمس !
- في هذا اليوم حياة كاملة فلا تبعثروها.

التعليقات

في عبارة السيد نبيل " قل لي من تعادي أقل لك من تكون" انما نستشف مضمون احدى قوانين الديالكتيك " وحدة وصراع الأضداد " مطبقا اياه بشكل رائع على دور التحدي في تطوير الانسان بقوله " وكلما كان الشر الذي تواجهه كبيرا ستكبر بتحديه ومواجهته،"

لكن ما أثار الانتباه دعوته الى نسيان الماضي بقوله " امحُ ماكتبت وانسَ ماعلمت، إذ لايمكن تغيير الوعي من دون نسيان، " ، وهذه دعوة قد تصح في تحرير الانسان من تلك التقاليد والعقائد البالية التي تحد من تطوره وتفرمل حركة تطوره وتماشيه مع متطلبات العصر . الا انها في غاية الخطورة عندما يكون الهدف اقتلاع الانسان من جذوره الثقافية والتاريخية ليعيش لحظته ، وهذه سياسة تسعى اليها النخبة العالمية من خلال اخطبوطها الاعلامي الهائل لتحويل الفرد الى نكرة لا تاريخ له ولا جذور ، يسهل تمييعه وقولبته وفق قوالب تمجد الفردية والمتعة والنجاح الشخصي على حساب تلك القيم الاخلاقية المتوارثة المتمثلة في دور الاسرة والإيمان الصحيح والتمسك بالفضائل والإحساس بالمسؤولية الشخصية عن الأعمال التي نقوم بها والتي سيتم الحساب عنها ، وهذه قيم توصل اليها الانسان المصري القديم منذ اكثر من ٣٥٠٠ عام واكدتها لاحقا الديانات السماوية . ولا يمكن مسح هذه القيم من الذاكرة !.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...