حرّاقات النفط تهدد حياة سكان شمال سوريا
تتمتع مناطق شمال شرق سوريا، مثل مدينة “ديريك”، و”رميلان”، و”السويدية”، و”قره تشوك”، و”تل عدس”، بثروات نفطية هائلة، وخلال سنوات الحرب أقدم السكان المحليون من أصحاب رؤوس المال على اختراع ما يُعرف بـ”الحرّاقات” وتشغيل العمال بأجور زهيدة لاستخراج النفط وتكريره بطرق بدائية، ما خلق أضراراً صحية ونفسية بالغة الخطورة.
ويشكو مواطنون لا يبعد سكنهم سوى بضع كيلومترات عن أماكن تمركز هذه الحرّاقات، من تعرضهم للأذى والقلق النفسي من أمراض خطيرة جراء التلوث البيئي الكبير والانبعاثات السامة في الهواء، إضافة إلى جريان مياه “وادي الأملاح” الملوّثة بالنفط في قرى المنطقة.
ويقول سعيد الحميرة 45 عاماً، من سكان قرية “عسيلة” بريف ديريك، إنه يعاني من اختناقات يومية بسبب الحرّاقات، واحمرار وحساسية شديدة في عينيه، وكذلك أولاده يعانون من أمراض صدرية وربو تحسسي، ما دفعه لشراء جهاز الرذاذ التنفسي.
ويتابع: “المعاناة تشتد وتزداد أثناء فتح الحرّاقة والانتهاء من صهر النفط الخام، حيث تتبدل الأحوال ويقلب النهار إلى ليل”.
ويقول إبراهيم السلوم: “زوجتي فقدت حملها لأربع مرات متتالية بسبب اكتشاف الأطباء تشوهات خلقية أثناء التصوير الشعاعي، إذ كان ينصحنا الأطباء بالتخلص من الجنين لصعوبة ما شاهدوه بالصورة من تشوهات لحقت به”.
ويؤكد السلوم أن “الحياة باتت صعبة ولا تُطاق بجانب حرّاقات الموت الخطيرة التي راح ضحيتها شباب كُثر خنقاً أو حرقاً إذا انفجرت بهم أثناء فتحها وتنظيفها.. لقمة مغمسة بالدم والنفط”، وفقاً لتعبيره.
أميرة العلي 32 عاماً، واحدة من سكان المنطقة الذين تعرضوا للضرر الكبير حيث تعيش أميرة بمفردها مع زوجها بقريتهم التي تبعد 300 كم عن منطقة الحرّاقات، مما عرضها للإجهاض المتكرر على مدار خمسة أعوام لترزق أخيراً بطفل مشوه تشوهاً خُلقياً ويعاني من فتحات في القلب وتشوهات نتيجة ما تعرضت لها من أذى أثناء استنشاقها للمخلفات النفطية.
وتطالب العلي، السلطات المحلية بإنقاذ المنطقة من هذه الحرّاقات البدائية والتي راح ضحيتها مئات الشباب ومئات الأسر التي لا خيار أمامها إلا الاستمرار بسكنها والتأقلم مع هذه السموم، وفقاً لقولها.
ويحذر ناشطون وأطباء محليون من الآثار الكارثية التي تخلفها حرّاقات النفط البدائية، إذ تسجل المنطقة عشرات الوفيات وزيادة ملحوظة في السرطانات والأمراض الجلدية وكذلك التنفسية، إلى جانب حالات العقم لدى الجنسين، كما ظهرت حالات تشوّه بنسب كبيرة عند الأطفال حديثي الولادة وصلت إلى 5%، فضلاً عن فقدان حوامل أجنتهنّ؛ بسبب استنشاق انبعاثات حرّاقات النفط.
إرم نيوز
إضافة تعليق جديد