بانتظار ترسيم الحدود بين القنيطرة وريف دمشق
الجمل- خاص : اخترنا لدخول (الحسينية) المحاذية لمنطقة السيدة زينب نهاراً مشمساً، فقد نصحنا الأهالي بعدم المجيء في يوم ممطر، لأنك لا تستطيع الدخول إليها، آثار هذا الطلب استغرابنا وهل نحن ذاهبون إلى مستنقع؟؟ .. دخلنا الحسينية وأول ما بدا منها تجمعاً للقمامة وسوقاً مكتظاً بالسيارات والمارة وباعة البسطات بحركة عنوانها (الفوضى والبؤس) .
- (أبوعمار) مواطن: الشتاء هنا قاس جداً ليس لكونه يصنع السيول والفيضانات، ولكن لأن البلدة تتحول إلى مستنقع من الوحل، إذا أردت الخروج من بيتك إلى عملك فعليك إما أن ترتدي كيساً في قدميك أو تستأجر سيارة من أمام بيتك إلى الشارع الرئيسي، نحن نسكن هنا لأن لا خيار أمامنا، الناس هنا فقراء وهذه منطقة مخالفات. نعيش هنا منذ أكثر من عشرين عاماً، نحن نتمنى عند دخول بيوتنا ألا نخرج منها. ليلاً لا يوجد إنارة أو أنوار إلا إذا أضاء الجيران مصابيح بيوتهم .
الحياة هنا أفضل فقط من الموت في العراء، أما المواصلات فمعدومة، تصل السرافيس إلى مدخل البلدة وبعض شوارعها المعبدة وهي طبعاً تقع خارج هذا التجمع .
عند دخول شوارع الحسينية كان بعض الأطفال يلعبون، اللعبة منتشرة في أغلب أريافنا، يرسمون على الأرض مستطيلات يقفزون داخلها، ولكن في الحسينية يرسم الأطفال لعبتهم بين الصرف الصحي الذي تفور أوساخه وبين الوحل.
سألنا أبو مصطفى الذي يقف بجوار الأولاد فقال: أين يذهب الأولاد هذا هو المكان الذي يستطيعون اللعب فيه حتى أثناء ذهابهم إلى المدرسة نوصلهم (بالسوزوكي) تدفع على الطالب للسائق 250 ل.س في الشهر، ويركب فيها صباحاً ومساءً أكثر من 25 طالباً.
أمام أحد المنازل يقف (صهريج) يقول صاحب البيت: نشرب ونغسل من مياه (الصهاريج) يأتون بها من بئر في منطقة (العادلية) وأحياناً نشتري /20/ لتراً من الماء بـ /10/ليرات سورية للشرب، ونحن على هذه الحال منذ عشرين سنة، وبانتظار أن تنتهي مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي من إنهاء مشروع المياه للبلدة بعد جهدٍ طويل قضيناه بين الوزارات.
مختار الحسينية (أبو ممدوح) استقبلنا في مكتبه المتواضع الذي يقع في حارة مشابه للتجمع: الحسينية كانت تابعة لمنطقة (الذيابية) حصل خلاف بين رئيس البلدية وبعض الأشخاص، فطالب المحافظة بإخراج (الحسينية) من حدود منطقته، بدعوى أن هذه التجمع ليس من أهالي القنيطرة، وتم تقسيم البلدة إلى نصفين. وبعد شكاوى عدة أتبعنا للسيدة زينب التي رفضت ذلك، ثم إلى منطقة (البويضة) لمدة 15 يوماً، ثم إلى (الحجيرة) لمدة 20يوماً، ثم نحن الآن نتبع للسيدة زينب، ولكن دون خدمات، حيث تقوم بلدية السيدة زينب فقط بقمع المخالفات وتهديم البيوت.
يتابع ( المختارأبوممدوح) : راجعنا السيد وزير الإدارة المحلية وناشدناه بحل مشكلتنا باعتباره كان محافظاً سابقاً للقنيطرة، واستجاب بإرسال لجنة مهندسين لدراسة واقع البلدة. المهندسون فاجأهم الواقع، إذ أنهم لم يتمكنوا من دخول إلا جزء قليل من البلدة. وبدوره أرسل محافظ القنيطرة لجنة لدراسة الواقع، قدرت اللجنة احتياجات المنطقة /450/ مليون ليرة، وبعد جدال نزل المبلغ إلى /110/ مليون. ثم رفضت المحافظة ذلك لعدم قدرتها على تقديم الخدمات. وتم تكليف بلدية الحسينية بإدارة شؤون 3 شوارع هي بالأساس مخدمة، وترك الجزء الأكبر بلا إدارة.
السيد (أبو هيثم ) عضو مجلس البلدة يقول: نحن نخدم أربع شوارع فقط، وليس هناك أية خدمات تذكر، ونتمنى إتباعنا بمحافظة القنيطرة – نحن ضائعون بين الريف والقنيطرة والمسؤولون الذي يزورون (الحسينية) يصلون إلى المشروع الذي أنجزته محافظة دمشق، ثم يعودون أدراجهم. لا أحد يصل إلى هذه التجمعات البائسة.
بتاريخ 19/10/2005 الساعة 2.30 مساءً عقد اجتماع برئاسة وزير الإدارة المحلية، ضم محافظي ريف دمشق والقنيطرة لدراسة واقع (ا لحسينية)، بالإضافة إلى معاون الوزير وأعضاء المكاتب التنفيذية، ومدير الخدمات ورؤساء البلديات المعنية، ومدير عام مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي وبعض مسؤولي المحافظة .. وجاء في المحضر الذي صدر عن الاجتماع ويحمل الرقم 9205 تاريخ 25/11/2005، أن تجمع الحسينية يقسم إلى ثلاثة أقسام – قسم يتبع لمحافظة دمشق وقسم للقنيطرة وقسم عائد لبلدية السيدة زينب، ولا يمكن تخديمه. وهناك ضرورة لترسيم الحدود الإدارية بين القنيطرة وريف دمشق.
البند الثالث في المحضر تحدث عن قيام بلدية السيدة زينب بمشاريع تعبيد وتزفيت وصرف صحي لبعض الطرق في الحسينية، وهذا ما نفاه المواطنون.
البند الخامس: يتم الحصول على مياه الشرب بواسطة الصهاريج الخاصة، نظراً لتعذر تأمين مياه الشرب من قبل المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي.
البند الثامن : يوجد /3/ جرارات لتوصيل القمامة مع أربعة عمال، المواطنون يتحدثون عن (جرار) واحد كل 3 أيام.
البند العاشر: قمع المخالفات يتم من خلال بلدية السيدة زينب، وهذا ما أكده المواطنون. أحد المواطنين قال: البلدية تقبض ثمن المخالفة، ثم تقوم بهدمها.
عودة إلى المحضر الذي تم في ختامه تكليف محافظة القنيطرة بتسمية من يلزم لمتابعة أعمال اللجنة الفنية المشكلة والمكلفة بترسيم الحدود بين المحافظتين، وتكليف مديرية التخطيط العمراني في الوزارة بتحديث المخطط التنظيمي لتجمع الحسينية بشكل فوري وتكليف محافظة ريف دمشق بإيجاد مواقع لخزانات المياه واستملاكها فوراً.
حتى تاريخ هذه الزيارة ينتظر مواطنو الحسينية ترسيم الحدود بين الريف والقنيطرة، ويعيشون واقعاً أكثر من مأساوي. يرسم أطفالهم خطوط ألعابهم بين الصرف الصحي والوحل، في واقع يقال عنه إنه أدنى من مستوى حياة البشر.
عبد الرزاق دياب
إضافة تعليق جديد