13-03-2018
«صنع في سورية» دجاجة المهربين الجديدة التي تبيض ذهباً..
يبدو أن شعار «صنع في سورية» أصبح استثماراً جيداً للمهربين وتحديداً من تركيا، حيث بات أشبه بالدجاجة التي تبيض لهم ذهباً، وخاصة أن البضاعة المكتوبة عليها هذه العبارة تصل إلى الأسواق المحلية من المناطق الساخنة بدون دفع أي رسوم جمركية، ما يضيّع على الدولة مليارات الليرات تذهب إلى جيوب المهربين من دون مقدرة على رد بلاء هذه الظاهرة الخطيرة، التي يستفيد منها الاقتصاد التركي في الدرجة الأولى لأن أغلب المنتجات تصنع على أراضيه أو أقله يتم استخدام المواد الأولية من هذا البلد واستحضارها على نحو جاهز تقريباً ثم تصنيعها في مرحلتها الأخيرة في المعامل أو الورشات التي غالباً ما تكون متوقفة أو غير موجودة أصلاً، وهذا مثبت في العديد من القضايا الجمركية التي نظمتها «الجمارك» خلال الفترة الماضية، لتكون آخرها قضية ضبط سيارة قاطرة ومقطورة معبأة بفوط الأطفال والعجائز، التي أضيفت إليها لصاقة «صنع في سورية» على نحو واضح، بشكل يزيل أي لبس حول احتمالية تصنيعها داخل الأراضي السورية.
تزوير بالجملة
قضية تزوير منتجات «صنع في سورية» المصنعة على نحو كلي أو جزئي في تركيا، كثرت خلال الآونة الأخيرة ولم تقتصر بطبيعة الحال على هذه القضية، حيث أكد مصدر مطلع في جمارك دمشق أن المهربين يستغلون وجود بعض المناطق الساخنة القريبة من تركيا، لتصنيع هذه المنتجات، التي تعود إليهم بأرباح مضاعفة نظراً لعدم قيامهم بدفع رسوم جمركية عند إدخال المواد الأولية أو التصنيع الكلي، ويعتمد التجار المهربون أيضاً في تحقيق غايتهم على عدم إمكانية الجهات المعنية من التحقق من وجود معامل قائمة ومستمرة في الإنتاج، لذا غالباً ما تتم مراسلة الغرف الصناعية للتأكد من وجود معامل قائمة من عدمه، علماً أن الإجابة غالباً ما تأتي بعدم وجود معمل ينتج هذه المادة أو تلك.
سجلات صناعية وهمية
وبين المصدر أن التزوير يصل إلى حد تزوير السجل الصناعي، وفي أحيان كثيرة يكون سجلا ًوهمياً لا وجود له أساساً، لافتاً إلى أنه في قضية فوط الأطفال والعجائز جرت مراسلة غرفة صناعة حلب للتأكد من وجود معمل يصنع هذه المواد، ليأتي كالعادة بعدم وجود أي معمل ينتجها.
وأكد المصدر أن ضبط هذه الكميات الكبيرة داخل القاطرة والمقطورة جاء بناء على إخبارية بوجودها محملة بهذه المنتجات، التي ادعى صاحبها أنها قادمة من منطقة الشيخ نجار الصناعية عبر إبراز فاتورة تبين صحة كلامه للإيهام بأنها نظامية وقادمة من أمانة حلب، لكن المعلومات التي حصلت عليها ضابطة المركز على نحو مؤكد تبين أنها قادمة من منطقة أورم الساخنة، إلا أنه منعاً لحصول أي إشكالية أحيلت القضية إلى لجنة مختصة للتدقيق في الأمر، وقد جرت مراسلة إدارة مدينة الشيخ نجار، التي أكدت أن المعمل غير قائم وصاحب البضاعة يمتلك سجلاً صناعياً وهمياً، وبناء عليه نظمت القضية أصولاً، وستتم مصادرة البضاعة نظراً لقيام صاحبها بتزوير البضاعة القادمة من تركيا عبر وضع لصاقة مكتوب عليها «صنع في سورية»، مؤكداً أن التاجر سيصالح حتماً على البضاعة، وخاصة عند العلم أن السيارة المحجوزة مع البضاعة يزيد سعرها على 40 مليوناً، مشيراً إلى أن غرامات القضية ستكون 3 أمثال قيمة البضاعة والرسوم لكونها ستنظم القضية على قائمة الممنوع.
خسارة للاقتصاد مرتين
وبين المصدر أن التاجر حاول التهرب من القضية بادعاء وجود معمل ينتج كميات كبيرة من هذه السلع يتم تصديرها إلى الأسواق الخارجية، وهنا أيضاً تضيع ملايين الليرات على الخزينة باعتبار أن عملية التصدير برمتها تتم من خلال منافذ غير شرعية، ما يعني أن هناك تهرباً من دفع الرسوم الجمركية والنفقات المالية المترتبة على عمليات التصدير، وفي كلتا الحالتين الاقتصاد المحلي هو المتضرر والخاسر.
دوريات مشتركة
وعند السؤال عن الإجراءات المتخذة لضبط ظاهرة تزوير المنتجات التركية والادعاء أنها سورية الصنع، بشكل تسبب في غزو المنتجات التركية أسواقنا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أكد أن الإجراءات الاعتيادية تكون عبر ضبط الكميات المهربة ومحاسبة المخالف وتغريمه بغرامات شديدة حسب نوع البضاعة، لكن ذلك لا يكفي حتماً، حيث يفترض اتخاذ تدابير أكثر حزماً بغية تنظيف الأسواق من هذه المنتجات وخاصة الغذائية والكيميائية كالشامبو، وذلك عبر تنظيم دوريات مشتركة مع التجارة الداخلية حتى بدون أمر تحرٍّ بحضور مندوب من غرف التجارة والصناعة للقيام بجولات على المحال التجارية التي تتاجر بالسلع التركية والحجز عليها وتغريم من يتعامل بها، لافتاً إلى أنه في حال القيام بهذه العملية أكثر من مرة سيؤدي ذلك حكماً إلى التقليل من وجود البضائع التركية بشكل يعطي رسالة إلى المهربين بأن هناك عقوبات مشددة ستتخذ بحقهم، ما يجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة مجدداً وخاصة أن ذلك سيتسبب لهم بخسائر كبيرة.
تشرين - رحاب الإبراهيم
إضافة تعليق جديد