«الى السلاح»... دعاية سورية منظمة للالتحاق بالجيش
«معصّب.. وغضبان.. غضبك فجروا بأعدائك، إحمل سلاحك..» دعوة جديدة في سوريا لتحفيز الشباب المتخلفين عن الخدمة العسكرية، أو المترددين حيالها، لاتخاذ القرار الطوعي بمشاركة الجيش معاركه، والوقوف إلى جانب الجنود النظاميين ومقاتلي قوات الاحتياط والدفاع الوطني، على الجبهات.
الحملة التي انطلقت منذ شهر تقريباً، وبدأت بصفحة على «فايسبوك» حصلت حتى الآن على ما يقارب 16 ألف متابع، توجه نداءاتها إلى الشباب المتقاعسين عن الالتحاق بالجيش، وتمارس دعاية عسكرية عصرية، لا تخلو من ترهيب «من الخطر» كما لا يجافيها «الترغيب» بالجوائز المعنوية، من «شرف وبطولة ونصر».
«لا تقعد تندب متل النسوان، المتخلف عن حماية بلده وعم يفكر بالهرب، متل اللي بيترك أمه بين إيدين وحوش عم تُغتصب، خليك رجَّال .. ودافع عن بلدك وعرضك». وتقدم الصفحة صوراً ونماذج لنساء «تركت المرايا» ونزلت الى الميدان العسكري لتقاتل الى جانب «إخوتها من الرجال»، كما تنتقد بصور متضادة شباناً يجلسون في مقاهي يتابعون مباريات عالمية، وأخرى لشباب من العمر ذاته يتربصون خلف دبابة في الجبهة أو مستنفرون على هضبة ما.
ويمكن فهم أسباب هذه الحملة لتحفيز الالتحاق بالجيش، وإن كانت متأخرة، بالنظر لتحولات المشهد السوري خلال السنوات الأربع الأخيرة، والمفارقات التي رافقت هذه التغيرات.
فمنذ أيام فقط، خرج مئات الشبان والشابات اليافعين في اللاذقية ليحتفلوا بفوز فريق برشلونة الاسباني بدوري أبطال أوروبا، في الوقت الذي كان الجيش يخوض، بمتطوعيه ومجنديه وحلفائه، معارك على طول الأرض السورية، وليس بعيداً سوى عشرات الكيلومترات عن اللاذقية ذاتها. «يجب على الشرطة العسكرية أن تسحب كل المتخلفين من المقاهي، وأخذهم إلى حلب، وإدلب وريف الشام لتشجيع الجيش العربي السوري»، كما تعلق إحدى الصفحات الموالية على مشهد «الاستنفار الرياضي»، في الوقت الذي يعاني الجيش السوري من نقص عددي كبير، وتراجع ميداني على جبهات القتال.
ولم تقتصر الدعاية على «فايسبوك» بل انتشرت عبر الشوارع بلوائح إعلانية، ومن الممكن أن تمتد إلى الإذاعات والتلفزة، بما يوحي بمقدرات مادية معقولة تقف وراء حملة التحفيز.
وتتزامن الحملة مع تحركات على مستوى شعبي، بإشراف من الدولة والسلطات العسكرية والأمنية لـ «تنظيم قوى دفاع ذاتي» وفقاً لما يقوله أحد شيوخ العقل في السويداء، مشيراً إلى «توجه عام للتسلح، بالسلاح الفردي الخفيف.
ويقول الشيخ حمد الحناويي إن السويداء تشعر الآن «بأن الخطر حولنا من كل الجبهات»، الأمر الذي تطلب «توحيد المجموعات القتالية وربطها بقيادة موحدة» سميت لاحقاً بـ «درع الوطن»، مشيراً إلى أن الوضع يتطلب «تسليحاً وتحضيراً، سواء جاء على مسؤوليتنا الخاصة أو بمعرفة الدولة».
ولا تقتصر الدعوة للالتحاق بالجيش على عمل النشطاء الافتراضيين، وإن بإدارة جهات معنية بالجيش، كما لا تنحصر بجهود السلطات المدنية لتشكيل مجموعات «دفاع» جديدة لاستقطاب المتخلفين أو المترددين، بل تمتد إلى حملات تجنيد عشوائية، تطال مناطق عمل حرفية ومصانع ومقاهي، ناهيك عن الاستحواذ الذي يحصل على حواجز الجيش لشبان لم يحققوا «شروط الإعفاء أو التأجيل من الجيش» وهي عدة، بينها الدراسة، أو الإقامة في الخارج، والإعاقة وغيرها.
لكن كل هذا لا يمر من دون منغصات، تتمثل بشبكات الفساد التي تسمح للمقتدرين بالتهرب من الخدمة، بطرق مختلفة، بينها شراء وسائل تأجيل، أو «الوسائط» التي تزيح أسماءهم من قوائم الاحتياط، أو حصر خدماتهم بالمناطق الآمنة.
ولا تساعد بالطبع الأخبار الميدانية الأخيرة، بما فيها من انتكاسات عسكرية على اجتذاب المقاتلين الجدد. كما يفتح غياب آفاق التسوية السياسية المجال امام استمرار المعارك، وبالتالي استهلاك المزيد من الضحايا، إلا أن القائمين على حملات التجنيد يجدون في هذه التطورات أسباباً كافية لاستقطاب مزيد من المجندين، ولا سيما في ظل وجود مجندين يقاتلون منذ أربع سنوات على الجبهات، من دون استراحة، «الأمر الذي يحمِّل أخوتهم مسؤولية مشتركة».
على صفحة «إلى السلاح» يقول أحد المجندين الشبان إنه و «أربعة من أخوته (يقاتلون) على جبهة واحدة»، إضافة إلى سبعة آخرين «من العيلة نفسها»، موجهاً نداءً إلى الشبان السوريين، «اذا ما كنا نحنا واللي قاعدين هللأ (الآن) بلبيت عمنقاتل، ما رح نشوف النصر».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد