كيف زَوَّرَ صحافي هويّة سوريّة؟

09-01-2015

كيف زَوَّرَ صحافي هويّة سوريّة؟

تمكّن الصحافي الأميركي مايك غيغليو من الحصول على بطاقة شخصية (هويّة) سوريّة، ورخصة قيادة سيارة، تظهران أنّ ابن جوزيف وجين سميث الأميركيان، من مواليد مدينة دمشق، ويحمل رقماً وطنياً سوريّاً، يخوّله التجول في البلاد بشكل قانونيّ... كل ذلك فعله غيغليو من مقرّ إقامته الحاليّة في تركيا، ومن دون أن يدخل الأراضي السوريّة حتى، وذلك في سياق تحقيق استقصائيّ حمل عنوان «كيف تحصل على هويّة سوريّة مزوّرة؟»، نشر في موقع «بازفيد» الأميركيّ.
عمل غيغليو مراسلاً لوسائل إعلام أميركيّة في مدن عربيّة عدة، منذ سنوات. ونال شهرة قبل عامين، عندما أشيع نبأ مقتله في مصر، خلال أحداث ميدان رابعة. في تحقيقه، يشرح غيغليو آلية الحصول على البطاقتَين، عن طريق مُزَوِّرين محترفين في تركيا، يسهلّون دخول المسلحين إلى الأراضي السورية، عبر حدود مفتوحة أصبحت مقصداً لمعظم «جهاديي» العالم.(عن موقع "بازفيد")
يقول أحد المزوّرين الذين حاورهم غيغليو، إنّ كلفة عمليّات التزوير تتفاوت بحسب جودة البطاقات وجوازات السفر المزوّرة، وتتراوح بين 350 و450 دولارا لتلك المُنَفَّذة «بجودة عالية». يتمّ الحصول على تلك البطاقات، من خلال الاستعانة بموظّفين سوريين فاسدين، أو عن طريق آلات طباعة رسميّة، استولى عليها مسلّحون.
يرفق غيغليو تقريره بصور عن الوثائق المزوّرة، ممهورة بصورته، واسمه، واسمَي والدَيْه، وتاريخ ولادته. ويقول الصحافي الأميركي: «بإمكان أيّ شخص الحصول على بطاقة تعريفيّة باسمه تسهّل حركة دخوله وخروجه على الحدود السوريّة التركيّة، بمبلغ لا يتجاوز 200 دولار». ويشير في الوقت ذاته إلى أنّ كلفة جواز السفر تبلغ بين ألف وألفي دولار، وذلك تبعاً لجودة تنفيذه أيضاً.
وفي حين يسلّط التحقيق الضوء على آلاف عمليّات التزوير التي تتمّ على الحدود مع تركيا، يشير غيغليو إلى أنّ بعضها يجري داخل سوريا، ولا يمكن ضبطه بسبب غياب الرقابة الأمنية عن مناطق واسعة خارجة عن سيطرة الحكومة.
ما يظهره غيغليو في تحقيقه الاستقصائي، لم يغب عن الإعلام في السابق، لكنّه دليل إضافي على سهولة عمليّات التزوير الرائجة حالياً. وقد وثّق تحقيق استقصائي آخر بعنوان «الاغتراب المزدوج: شبكات تستولي على عقارات السوريين بالتزوير»، أجراه الصحافيّان السوريّان مختار الإبراهيم وأحمد حاج حمدو، عملياتِ تزويرٍ ضخمةً تجري في سوق العقارات السورية. فاز التحقيق بالجائزة الأولى عن فئة المطبوع خلال منتدى شبكة «أريج» السابع قبل شهرين، كما سَرَدَ، مدعّماً بالوثائق، عملياتِ تزويرٍ لهويات وجوازات سفر وغيرها من الوثائق.
وعلى الرغم من تفشّي ظاهرة التزوير في سوريا، إلّا أنّ القانون السوري يبدو متساهلاً حيالها. وبحسب المادتين 452 و454 من قانون العقوبات، فإنّ تزوير البطاقات الشخصيّة جنحة تتراوح عقوبتها بين شهرين وسنتين. ذلك ما جعل مايكل غيغليو مواطناً سوريّاً، بمبلغ زهيد، ومن دون أي رادع قانوني جدّي. ولنا أن نتخيّل كم غيغليو يتنقّل بأوراقه «الشرعيّة» في الأراضي السوريّة، مقابل حفنة من الدولارات، ولكن بعيداً عن عيون الإعلام.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...