تسلّم جثامين شهداء مطار منغ يُقفل «قصة رعب» أُخرى
سنة واحدة مضت على سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية على مطار منغ العسكري شمال مدينة حلب، لتعود جثامين عسكريي حامية المطار الذين صمدوا أشهراً طويلة، قبل أن يسقط المطار في يد المسلحين قبل ما يقارب 3 سنوات ونصف سنة. سيطرة الأكراد على المنطقة أعادت الأمل إلى عائلات شهداء المطار بتسلّم جثامين أبنائها، بعدما جرى دفنهم داخل حرم المطار.
شجون كثيرة ألّبها وصول جثامين بعض المدافعين عن المطار، من بينهم قائده الشهيد اللواء شرف الطيار علي محمود. قرية دوير بعبدة، في ريف جبلة، استقبلت رفات ابنها، قبل أيام، بالزغاريد. القائد الذي استشهد مع عدد من عناصره أعطى صورة أسطورية عن الضابط الذي قاد جنوده إلى الموت بشرف، بعدما شن المسلحون على مقره هجمات عدة، تقدمها عدد كبير من المفخخات. وعلى اعتبار قرار القائد بالصمود وإصلاح العطب الذي أصاب بعض طائرات المطار، فقد رسم الأمل بالحياة في نفوس مرؤوسيه، واعداً إياهم بالدفاع عن الشرف العسكري حتى الشهادة. عناوين بات يألفها السوريون، ولا سيما بعدما تكررت قصص الحصار في مناطق عدة، غير أن وصول رفات الشهيد محمود فتح الباب أمام تساؤلات عدة، حول مصير بقية الجثامين، إضافة إلى الفضول الذي ساد الشارع حول وضع المنطقة التي يتوسطها المطار العسكري، في ضوء الحديث عن تسليم الأكراد بعض المقار إلى الجيش السوري، ومن بينها مطار منغ نفسه، عبر وساطة روسية. وبإمكان متابع الملف الإنساني المتعلق بشهداء مطار منغ، الذي يبعد عن حلب مسافة 35 كلم شمالاً، أن يلحظ أن عشرات الجثامين جرى تسليمها منذ سيطرة «الوحدات» الكردية على مواقع المسلحين في المنطقة.
استخراج جثامين عدد من شهداء حامية المطار إثر اكتشاف عناصر «الوحدات» مقابر عدة، قرب مدرج الطيران والباب الرئيسي للمطار، أفضى إلى وصول المزيد من الجثامين على دفعات، خلال الفترة الماضية.
جهود وجهاء بلدتي نبل والزهراء، اللتين ذاقتا الحصار بدورهما، إثر سقوط المطار، بدت واضحة لنقل الجثامين إلى مثاواهم الأخيرة، بعدما قطع المطار طيلة أشهر سيطرة الجيش السوري عليه طرق إمداد المسلحين بين أعزاز وحلب بشكل نهائي، ما خفف الضغط على البلدتين اللتين كانتا محاصرتين في تلك الفترة.
عائلة الشهيد اللواء شرف علي محمود قائد المطار العسكري، قدمت الشكر لأحد أبناء مدينة نبل على المساعدة في نقل جثمان الشهيد، في ظل تأكيد رئيس المكتب السياسي «للمقاومة الوطنية السورية» ريزان حدو أن بلدة منغ لا تزال تحت سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، نافياً حدوث أي مفاوضات مع الدولة السورية بشأن تسليم جثامين العسكريين. ويشرح حدو أنه «تم العثور على مقابر جماعية عدة بعد سيطرة قسد على المطار العسكري، ما أدى إلى التواصل مع المنظمات الإنسانية المختصة، التي قامت بنقل هذه الجثث إلى المشافي بعد استخراجهم من قبل عناصر الوحدات، بهدف إجراء الفحوصات المطلوبة للتعرف إليها». ورفض مبدأ التفاوض على ملف إنساني كهذا، بقوله: "هذه قضية إنسانية خارج كل المعايير. أخلاقنا وموروثنا ووطنيتنا لا تسمح بمجرد التفكير بهكذا أمر". وينفي ما تردد حول تسليم مقار سيطرة «قسد» في المنطقة لعناصر الجيش السوري، لافتاً إلى أن «من نشر الخبر المذكور لا يعرف خريطة المنطقة أساساً، إذ جرى الترويج إلى أن مصالحة عقدت بين قسد والجيش السوري، وجرى تسليمه 6 قرى؛ من بينها ماير وحردتنين ومعرستة الخان، وهي قرى واقعة أساساً تحت سيطرة الجيش، ولم تدخلها الوحدات مطلقاً». وذكر السياسي الكردي أن جميع الجثث استخرجت منذ مدة، إنما جرى تأخير في الإعلان لأسباب تتعلق بإجراء الفحوصات لمعرفة هوية كل جثة.
وباستكمال ملف جثامين شهداء مطار منغ وعودة العناصر الباقين على قيد الحياة، يمكن إغلاق الستار على واحدة من أقسى الحكايات الإنسانية التي شغلت الرأي العام منذ أكثر من 3 سنوات، فيما يتعلق بالجانب الإنساني للجندي السوري. ويبقى النصب التذكاري الذي نصبه أهالي قرية دوير بعبدة لشهيدهم قائد مطار منغ، قبل سنوات، شاهداً إضافياً على لوعة الحصار الذي عاشت المنطقة تفاصيله مع اللواء الشهيد وأبنائه المحاصرين.
مرح ماشي
المصدر: الأخبار
التعليقات
نتمنى الاهتمام بملف المفقودين
إضافة تعليق جديد