الاستجرار غير المشروع للكهرباء ومقولة المال الداشر
لم تعد سرقةً، بل هي جريمة. وهؤلاء ليسوا سارقي كهرباء (كما سمّاهم القانون) بل هم مجرمون كما أسمتهم (وزارة الكهرباء). ففي تفاصيل أحد أغرب ضبوط التعدي على شبكة الكهرباء لهذا العام: «عائلة تقطن في مخيم اليرموك، تشطف درج البناية كل يوم بمياه ساخنة، جرى تسخينها على الكهرباء المسروقة»!..
ربما مجانيّة ما استجرّته هذه العائلة من الكهرباء بشكل غير مشروع، ولمدة ثلاث سنوات، ما هو إلا رمدٌ أمام عمى بصيرة أصحاب المنشآت الاقتصادية والصناعية عن أنَّ «سرقة» أحدهم للكهرباء وتهرّبه من دفع مستحقاتها يسير على مبدأ «أنا ومؤسستي ومن بعدنا الظلام».
ولكن، هم ليسوا أول ولن يكونوا آخر «المجرمين» بحقّ المال العام والوطن- على حد تعبير عبد الحليم قاسم معاون الوزير؛ ففي الواقع هناك (6820) حالة سرقة تمكّنت الضابطة العدلية التابعة إلى شركة كهرباء دمشق من تسجيلها في ضبوط رسمية- بحسب مدير الشركة المهندس عبد الله حنجر، في حين ثمَّة حالات سرقة أكثر وأكبر لم يتمّ ضبطها في محاضر بسبب عدم وجود أكثر من 30 عنصر ضابطة عدلية يراقبون العدادات خلال فترتي الصباح والظهيرة.. وعدم قدرتهم على اللحاق بموجة التفنن «الجهنمي» في استباحة الشبكة من المواطنين في منازلهم ومنشآتهم الاقتصادية حتى بعد تركيب العداد.
وبما أنَّ كل ما لا ينبع ينضب.. حتماً ستكون جردة حسابات 2009 محكاً لما هو قادم في المستقبل القريب من تشريعات ومفاجآت. لذا استحقّ الوقوف عندها والتأمل في أحداثها وفواتيرها «الفلكية».
- تتغذّى مدينة دمشق بالطاقة الكهربائية من خلال 26 محطة تحويل كهربائية. ولدى الشركة العامة لكهرباء المحافظة (545114) مشتركاً. وهذا العام أيضاً تعود الشركة لتقول: «عدد ضبوط السرقة المنزلية 4760 ضبطاً، ولا تزال أحياء (المزة (86)، وحي الورود، وعش الورور، ووادي المشاريع، وحي تشرين) صاحبة النصيب الأكبر من هذه الضبوط». وبحسب مصطفى شيخاني «هذا لا يعني أنَّ التلاعب بالعدادات والتعدي على الشبكات الأرضية لا يحصل في المناطق المنظمة». ولكن، إذا كانت شركة دمشق تنظر إلى السارقين في المناطق العشوائية بعين المجرّم والمحاسب، فالأولى بها أن تنظر بعين المساعد والمسؤول؛ لأنَّ دراسة السبب وليس الأثر تقود إلى أنَّ هناك أسباباً لا علاقة لقاطني المخالفات بها، تتمثّل في قلة محطات التحويل نتيجة ضيق المساحات المخصصة لبناء مثل هذه المراكز. وهذا ما أكد عليه مصطفى شيخاني؛ أنَّ «الوزارة مستعدة للمباشرة في بناء مراكز تحويل لحظة توافر مساحات».
ويشترك قاطنو المخالفات مع «سابع جار» أي (قاطنو الأحياء النظامية) بعجزهم عن تسديد الفواتير عبر نظام الشرائح الذي بدأ العمل به منذ أيار الأخير، والذي يقول المواطنون عنه: «أربع شرائح على الرأس تؤلم»، حيث يصل عدد الشرائح إلى أربع (الاستهلاك من 600 - 800 سعر الكيلو ليرتان، ومن 800 - 1000 سعر الكيلو ثلاث ليرات، ومن 1000- 2000 سعر الكيلو ثلاث ليرات ونصف، وكل كيلو فوق الـ2000 يصبح بسبع ليرات سورية). وهذا يعني على أرض الواقع الحرمان من الرفاهية.
- الرفاهية هذا العام كانت من حصة المنشآت التجارية والصناعية بامتياز، حيث اعتبر مصطفى شيخاني «تهرّبَ أصحاب هذه المنشآت من تسديد المقطوعية، رغم تنظيم أكثر من (2045) ضبط سرقة تجارياً، دليلاً واضحاً على أنَّ مناطق المخالفات لم تعد المتعدي الأول والأخطر على الشبكة، بل أيضاً المنشآت الصناعية والتجارية باتت تقوم بالنوع الأصعب من السرقات في الملاحقة والضبط والتحصيل». يُذكر أنَّ زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية لهذا العام وصلت إلى (7 %)-بحسب الوزارة. وهذا يعني أننا بحاجة في العام القادم إلى محطة توليد باستطاعة (500) ميغا واط بتكلفة (700) مليون يورو؛ أي ما يعادل (49) مليار ل.س، عدا عن تكاليف التشغيل والنقل والتوزيع.
في حين وصل عدد المستفيدين من الطاقة الكهربائية (سرقة ونظامي) في سورية، كما يقول شيخاني، إلى 99،7 % من المواطنين.
- «جميع الشبكات الكهربائية في مناطق السكن العشوائي المنتشرة على أطراف المدينة هي شبكات هوائية مكشوفة»؛ يقول حنجر، رافضاً في السياق ذاته، الإفصاح عن أيّ طريقة لسرقة الكهرباء اتبعها «السارقون» المنظمةُ في حقّهم الضبوط. فمن وجهة نظره «لا يجوز للشركة أن تذكر طرق السرقة وتنشرها عبر الإعلام لئلا يتعلمها المواطنون». ولكن، كيف سرق هؤلاء إذا؟!، وكيف ارتكب استجرار غير مشروع بما يتعدّى 600 محضر مرفوعة للقضاء؟، ومن أين أتى هؤلاء بخططهم ومن ساعدهم؟.. لدى توجيه أسئلة من هذا النوع، ينفي حنجر أن تكون لديه عناصر متواطئة في الضابطة العدلية، لأنَّ الشركة -كما يؤكد- «حريصة على تنظيم آلية خروج هذه الدورية بمهماتها على المناطق النظامية والعشوائية، كما أنها تحقّق مع كلّ من تسوء سمعته أو تفوح حوله رائحة التواطؤ أو التساهل. أما عن حالات تواطؤ كشفت مباشرة لهذا العام، فإن أحداً من العناصر لم توجّه له التهمة». قولاً واحداً «الكهربجية» روَّجوا لبعض الطرق، بل وقاموا بها مقابل أجر محدد. وبالتالي لم تعد هناك طريقة يتيمة ولا حتى خمس طرق؛ أحدهم يعمل كهربجي و»دلال سطو على الشبكة» تحدّث عن «إبداعات جديدة ظهرت في سرقة التيار الكهربائي؛ عن طريق توقيف العدادات، أو الاستجرار عن طريق جرح كبل التفريعات وقلب الفازات أو عن طريق بكلة داخلية وبكلة خارجية، أو عبر إدخال مواد غريبة إلى داخل العداد مثل فيلم تصوير أشعة أو سيخ معدني، أو التلاعب من داخل العداد بعد فك أختامه، حيث يتمّ التلاعب به من الداخل بالمغناطيس أو المحور السفلي أو المحور العلوي أو الثغرة الهوائية، أو إبعاد آلة تمريك الاستهلاك من مكانها». ويضيف احد الموظفين في شركة الكهرباء هناك طريقة أخرى اتبعت بكثرة لهذا العام وتتمثل «بقلب الخط الموجب والخط السالب أو ما يسمى بقلب التوتر أو بتوصيل السلك الموجب من الساعة، أما السالب فيتمّ توصيله بأقرب حنفية ليصبح سالباً لشبكة المنزل».
- يبدو أنَّ هناك دورات تدريبية على السرقة، لم تكن في حسبان شركات توزيع الكهرباء، منشورة بشكل تفصيلي مع الشرح والصور الإيضاحية الملونة على مدونات الإنترنت. وتسمى «تعلم أحدث طرق الاستجرار من الشبكة على يد حكماء الكهرباء» وتضع هذه المدونات عناوين لموضوعات ذات روابط بالسرقة، ومقالات حول أكثر من طريقة، وملاحظات لتجنب الوقوع في «شرك» الطوارئ -كما تسميهم المدونة- ومن يدخل إليها ويطلع عليها يدرك بحق أنها منهاج متكامل ومتراكم.
- وفيما يتعلق بالتعدي على الشبكة الهوائية، فالمواطن ابن المناطق العشوائية «بالفطرة» يتقنها؛ وذلك بتعليق سلك كهربائي على الشبكة أو على الأعمدة الموجودة على الأسطحة. ويوضح حنجر: «خطورة هذه الطريقة تفوق سهولتها ومكسبها من الكهرباء المجانية. لذا، وحرصاً على سلامة المواطن أولاً وعلى المال العام في المقام الثاني، تعمل الشركة على استبدال هذه الشبكات الهوائية بكابلات معزولة وشبكات أرضية».
ومن جهة أخرى، تكيّفت سرقة منازل عدة للكهرباء في مناطق نظامية -بحسب شيخاني- «مع مواعيد خروج الضابطة العدلية في جولاتها، حيث يترك أصحاب هذه المنازل العداد يعمل بصورة طبيعية أثناء الدوام الرسمي، ليتمَّ إيقافه ابتداءً من الرابعة بعد الظهر». وهذا يعني أن هناك «ثغرة» في جدية تطبيق نظام قمع السرقات.. و»إذا عرف السبب بطل العجب» كما يقال. فكما أنَّ جهاز الشرطة مستعد في أيّ لحظة لقمع السرقات العينية، فإنَّ دوريات إضافية لقمع سرقات الكهرباء مطلوبة للعمل بورديات مسائية، وخارج أوقات الدوام الرسمي.
- وحسب مصطفى شيخاني فإنَّ معالجة المخالفة تتمّ بإزالتها أولاً ثم استبدال العداد الكهربائي القديم بعداد جديد، وتنظيم ضبط، والإحالة إلى القضاء. كما أجاز القانون 26 قطع التيار الكهربائي فور ضبط المخالفة، حتى يتمّ تسديد (المقطوعية) المترتبة والأضرار الناتجة عن الاستجرار غيرالمشروع. ويبقى الحقّ العام بمتابعة الضبط من قبل قسم خاص في كلّ شركة.
والمقطوعية -كما يعرفها عبد الله حنجر- هي «العقوبة المفروضة بحقّ المخالف، استناداً إلى مدتها، والتي تعتمد اللجنة فيها على الدورة الكهربائية، التي ينخفض فيها استهلاك المشترك، وبالتالي انخفاض قيمة فاتورته عما هو معتاد. ويتمّ تقديرها من قبل لجنة تحديد المقطوعية وفق دليل تقدير المقطوعية المرفق للقانون 26 لعام 2003 وتعديلاته بالمرسوم 60 لعام 2005». بموجب هذا الدليل يقول شيخاني: «يتمّ احتساب الكمية الكهربائية المسروقة وغرامتها، والتي تعدّ رقماً ثابتاً، حيث يقدر الاستهلاك للعداد المنزلي بـ20 ك وس يومياً، وللعداد التجاري أحادي الطور 30 ك وس يومياً، وللعداد ثلاثي الطور التجاري 45 ك و س». وبذلك فإنَّ قيمة الدورة الكهربائية عن شهرين، وفق هذا الدليل، تحسب على الشكل التالي: «60 يوماً× 20 كيلو استهلاك منزلي وتساوي 1200ك و س، يحذف منها الاستهلاك المسجل لدى المشترك في الفاتورة الكهربائية، ثم يضرب الناتج بأعلى سعر للشريحة المنزلية (7 ليرات). أما مدة السرقة فترجع إلى لجنة المخالفات التي تقدّرها (ضميرياً) بدءاً من انخفاض قيمة استهلاك المشترك عن الفواتير السابقة المعتادة».
وتسمي شركات الكهرباء هذا النوع من السرقات بـ»ضبط مشترك»؛ أي التي تترتب على مواطن مشترك بعداد مع الشركة ولكنه يستجرّ من الشبكة بشكل غير مشروع.
- يقرّ عبد الله حنجر بارتفاع نسبة فاقد الدورة الأولى لعام 2009 إلى 26 % وفاقد الدورة الثانية إلى 23 % والدورة الثالثة إلى 22 %. معظمها فاقد تجاري نتيجة سرقات وتعديات من قبل مواطنين على الشبكة، فضلاً عن النمو السكاني الكبير، ووجود محطات قديمة تحتاج إلى عمليات صيانة ضخمة لكي تتمكن من أن تعطي طاقتها بشكل كامل.
ويعرف عبد الحليم قاسم (معاون الوزير) الفاقد الكهربائي: «هو الفرق بين الطاقة الكهربائية المعدة للاستهلاك على مختلف التوترات والطاقة المُباعة فعلياً لدى فئات الاستهلاك المختلفة. ويتكوّن من فاقد فني وفاقد تجاري وفاقد الاستجرار غير المشروع بسبب السرقات والتعدي على الشبكة».
وإذا أخذنا في الاعتبار إحصاءات وزارة الكهرباء (أنّ الاستهلاك هو لكل ما ينتج محلياً (7000) ميغاواط، وما يستورد بحدود (1000) ميغا واط) فهذا يعني أنَّ هناك (2000) ميغاواط فاقد مهدور، أي ما يعادل تقريباً (32) مليار ل.س؛ إذا كان متوسط حجم الفاقد 25 %.
- ديون مؤسسات القطاع العام لشركة كهرباء دمشق هذا العام مليارا ليرة سورية، سوف تدفعها الدولة إلى الدولة عبر قانون تسوية ديون سيصدر خلال أشهر قليلة. أما المواطنون ومتابعتهم فمن أصل 6820 ضبطاً لم يتمّ تحصيل المقطوعية إلا من 1000 ضبط فقط. ويرجع عبد الله حنجر ذلك إلى الروتين القضائي الذي يحوّل في أحيان كثيرة دون تطبيق عقوبة الحبس في حقّ المخالفين».
وحتى لو نفت وزارة الكهرباء وجود أيّ علاقة بين الاستجرار غير المشروع من قبل المنازل والمنشآت الاقتصادية الكبيرة والتقنين الذي عانى منه جميع المواطنين هذا العام (النظاميين والمخالفين)، وحتى لو أرجعته إلى مجرد طلب تقدّمه مؤسسة التوليد إلى مؤسسة التوزيع التي تستجيب وتقنّن لتلافي حدوث عجز.. فإنَّ المنطق يقول إنَّ الضغط على الشبكات ومراكز التحويل، بما يفوق قدرتها على التحمل بسبب الاستجرار الزائد، يتسبّب في انقطاعات مستمرة للتيار الكهربائي وحرقٍ لمحطات عدة وخروجها من الخدمة.
وحتى هذه السنة تمَّ تركيب 7000 عداد في دمشق وحدها. يدفع المواطن نفس رسم الاشتراك عند شراء عداد ميكانيكي أو إلكتروني. ولكن معظم المواطنين يتهرّبون من العداد الإلكتروني لأنه أكثر دقة أو لأنهم يضعون في نيتهم مسبقاً قرار السرقة.. فالعداد الميكانيكي يسمح أكثر بالتلاعب.
- جرى الحديث هذا العام، مطولاً و «بسرية»، عن مشروع قانون يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في قطاع الكهرباء. ولكن، يؤكد عبد الحليم قاسم (معاون الوزير) أنَّ «هذا التدخل من القطاع الخاص لن يسمح له بالخروج من إطار التشاركية. وبذلك لن يصل أبداً إلى خصخصة قطاع الكهرباء».
فالهدف من المشروع -كما يضيف قاسم- «إفساح المجال أمام القطاع الخاص وإعطاؤه دوراً للاستثمار في مجال الكهرباء، انطلاقاً من حقّه وواجبه في المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني عبر هذا القطاع».
وتعطي الوازرة بذلك تطمينات للمواطنين بأنَّ تعرفة الكهرباء هي خط أحمر ولن يُسمح للقطاع الخاص، مهما كان حجم مساهمته، الاستثمارُ في الكهرباء بتحديدها مزاجياً، لأنَّ التعرفة قرار سياسي اقتصادي بالدرجة الأولى». وهذا ما أسماه عبد الحليم قاسم «الدعم الأبدي لتعرفة الكهرباء من قبل الدولة».
ويبقى التساؤل يدور تائهاً حول آلية مساهمة القطاع الخاص في هذا القطاع، الذي تُعتبر دورة رأس ماله طويلة، لا يأتي هامش الربح منها قبل عشرين عاماً على الأقل!..
يقول القاسم: «حالياً لدينا استطاعة 7800 ميغاواط ساعي ونعمل لإضافة 400 ميغاواط ساعي، ويبقى الاستثمار من قبل القطاع الخاص أيسر من الدولة، من ناحية التقيد بالأنظمة والقوانين والتكلفة الباهظة للاستثمار في الطاقات البديلة (الشمس والرياح) محطة توليد الطاقات المتجددة. الحكومة لا تغامر بنفس إمكانات مغامرة القطاع الخاص». في حين يرى خبراء اقتصاديون، فيما يخصّ موضوع نية الحكومة في التوجه إلى القطاع الخاص لإيجاد حلّ أنه «الخيار الأمثل في مثل هذه الظروف التي تمرّ بها الوزارة والتي تتطلب ضرورة تدخل القطاع الخاص ابن البلد في استثماراته الخاصة لرفع كتف عن الدولة».
ربما لن يلتفت المواطن إلى كلّ ما تقوله الحكومة، وإلى كلّ ما يراه الخبراء الاقتصاديون.. حيث يقول كلمته: «الآتي أعظم».
- في استبيان قامت به الجمعية الوطنية للتوعية الاجتماعية عن ترشيد الهدر في سورية، تمَّ توجيه سؤالين إلى عينة من 500 مواطن. كان السؤال الأول حول نسبة الهدر في مجال الكهرباء في أسرهم، فجاءت الإجابة بنسبة 26 % . أما السؤال الثاني فكان: هل تستخدم في منزلك «لمبات» توفير الطاقة؟.. فأجاب 51 % منهم بكلمة «لا».
إذاً هناك مشكلة كبيرة؛ المواطن يعرف أنَّ هناك هدراً ويقبل به ولا يحاول ترشيده. ومن أكثر أشكال هذا الهدر ترك المصابيح مشتعلة حتى في أوقات النهار، وفتح المذياع أو التلفاز حتى لو لم نكن نستمع ونشاهد.. فضلاً عن هدر من نوع جديد بعدم استخدام الطاقة الشمسية.
التوفير في استهلاك الكهرباء هو ترشيد للهدر وليس ترشيداً للاستهلاك وحرماناً للمواطن من حقّه في الطاقة؛ لأنَّ ترشيد الهدر بهذا المعنى من مؤشرات النمو، لأنه يدل على إحساس الإنسان بأخيه الإنسان، ومن خلاله تحصل الدول على اقتصادات قوية وتحقّق أهدافها في التنمية.
- تقدّم أحد المواطنين بشكوى إلى شركة كهرباء ريف دمشق، اعترف فيها بسرقته الكهرباء من شبكاتها طوال سنتين. وطالبها بتركيب عداد إلكتروني ليرتاح من تأنيب الضمير، ومن تكرار انقطاعات الكهرباء. ولكن، الشركة ردّت بالتريّث لعدم وجود عدادات.
تابعنا الموضوع، فتبيَّن أنَّ هذا المواطن يقطن في مشروع سكني نظامي، يقيم فيه 60 مواطناً، وتمَّ بناؤه قبل 4 سنوات على مرحلتين، حيث لم يلتزم صاحب المشروع في المرحلة الأولى ببناء محطة تحويل. ومنذ ثلاثة أشهر فقط أنهى المتعهد الثاني من بناء خزاني كهرباء بقيمة 2 مليون ل.س وسلّمها إلى الشركة لتغذي المنطقة من خلالها. والسؤال: لماذا مرَّ هذا المشروع مرور الكرام من أمام البلدية وشركة الكهرباء.. وبالنتيجة حصل استجرار غير مشروع لمدة سنتين؟ باختصار، كلّ من البلدية والوزارة يلقي باللوم على الآخر. فالبلدية، التي يتبع لها هذا المشروع، رفعت المسؤولية عن كاهلها في حجم الفاقد الكهربائي، لأنها قامت بواجبها في تأمين مرافق للمشروع. ووزارة الكهرباء لا تعتبر ذلك تقصيراً منها، لأنَّ البلدية لم تطبق التعليمات الصادرة عن الإدارة المحلية وعن رئاسة مجلس الوزراء بالتنسيق بينها وبين الشركة لإلزام المتعهد، قبل إعطائه رخصة البناء السكني، بإنشاء محطة تحويل.
وفي المحصلة الجهتين تتفقان على أنَّ المواطن «المغفل» يتحمل الهدر والفاقد خلال هاتين السنتين. لأنه عندما اشترى الشقة لم يسأل متعهد البناء عن تمديدات الكهرباء التي تعتبر مرفق عام مثلها مثل مرفق الماء والصرف الصحي. وعندما لم يلتزم المتعهد بوعوده التي في العقد، كان عليهم أن يتقدّموا بدعوى إلى القضاء لا أن يستجروا الكهرباء بالمجان ويصمتوا عن غلطهم وجريمة من سهّل لهم».
مصطفى شيخاني قالها صراحةً: «إنَّ غياب التنسيق بين البلديات وشركات الكهرباء يخلق أزمة وعبئاً على الوزارة ويتسبّب في فقد كهربائي نتيجة الاستجرار غير المشروع».
دارين سليطن
المصدر: بلدنا
التعليقات
ليش ما يحكوا
من المسؤول يا وزارة الكهرباء عن الا
إضافة تعليق جديد