وثيقة ثانية في تركيا: الجيش يصنف السياسيين
تتوالى فصول الوثائق السرية التي ينسب إعدادها إلى رئاسة أركان الجيش التركي. وبعد انكشاف وثيقة خطة الإطاحة بحزب العدالة والتنمية ورجل الدين فتح الله غولين ها هي رسالة أخرى ألحقت بقرص صلب (سي دي) تشير إلى طريقة تعامل الجيش مع السياسيين والمعايير التي يضعها لتصنيفهم.
وكما في الرسالة الأولى فإن مرسل الوثيقة الجديدة أيضا «ضابط مجهول» يقول إن الوثيقة أنقذت من عملية المحو على جهاز الكومبيوتر في رئاسة الأركان في اللحظة الأخيرة.
وورد في الوثيقة الجديدة عدد كبير من الموضوعات منها عنوان «البنية الديموغرافية لمحافظة تشوروم» حيث فرز شامل للقرى في كل أقضية المحافظة تبعا للانتماء المذهبي والعرقي. وهي منطقة معروفة بتكاثر العلويين في بعض أقضيتها ووجود كردي جزئي. وبجانب كل اسم أو قرية انتماؤها العلوي أو السني أو التركي أو الكردي أو الشركسي وما إلى ذلك.
وتذكر الوثيقة إن مناخا من عدم الثقة يسود في العلاقة بين السنّة والعلويين القاطنين في هذه المحافظة. وتعرض الوثيقة كيف أن رئاسة الأركان كانت تدفع المال الطائل لجهات مختلفة في الأوساط الفنية والثقافية والإعلامية من اجل إعداد أفلام أو مؤتمرات لتحسين صورة الجيش وتشويه صورة الإسلاميين و«الإرهابيين».
كما دفع الجيش المال الطائل من اجل قيام البعض باستطلاعات موضوعة النتائج سلفا تعكس تخويف المجتمع من الحالة الإسلامية والأكراد. من ذلك إيراد أن نسبة ارتداء الحجاب زادت 10 في المئة، وان معلمي المدارس هم أكثر الفئات توجها نحو التدين، وان الأجانب يرون أن تركيا أصبحت أكثر تدينا وبدأت تشبه الدول العربية، وان نسبة المرتديات للحجاب بضغوط من الأهل أو المحيط أو الزوج تصل إلى 65 في المئة من المحجبات. فيما أبرزت استطلاعات أخرى أن المؤسسة العسكرية تحظى بثقة 93 في المئة من الشعب التركي، أما الحكومة ففقط بـ45 في المئة، كما أن 85 في المئة يؤيدون العمليات العسكرية ضد شمال العراق ويعارضون الحوار مع الزعيمين الكرديين مسعود البرزاني وجلال الطالباني.
والأخطر أن من بين الذين أوكل إليهم القيام بهذه الاستطلاعات احد كبار المفكرين في تركيا، وهو ايمري كونغار والمؤرخ البارز والأكثر صيتا ايلبير اورطايلي.
وكان العديد من رجال الدولة والوزراء من بين الذين تم تصنيفهم. وحول وزير الاقتصاد علي باباجان كتب انه من مريدي قورقوت اوزال شقيق الرئيس الراحل طورغوت اوزال، وينتمي إلى الطريقة النقشبندية، وخالته خديجة كانت أول امرأة في تركيا احتجت في الجامعة على منع ارتداء الحجاب داخل الجامعات.
وعن مسؤول ملف تركيا مع الاتحاد الأوروبي ايغيمين باغيش فكتب انه عمل مترجما في البيت الأبيض الأميركي لفترة طويلة. وعن النائب في حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك فجاء انه من المدرسة الراديكالية في الإسلام، وانه كردي ومن دعاة الجمهورية الثانية.
وحول وزير الخارجية الحالي احمد داود اوغلو فقد كتب (قبل أن يصبح وزيرا) انه من مؤلفي موسوعة العلوم الإسلامية التي تحط من شأن العلمانية وتعلي من قدر الشريعة، وقد نشرت من جانب دار نشر «رسالة» التي تتعاون مع منظمة دينية وكردية باسم»وحدت».
وفي وقت لاحق، أصدرت رئاسة الأركان بيانا ذكرت فيه إن جزءا من المعلومات الواردة في الوثيقة مزور، فيما الأقسام الأخرى تعود إلى ما قبل العام 2008. واعتبرت أن توقيت نشر الوثيقة مثير للقلق ويطرح علامات استفهام عديدة، مشددة على ان القوات المسلحة لن تتأثر بمثل هذه الافتراءات.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد