ندوة الاستهلاك والتنمية في الدول النامية
غلب الطابع الاجتماعي الوصفي على محاضرة الثلاثاء الاقتصادية والتي كان عنوانها الاستهلاك والتنمية للدكتور علي كنعان الذي أوضح
عقب المحاضرة ونتيجة للانتقادات التي وجهت وصبت جميعها في أن المحاضرة غلب عليها الجانب الاجتماعي بالقول: حاولت من خلال دمج مفهومي الاستهلاك والتنمية الحديث عن الجانب الاجتماعي لأن هذا الموضوع مغفل في جميع المحاضرات السابقة. وفعلاً ركزت في البداية على الجوانب الاجتماعية وكدت أنهي كذلك, ولكن أثرت أن اتحدث عن الاقتصاد كي لا يقال إنني اقتصادي ولم اتطرق إلى المسألة الاقتصادية.
بدأ المحاضر بأسئلة طرحها على بساط البحث وهي : هل تستطيع أي دولة نامية إعداد استراتيجية وطنية للتنمية وكم يستغرق انجازها في ظل الظروف الراهنة? ثم هل يمكن الاستفادة من العادات والتقاليد الاستهلاكية في الإسراع بإنجاز الأهداف.. أم أن هذه العادات تقف حجر عثرة في وجه هذا التطور?!
للإجابة على هذه التساؤلات قام المحاضر بتقسيم بحث الاستهلاك إلى أقسام ثلاثة, الأول الاستهلاك كمتغير اقتصادي وفي المرحلة التالية الاستهلاك كمتغير اجتماعي ومن ثم دور الاستهلاك في التنمية.
الاستهلاك كمتغير اقتصادي
اعتبر المحاضر الاستهلاك أحد مكونات الدخل القومي لأي بلد, كما أنه أحد أهم مؤشرات الرفاهية, حيث تتجه الدراسات اليوم لمعرفة محددات الاستهلاك الاقتصادية والاجتماعية ثم التعرف على دور العادات والتقاليد في تنمية أو تخفيض الاستهلاك? وهل يمكن الاستفادة من هذه العادات لخدمة الاستهلاك والتنمية معاً, فالادخار هو الجزء الثاني من الدخل وهو معاكس للاستهلاك.
واستعرض المحاضر نظريات الدخل والاستهلاك مبينا ان هناك نظرية الدخل النسبي لدوسنبيري والذي يفترض أن الاستهلاك يتأثر بعوامل نفسية خلال الدخل المادي.
بينما تفترض نظرية الدخل الدائم لفريد مان أن كلاً من الدخل والاستهلاك يتكون من دخل دائم وعابر وعلى هذا الأساس فإن العلاقة بين الدخل والاستهلاك هي بين الدخل الدائم والاستهلاك الدائم.
أما نظرية دورة الحياة فأبرز نتائجها العلاقة بين الاستهلاك وتغيرات وأسعار سوق الأوراق المالية فقيمة ما يحتفظ به الأفراد من أوراق مالية إنما هي جزء من ثروتهم.
يرى المحاضر أن الاستهلاك يتأثر بالعوامل الاقتصادية قبل العوامل الاجتماعية ويمكن أن تؤدي العوامل الاقتصادية لذوبان العوامل الاجتماعية وأهمها: مستوى الدخل.
فكلما ازداد الدخل يزداد الاستهلاك وأيضاً يؤدي التضخم لارتفاع المستوى العام للأسعار وبالتالي تنخفض القوة الشرائية للدخل وينخفض الاستهلاك كما أن سعر الفائدة ا لمرتفع يشجع على الادخار والمنخفض يشجع على الاستهلاك.
الاستهلاك بمفهومه الواسع يتضمن الاستهلاك الشعبي والاستهلاك الحكومي والدول النامية ومنها سورية تعاني من تدني حجم الاستهلاك وحجم الاستثمار فأي المتغيرين ينبغي على الدولة دعمه?!
ويلاحظ أن الاستهلاك الشعبي قد تزايد من 66,5% عام 1995 ليصل إلى 75,4% عام .1999 ثم تراجع فيما بعد ليصل عام 2004 أدنى مستوى له 61% وتزايد الاستهلاك الكلي الحكومي والشعبي ليصل إلى 86% عام 1999 ثم تراجع ليصل إلى 76% عام 2004 ويعود ذلك لدخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود وأيضاً دخول الاقتصاد السوري مرحلة الركود في بداية 1999 نتيجة تراجع أسعار النفط وتراجع معدل النمو 1,9%.
وأيضاً ظهور مواسم زراعية رديئة نتيجة الجفاف 1999-2000 وثبات الأجور طيلة عقد التسعينيات وحتى أواخر عام 2000 وتراجع الإنفاق الحكومي, وهذه الأسباب توضح انخفاض أو تراجع حجم الاستهلاك الشعبي والاستهلاك الكلي.
وتعذر على المحاضر عرض الجداول الاحصائية لعدم توفر جهاز العرض في المركز و تحدث بعجالة عن نتائج قراءة الجداول الاحصائية وتحدث عن العلاقة بين الاستهلاك والطلب الكلي .
بين المحاضر أن تقرير الأمم المتحدة الإنمائي أشار إلى أن 11,4% من سكان سورية تحت خطر الفقر أي حوالى /2/ مليون نسمة أي يحصل الفرد منهم على /1458/ ليرة شهرياً وحداً أعلى للفقر /2052/ ليرة ويصل السكان تحت خط الفقر الأعلى 30%.
وحول الاستهلاك ودور الدولة يلاحظ أن دور الدولة مستقر بالزيادة فقد تضاعف نصيب الفرد من الخدمات الاجتماعية في حين ازداد عدد السكان بمقدار /4/ ملايين نسمة وذلك خلال الفترة 1995 -2005 وهذا يتطلب زيادة في حجم التدخل الحكومي, بينما لم يتجاوز حجم الانفاق العام 30% من حجم الناتج.
وعرض المحاضر فكرة للمناقشة وهي تأجيل الاستهلاك تنمية للغد وهي مقولات آسيوية يقابلها مقولات معاكسة في أوروبا استهلاك اليوم هو تنمية للغد والمبدأ الآسيوي تأجيل استهلاك اليوم هو تنمية للغد أي إذا خفض المواطنون استهلاكم فإن السلع سوف تعد للتصدير وإذا أجل المواطنون استهلاكهم فسوف يزداد ادخارهم وهذا ما نجده في التجربة الماليزية.
وأعرب المحاضر عن إعجابه بالتجربة الماليزية وتساءل أي النموذجين يمكن لسورية الاقتداء به النموذج الآسيوي أم الأوروبي ورأى أن سورية أقرب في عاداتها وتقاليدها لدول جنوب شرق آسيا أكثر من قربها من أوروبا.
ولكن ثمة تساؤل مشروع هل يقبل المواطن السوري تأجيل استهلاك اليوم بهدف استهلاك وفير في المستقبل.
الدكتور رياض الأبرش انتقد بشدة المحاضر ورأى أن المحاضرة أعدت على عجل وغابت عنها لغة الأرقام والتحليل وأشار إلى أن الأرقام أسطورية وغير صحيحة, وعارض المحاضر أن الصناعة قاطرة النمو ووجد في ذلك غمزاً من قناة الذين يرون أن النمو ممكن بالاعتماد على السياحة أو الزراعة.. ورأى أن لسورية تجربتها الذاتية الخاصة ولسنا مضطرين للاقتداء بتجارب الغير.
- هائل أبو ترابة لم تعجبه نسبة الفقر المحددة ب 30 بالمئة وقال للمحاضر لماذا حددتها هكذا.
عماد الدين مصبح رأى أن الجميع يهاجم المحاضر وأنه الأولى بالهجوم كونه استاذه في الجامعة فقال: أريد أن أنوه إلى ضرورة التفريق بين النمو والتنمية.
غسان قلاع أشار إلى أن التنمية والنمو لا يشعر بهما المواطن إلا عندما يستطيع أن يشتري عدداً من السلع بالنقود التي يحملها.
سوسن خليفة
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد