ناهض حتر.. أمة بكاملها ساهمت بقتلك
الحركات الاسلامية التي هددت بقطع أيادي الحركة الشعبية الاردنية ابان انتفاضة الخبز والديمقراطية التي قام بها الشعب الاردني في آب 1996 ، قدمت حينها الدعم غير المشروط لحكومة جاءت على إيقاع وادي عربة والتصعيد الأميركي ضد العراق . هم نفسهم، وبذات الافكار السلفية الغارقة في الغيبية، أول من تحالف مع الأجهزة الأمنية الاردنية ووشوا بمئات الشيوعيين واليساريين، عدى عن أنهم تحالفوا مع الأميركيين بهدف تجنيد الشباب لـ”الجهاد” في افغانستان.
الأصوليون عينهم قتلوا يوم امس الصوت اليساري الكبير ناهض حتر.. فهل صحيح ان ناهض قد اغتيل يوم امس؟؟
عندما يفضح ناهض حتر هذه الحركات وداعميها وحلفائها، في مقال كتبه عام 2010 قال فيه أنّه “خلال العقد الماضي ، لم يشارك ” الإخوان” في أي نضال جماهيري شعبي ضد الخصخصة واللبرلة والاعتداء على قوت الشعب وحرياته. وبينما تخصصوا بالعمل في مساندة حركة ” حماس” وانشق بعضهم على بعض على هذه الخلفية، وانشغلوا عن شؤون الأردن بشؤونهم، ولم يروا أو يدعموا أو يتعاطفوا مع مطالب الحركات الشعبية الجديدة من الاعتصامات العمالية وتحركات المعلمين والمتقاعدين العسكريين والقضاة وشباب الحركة الوطنية، بل وقفوا على طول الخط ، صقورا وحمائم، ضد الحركة الوطنية ومطالبها، سواء السياسية المتعلقة بقوننة فك الارتباط أو الاجتماعية أو النقابية”. يتابع حتر في ذات المقال : “لعب “الإخوان” في نهاية السبعينيات دورا اساسيا في تخريب العلاقات الأردنية ـ السورية عبر تحويل ” الديرة ” ـ حسب تعبير الراحل الملك حسين حسين ـ إلى معسكر تحشيد وتدريب للعناصر الإخوانية التي ارتكبت أفظع الجرائم ضد الشعب السوري الشقيق”.
من البديهي ان حتر اليساري العلماني، الذي لطالما عبر عن موقفه المؤيد لسوريا الدولة والنظام، معارضاً التدخل الخارجي و”الثورة” التي خرجت من الجوامع ورافضاً العدوان على سوريا، لا شك في أن هذا النبيل الغارق بالانسانية، سيصبح هدفاً لكل ملتحٍ سلفي يصفق اليوم لما يجري في سوريا، لا بل ويهلل لانجازات “داعش ” الدموية اليومية. كيف لا، وهو من فضح تعاون هذه الفصائل والتنظيمات بكافة تلاوينها مع الولايات المتحدة ومع السلطات والانظمة الملكية ضد الشعوب الفقيرة.
ناهض حتر الذي انضوى في صفوف الحزب الشيوعي الاردني، من خلال اعجابه بالدكتور يعقوب زيادين، الانساني بامتياز، والشاعر وصفي التل الخلوق المتمادي بدماثة خلقه، وغيرهم، يقول ناهض في مقالة له كتبها كتحية للدكتور زيادين ” حين ذهبت إلى “الدكتور”، أسلّم عليه، وأرجو معالجتي من آلام شديدة نجمت عن تعرضي للضرب المبرح بالعصيّ أثناء اعتقالي، كانت شمس الخريف تأتي من نافذة العيادة خفيفة بالكاد تضيء وجهه السمح. وكان عطوفاً معي كأب. شجعني وهوًّن عليّ. وعندما شرحت له ما حدث معي قال: «الوحوش».. وكأنه تذكّر، في لمحة واحدة، مقاطع من التعذيب الجسدي الذي عرفه في المعتقلات. أنموذج د. زيادين هو الذي شدّني للاقتراب المبكر من الشيوعيين”.
لقد كان ناهض جرساً يصرخ في البرية الملكية الموحشة، والمليئة بذئاب السلفية الغرائزية، التي قتلته طلقاتها يوم أمس، بعد أن كانت اعتقالات وتعذيب وملاحقات اجهزة المخابرات الاردنية قد قتلته قبلها مئات المرات. تلك الاجهزة العاجزة عن مجرد قول كلمة واحدة في وجه ضباط الاستخبارات الاسرائيلية التي تسرح وتمرح في العقبة وجبل عمان.
اذهب يا رفيقي، وزميلي الغالي. نم قرير العين، واذهب عميقاً في دمي، لأنه قد ارتاح منك “الإخوان المسلمين” في الاردن وخارجه، ارتاح منك الملك الصغير، وحلفائه من الاميركيين والاسرائيليين، وما أكثرهم!
ارتاح من ضجيج قلمك أشباه اليساريين والقوميين واجهزة مخابرات بلدك. ارتاحت منك امة بكاملها ساهمت بقتلك، منذ عشرات السنين، وبعشرات الطرق والاساليب. فمن حاول كم فاهك، ومن أصدر أمراعتقالك، مروراً بمن كان يخاف من شمس كلمتك، فأفتى بتكفيرك.. كيف لا وانت اليساري والمسيحي، اي أن كفرك مزدوج، وصولاً الى من قال أنك مثير للنعرات المذهبية والعنصرية.
سيتذكرك هاشم غرايبة وعصام التل وسعود قبيلات وخالد مساعدة، وكل شريف صاحب مبدأ وعاشق للحرية.. وداعاً ايها الفارس.
فادي نصار: روسيا الآن
إضافة تعليق جديد