مغازلة النجومية في الانتخابات الكويتية
لا تخلو انتخابات برلمانية من نوادر تلطّف أجواء المزاحمة الملبّدة، وتعكس نماذج طريفة عن مرشحين يجد بعضهم في الانتخابات فرصة للقاء الاضواء ومغازلة النجومية. ولانتخابات مجلس الامة الكويتي المقررة في 29 حزيران الحالي، نصيب وافر في هذا المضمار. بل إن للبنان من هذا النصيب حصة خاصة.
ففي مطلع حزيران الحالي، نشر المرشح في دائرة خيطان الانتخابية الرابعة عشرة، محمد الجويهل، إعلاناً على مساحة نصف صفحة في إحدى الصحف الكويتية بعنوان <نيابة عن المستضعفين والعاطلين عن العمل>. ودعا الجويهل في إعلانه <من يجرؤ> من قائمة نواب سابقين مرشحين ضده في خيطان، إلى مناظرة علنية <لطرح ومناقشة بعض الامور التي تخفى عن عامة الشعب>. ووجه إلى هذا الاخير <دعوة عامة> لحضور المناظرة. وتتكشّف أهمية <عمومية> الدعوة في <ملاحظة> عجيبة ذيّل المرشّح الكريم إعلانه بها: <من يحتفظ بالاعلان من السادة الحضور فسيدخل السحب على ثلاث شقق في لبنان>!
والمرشح جويهل هو شاب في السابعة والثلاثين من عمره، بات معروفاً في المجتمع الكويتي بوصفه <مثيراً للجدل>. درس الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى، وعمل موظفاً في بلدية الكويت، ويحظى بتاريخ <نظيف>، باستثناء: شطبه في انتخابات مجلس الامة السابقة بسبب <إعلان غير قانوني>، بالاضافة إلى.. <إزعاج هاتفي>.
وقد أثار الاعلان استهجان العديد من الكويتيين الذين طالبوا السلطات بشطب ترشيح الجويهل، للدورة الثانية على التوالي، وحماية وجه الكويت من <فضائحه>.
موسم <المواشي>
ويبدو أن الانتخابات الكويتية عادت بالفائدة على تجار المواشي، حيث شهدت أعمالهم ازدهاراً بفضل الطقوس الانتخابية التي تزدان موائد مرشحيها ومآدبهم <الدعائية> بلحوم الأغنام، وخاصة طبق <القوزي> الشهير. وكانت تجارة المواشي تعاني ركودا دورياً في هذه الفترة من السنة، بسبب سفر المواطنين وطبيعة المناخ الحارة، فجاءت الانتخابات لتقلب الموازين.
وقد ذكرت وكالة <كونا> الكويتية الرسمية أن أسعار الجمال والخراف العربية الحية زادت منذ إعلان حلّ مجلس الامة في 21 أيار الماضي، وأن رؤوس الأغنام المتوقع بيعها في يوم الاقتراع <تزيد على ألفي رأس>، حتى أن البيع <يكون عادة بواسطة المزاد>! وأشارت الوكالة إلى أن تجار المواشي والاعلاف دأبوا على تسمية موسم الانتخابات ب<عيد أضحى ثانٍ للبلاد>.
وفي اقتباس من <المواشي>، انتشرت في مناطق الدائرة ,24 أي في الفحيحل والمنقف وفرين، إعلانات ساخرة تحذر من ظاهرة شراء الاصوات بأسلوب طريف، مثل: <هل ترضى أن تكون خروفاً؟> أو <هل ترضين أن تكونين رخلة (أنثى الحمل)؟>، مع الاشارة إلى أن: <سعر الخروف وصل إلى 1500 دينار> أو <سعر الرخلة وصل إلى 500 دينار>. وقد بات الخروف رمزاً لصوت الناخب الكويتي، فيما يقصد ب<الرخلة> صوت الناخبة.
وتبارى كتّاب ورسامو الصحف الكويتية على التندّر بظاهرة شراء الاصوات، التي باتت من بديهيات ولازمات الانتخابات في الكويت. وفرضت هذه البديهة نفسها بقوة لدرجة أن صحيفة <الوطن> أطلقت في موقعها الالكتروني، استطلاعاً حول: <ما هي الدائرة التي تتوقع فيها أعلى نسبة لشراء الاصوات؟>!...
وإلى جانب مضمونها الذي صار موضوعاً شهياً لسخرية النقاد وهواة المدونات الالكترونية، انتشرت ظاهرة اللافتات الانتخابية بشكل خرافي منذ الساعات الاولى لاصدار القرار الاميري بحل مجلس الامة. واكتظت شوارع الكويت وساحاتها بملايين اللوحات واليافطات والصور من جميع الاحجام والالوان والابداعات، وبمسافات قريبة الواحدة من الاخرى. وظهر وجه المرأة الكويتية في سياق سياسي للمرة الاولى: بعضهن متبرّج ومتأنّق، والاخريات تكاد وجوههن تخلو من أي زينة، وإحداهن تطالعك بنظرتين ثاقبتين.. من فوق البرقع.
ووصل الامر ببعض الصحف لأن تجري استطلاعاً حول الصور الانتخابية الاكثر <شعبية>، وتخصص في صفحاتها الالكترونية حيّزا للفضوليين للاطلاع على خلاصة <أذواق> الكويتيين.
نسويات
في هذه الاثناء، خلّفت الفتوى المثيرة للجدل لعميد كلية الشريعة الدكتور محمد الطبطبائي، حول أن <الزوج اذا ما علّق طلاق زوجته بالتصويت لمرشح ما فإن الطلاق يكون واقعاً حتى وان خالفت سرا>(!)، زوبعة احتجاج في أوساط الكويتيات. وتساءلت هؤلاء، بمن فيهن الوزيرة معصومة المبارك، عن الجدوى من منح المرأة الكويتية حقوقها إذا كانت ستربط بقرار الرجل تحت طائلة التهديد ب<خراب بيتها>.
وقد بدأت ثمار الفتوى بالظهور عبر خبر نشرته <الوطن> في الاسبوع الماضي، ذكرت فيه أن رجلا تشاجر مع زوجته حول خيارها الانتخابي، ما أدى إلى انفصال الزوجين وإن لم يقع الطلاق الرسمي بعد.
وبما أن الغيرة والانوثة صنوان لا يفترقان، لم تخلُ تداعيات الطبيعة الانثوية المستجدة على الانتخابات الكويتية من منغّصات <خاصة>، حيث أوردت <السياسة> في زاوية <كواليس انتخابية> في الاسبوع الماضي، خبراً طريفاً حول رفض زوجة أحد المرشحين رفضاً باتاً أن يشكّل زوجها لجنته الانتخابية النسائية، أو يجتمع بها، سوى في منزل الزوجية وتحت بصرها: <كي لا يقع في المحظور>!...
ديالا شحادة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد