مسيحيو العراق يعيشون معاناة مضاعفة
تفاقمت المعاناة الإنسانية لعدد من الأقليات الدينية في العراق مع تصاعد العنف والتدهور الأمني، إذ أقبل المسيحيون العراقيون مثلا على الهجرة إلى الدول الغربية.
وقال فادي توما الشماس بإحدى الكنائس في ضواحي بغداد إن عدة آلاف من العائلات المسيحية التي لم تتمكن من الهجرة إلى أوروبا فضلت التوجه إلى شمال العراق مستفيدة من حوافز خاصة بالمسيحيين كانت الإدارة في إقليم كردستان تبنتها منذ خريف 2004.
وتشمل هذه الحوافز منح 85 دولارا شهريا لكل شخص، إضافة إلى منح العائلة قطعة أرض سكنية في المنطقة التي كانت نزحت منها أصول العائلة في القرى المسيحية في محافظات السليمانية وأربيل ودهوك.
وأكد فادي توما أن المسيحيين في العراق يعيشون أزمة مزدوجة نشأت بعد الإطاحة بحكومة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في الغزو عام 2003. وأوضح أنهم يشاطرون بقية العراقيين الهموم العامة التي يعيشونها، وهي فقدان الأمن والبطالة وغيرها من المشكلات السياسية والمعيشية والنفسية.وأكد رجل الدين أن المسيحيين يتعرضون أيضا إلى مضايقات وصلت في بعض الأحيان إلى القتل تحت وطأة ما وصفه بالتطرف الديني والمذهبي السائد في العراق حاليا.
وقال "أجبرنا تحت ضغط عوامل مختلفة على إغلاق المعهد الكلداني الكهنوتي في مدينة بغداد"، وهو معهد ديني خاص يدرس فيه الطلاب أصول الدين المسيحي. وأضاف أنه تم أيضا إغلاق الكلية الدينية الخاصة وكذلك مدارس ابتدائية ورياض أطفال ببغداد، بعد تعرض كنائس لهجمات بسيارات مفخخة وبالأسلحة الخفيفة، وأشار إلى أن المعهد والكلية نقلا إلى مدينة أربيل أوائل يناير/كانون الثاني الماضي.
وروى مسيحيون ما قالو إنها مضايقات تعرضوا لها. ووفقا لرواية سيدة مسيحية تدعى ميرنا (38 عاما) فإن زوجها إبراهيم (45 عاما) أجبر على اعتناق الإسلام بعد أن تم قتل شقيقه الأكبر في إحدى مناطق بغداد على يد جماعة مسلحة، وقالت إن المسلحين اعتادوا اقتحام مسكن العائلة بالقوة كل ليلة ومشاركتها الطعام والمبيت في معظم الليالي في المنزل.
وقبل أن تستقل الحافلة إلى شمال العراق رفضت السيدة المسيحية أن تفصح عن مكان زوجها وموقفه منها ومن أولاده, ورفضت أيضا أن تجيب على سؤال عما إذا كان الزوج سبقها في الرحيل إلى الوجهة التي تقصدها في الشمال أم أنه تخلف عنها.
وكانت صحف عراقية مقربة من الحكومة تناقلت الأسبوع الماضي خبرا يقول إن ستة مسيحيين قتلوا وإن عائلات عدة أجبرت على الهجرة خارج العديد من مناطق العاصمة العراقية بعد أن طالبتهم جماعات لم تحددها المصادر الحكومية بتغيير دينها.
في حين تعرضت جميع محال بيع الخمور في بغداد والتي يملكها في الغالب أو يعمل فيها مسيحيون إلى هجمات مسلحة سقط فيها قتلى وجرحى، وأجبر ذلك المئات منهم على ترك مهنة بيع الخمور علنا.
أما في وسط بغداد فإن نادي الهندية -معظم أعضائه من المسيحيين- لا يزال مستمرا في استقبال من تبقى من زبائنه الذين لا تتجاوز أعدادهم العشرات بعد أن كان النادي يضيق بالآلاف منهم خاصة أيام الأعياد والعطل وأيام نهاية الأسبوع.
ووفق إحصائيات غير رسمية، يبلغ عدد المسيحيين في العراق نحو مليون وسبعمائة ألف إضافة إلى نحو 630 ألفا يعيشون في الخارج.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد