مركز اللقاء الأسري في حلب: ضيق في المكان والزمان
لظرف اجتماعي طارىء في حياة الأفراد ومن المفترض أن يكون للضرورة القصوى أوجد مركز اللقاء الأسري في حلب. ولكن للأسف فقد ازدادت أعداد رواد هذا المركز من العائلات المنكوبة حتى ضاق المكان بهم وضاقوا هم أيضاً بالمكان.
لإلقاء مزيد من الضوء على هذا المركز التقينا أولاً بمدير المركز السيد /محمد حلو/ وسألناه عن زوارهم من حيث العدد والسوية الثقافية فقال:
في أواخر عام 1999 تأسس مركز اللقاء الأسري والذي استحدث لمشاهدة الأولاد الذين شاءت الظروف أن تفرّق بين والديهم إما بالانفصال النهائي أو المؤقت فيستقبل المركز تلك الحالات على مدار الأسبوع وبمعدل كل ساعتين (10) حالات من الأطفال الرضع وحتى عمر (18) عاماً, هذا بالنسبة للأيام العادية أما يوم السبت فترتفع النسبة لتصل إلى 30 حالة كل ساعتين وهذا ينطبق على المنفصلين بشكل مؤقت, أما المطلقون فيسمح القاضي للطرف غير الحاضن بقضاء أولاده معه مدة (24) ساعة كل شهر وتواجهنا مشكلات كبيرة لدى انقطاع أحد الوالدين عن رؤية أولاده لفترة زمنية أحياناً قد تتجاوز خمسة الأعوام وبعد انقضاء تلك السنين يتذكر أن له أولاداً يريد رؤيتهم فينفر الأولاد منه أو منها ويرفضون التعامل معهما بشكل نهائي.
وعن عدد المفات أو الحالات التي تم تسجيلها خلال العام الماضي يضيف السيد /حلو/ قائلاً: بلغ عدد الملفات في عام 1999 - 326 ملفاً بينما ارتفع عدد الحالات في عام 2007 إلى 1243 ومع أننا الآن في الربع الأول من عام 2008 فقد وصل عدد الحالات إلى (900) حالة أي بزيادة فائقة.
أما نسبة الرجال الحاضنين فقد بلغت (364) ملفاً بينما بلغت نسبة النساء الحاضنات (517) ملفاً.
وعن الاقتراحات التي تساهم في تذليل بعض الصعوبات التي تواجههم كإدارة يقول السيد حلو:
نحن بحاجة إلى مكان أوسع من هذا وأتمنى أن تقتصر الإراءة على الأولاد الذين تبلغ أعمارهم السنتين فما فوق وأن يتم إحضار الأولاد من قبل الوالدين حصراً وأن يتم إحداث صندوق تعاوني لمساعدة بعض الأمهات الراغبات بحضانة أطفالهن ولكن سوء أحوالهن المادية وضعف أجور النفقة يمنعهن من ذلك.
- السيد أحمد أمين الاختصاصي الاجتماعي يقول :نحن نعتبر أن كل طرف يأتي إلى هنا يكون محملاً بالضغوط فالأزواج من كلا الطرفين مشحونون ومتنفس الانتقام من بعضهما يتم عبر الأولاد, حيث يتم القيام بحشو أفكار سلبية في أذهانهم وهذا أمر عواقبه وخيمة ويؤثر على نفسية الأولاد في الحاضر والمستقبل ولقد أشارت نتائج دراسة قمتُ بها من خلال تواجدي في هذا المركز إلى وجود بعض العوامل المحرضة على الخلافات منها:
1- قصر فترة الخطوبة حيث بلغت نسبة المطلقين 62,5 من الذين تراوحت نسبة خطوبتهم ما بين يوم إلى ستة أشهر.
2- صغر سن الزوجين بشكل عام والفتيات بشكل خاص, حيث بلغت نسبة الزوجات الصغيرات 19,30% ممن تتراوح أعمارهن بين 12-15 عاماً.
و 45% ممن أعمارهن بين 16 - 20 عاماً.
3- تدخل أهل الزوجين حيث بلغت نسبة الخلافات لهذا السبب 30.1% ومن المؤسف ارتفاع نسبة الطلاق في المستوى الجامعي قياساً مع بقية الفئات حيث بلغت 17%.
وعن الاقتراحات يضيف السيد /أمين/ قائلاً: أقترح إنشاء مكتب بحث اجتماعي مقره في المحكمة الشرعية بحيث يقوم الخطيبان بمراجعته قبل عقد القران للتأكد من موافقة الزوجة والوقوف على مدى التناسب بينهما بشكل عام.
أما بعد الزواج فيمكن لهذا المكتب أن ينجح دوره في التوفيق بين الزوجين المختلفين قبل الوصول إلى هذا القرار الصعب, كذلك أرى ضرورة إقامة ندوات للتوعية وذلك عن طريق المنظمات الشعبية ووسائل الإعلام وخاصة فيما يتعلق بتهيئة الأطراف للإراءة. وينبغي أيضاً إجراء دراسة اجتماعية لتحديد أولوية الحضانة وبهذا يمكن تفادي موضوع الأمور الكيدية. وهنا أود أن أشير إلى أن القانون الجديد عندما رفع سن الحضانة من 9 إلى 13 سنة للذكور وإلى 15 سنة للإناث لم يراع رفع أجور النفقة حيث بقيت بين 700 - 800 ليرة.
- السيدة غفران قبرصي تقول: انفصلت عن زوجي وكان عمري (19) عاماً ولدي بنت وولد وكان السبب الأساسي للانفصال تدخل حماتي, حيث كانت محبة للسيطرة كثيراً وتحرض ابنها على ضربي ولقد صبرتُ على هذا الوضع مدة ثلاث سنوات ثم لم أعد أحتمل فطلبتُ الانفصال وبدأ يحاربني عن طريق أولادي.
السيدة وداد تقول: تزوجت من سائق تكسي وكان عمري (16) عاماً وبقيت معه (11) عاماً كان خلال تلك المدة يعمل يوماً ويجلس عاطلاً عن العمل ثلاثة أيام ,أي أن تواجده لفترات طويلة في المنزل كان سبباً رئيسياً لنشوء الخلافات, حيث أخذ يتدخل بتفاصيل التنظيف والترتيب والطبخ وغير ذلك من الأمور التي تخص المرأة, هذا بالإضافة إلى حياة الضنك والتقشف المستمرة التي كنا نعيشها بسبب عدم عمله وأنا هنا الآن لأرى ابنتي, فقد رفض أهلي أن أحتفظ بحضانتها ولكنهم أرادوا أن يحملوه المسؤولية وهو بالمقابل رفض أن يريني ابنتي فلم يبق أمامي سوى هذا المركز.
السيد عابد المحمد يقول: كانت زوجتي تحمل إجازة جامعية وأنجبنا صبيين وبعد خمسة أعوام انفصلنا بسبب المشاحنات الدائمة حيث كانت تحب النكد كثيراً وكان ابني الأكبر عمره أربعة أعوام والأصغر عامين وبعد الانفصال حاولت أن أرى أولادي وطلبت من بعض الأهل والأصدقاء التدخل لكنها كانت ترفض وتهدد برميهم لزوجتي الجديدة, ولقناعتي بأن الأم هي خير من يُربي أطفالها فقد تركتهم لها لمدة خمسة أعوام والآن لم أعد أحتمل بعدهما وأريد أن يتعرف ولداي على أخوتهم فطلبت منها ذلك ولكنها أزبدت وأرعدت وتوعدت كعادتها فأخبرتها موافقتي على أي إجراء ترغب به في سبيل رؤية أولادي ولكن الصدمة الكبرى كانت عندما علمتُ بأنها أخبرت أطفالي بأنني متوفى ولا أدري حتى الآن كيف تمالكتُ نفسي عندما علمتُ ذلك فهذا أمر فوق الاحتمال. ولم يكن بحسباني أنها ستنتقم مني على هذا النحو السيىء وأن نصل إلى هذا المكان لرؤية الأولاد.
بقي أن نقول: عندما تستحيل الحياة بين الزوجين وتتحول إلى جحيم يغدو الانفصال وأحياناً الطلاق شراً ولكن لا بد منه ولكن ما ذنب هؤلاء البراعم (الأطفال) لتقحموهم في أحقاد وانتقام ومتاهات تكون ذات آثار سلبية وخطيرة على نفسيتهم.
ميسون نيال
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد