ماذا يُدبّر للحدود السورية اللبنانية؟
عملت أجهزة أمنية لبنانية من مختلف الوزارات، قبل مدة، على جمع معلومات عمّا يجري على الحدود. صحيح أن التنسيق ليس قائماً بين هذه الأجهزة على نحو كامل، إذ إن فرع المعلومات لا يتشارك معلوماته مع مديرية استخبارات الجيش أو مع الأمن العام، إلا أن المحصلة التي تجمعت لدى الجيش اللبناني ولدى بعض السلطة السياسية كافية لدق جرس الانذار، حيال تحوّل بقع على الحدود الشرقية والشمالية الى مراكز عسكرية ومخيمات تدريب، يقع قسم كبير منها في مناطق جردية (شرقي بلدة عرسال) أو بعض المناطق المفتوحة أو داخل قرى في عكار حيث يتمتع «إسلاميّو تيار المستقبل» بنفوذ قوي. وتشير التقارير الى تداخل بين عمليات التهريب وعمل المجموعات المسلحة. وثمة من يجول ويصول جامعاً لأنواع مختلفة من الاسلحة والذخائر قبل بيعها لمجموعات مسلحة، يتبيّن يوماً بعد آخر أنها مزوّدة بأموال ضخمة، وهي فرزت عدداً من عناصرها ممن يعيشون في بيروت والمدن لشراء أنواع مختلفة من أجهزة الاتصال وكاميرات التصوير.
لكن الواضح أن دمشق حصلت على نسخ من بعض هذه التقارير، قبل أن تعمد الى مطابقتها مع المعلومات المجمعة لديها، وتضعها في ملف واحد أرسلته الى المسؤولين اللبنانيين. وهي عملية جرت إما بواسطة السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم أو عبر الامين العام للمجلس الاعلى اللبناني ــــ السوري نصري خوري. وقد شملت الرسائل الرؤساء الثلاثة والوزراء المعنيين، الى جانب قيادات عسكرية وأمنية. وأُرفقت بطلب رسمي سوري من لبنان للقيام بإجراءات التزاماً بالاتفاقيات التي تلزمه عدم تحويل أراضيه الى ممر لأعمال عنفية أو غير شرعية ضد الاراضي السورية.
وبما أن قائد الجيش العماد جان قهوجي فشل في الحصول على غطاء رسمي واضح وشامل يتيح له القيام بعمليات عسكرية وأمنية واسعة، فقد لجأ إلى بدائل من النوع الذي يثير الذعر في أوساط المجموعات المسلحة، لكنه لا يحل مشكلة الطلبات السورية، علماً بأن المعلومات تشير إلى أن عدم توفير الغطاء سببه خشية بعض أهل الحكم من تحول الامر الى مواجهات بين الجيش وبين مجموعات لبنانية تناصر المسلحين السوريين. وقد سرّب رسميون كلاماً خطيراً الى قيادات عسكرية مفاده أن تترك معالجة هذا الأمر للجيش السوري نفسه. وقد تبيّن لاحقاً أن «المشغّل» العربي والدولي للهجمة السياسية ــــ العسكرية على سوريا، يأمل أن ينزلق الجيش السوري الى عملية عسكرية على الحدود مع لبنان، تضطره في لحظة معينة الى الدخول، ولو لمئات الأمتار أو عدة كيلومترات داخل الاراضي اللبنانية. وهو ما سيبرر أوسع عملية دبلوماسية تستهدف إصدار قرارات دولية بتوسيع مهمات القوات الدولية العاملة في الجنوب لتشمل الحدود الشرقية والشمالية. وعندها سنكون أمام ملف آخر.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد