مؤتمر الشعر العربي الذكوري
باشر عدد من الشعراء المصريين، منذ اليوم، شنّ الحرب على «مؤتمر الشعر العربي» الذي ينظمه “المجلس الأعلى للثقافة” في القاهرة بين 10 و14 شباط من العام المقبل. وقد اعتبر المعترضون على المؤتمر وفكرته أن المناسبة ليست أكثر من “احتفالية شكلية” أبعد ما تكون من المهرجان الحقيقي القادر على الاحتفاء بالشعر وتكريم أهله في ديار العرب. ويتخوف بعضهم من “الوصاية السياسية” والاعتبارات غير الشعرية التي قد تتحكّم في اختيار الفائز بجائزة المهرجان، فيما يشكك آخرون في صدقية “لجنة الشعر الرسميّة” المشرفة على التظاهرة، مطالبين بإنشاء لجنة متخصصة ومحايدة لتنظيمه وادارته.
تعود فكرة المؤتمر إلى أكثر من ثماني سنوات. بعد نجاح الدورة الأولى من “مؤتمر الرواية العربية” في القاهرة (1989)، تقررت اقامة مؤتمر مشابه للشعر العربي يمنح أيضاً جائزة “القاهرة” للشعر على غرار جائزة الرواية التي حصل عليها يومذاك الروائي الراحل عبد الرحمن منيف. لكن يبدو أن “مساحات الاتفاق بين الشعراء ضيقة جداً، مقارنة بالروائيين”، بتعبير الدكتور جابر عصفور أمين عام “المجلس الأعلى للثقافة” في معرض تعليقه على الفشل المستمر الذي تواجهه لجنة الشعر التابعة للمجلس في الإعداد للمؤتمر!
الــــــــروائي الراحل نجـــــــــــيــــــــــــب محفوظ أحيا فكرة المؤتمر مرة أخرى عندما ذكّر بضرورة اقامته، في افتتاح الدورة الــــــــــــثالثة لمؤتمر الرواية. أخذت لجنة الشعر الأمر بجدية يومذاك، وعقدت الاجتماع تلو الآخر لوضع تصور للمؤتمر وتحدّد أن يقام في الخامس من تشرين الثاني المقبل، إلا أنّ وجود جابر عصفور خارج مصر في تلك الفترة أدى إلى تأجيل المؤتمر.
التحديات التي تواجهها اللجنة كثيرة... وازدادت الانتقادات بعدما أعلنت أسماء الشعراء المصريين الذين اختيروا للمنافسة على الجائزة، ومنهم فاروق شوشة وفاروق جويدة ومحمد ابراهيم ابو سنة وعبد اللطيف عبد الحليم. إذ اعترض كثيرون على تجاهل أسماء مهمة مثل محمد عفيفي مطر وعبد المنعم رمضان وحلمي سالم وسواهم. كما اعترض شعراء بارزون على ترشيح الشاعرين عبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب للجائزة، باعتبارهما “من رموز الشعر العامي، فيما المهرجان مخصص لشعر الفصحى!”. وأعاب كثيرون على المؤتمر تغييبه الأصوات النسائية، إذ تكاد تخلو مراسم التكريم المعلنة، من اسم شاعرة عربيّة واحدة... ناهيك عن الاستبعاد شبه التام للأجيال الشعرية الشابة... وخصوصاً كتّاب قصيدة النثر.
والقنبلة الكبرى، في هذا المجال، فجّرها أحمد عبد المعطي حجازي، بعدما رفض الشاعر المعروف الذي يشغل منصب مقرر لجنة الشعر القيمة على المؤتمر، أي مشاركة لقصيدة النثر في هذه التظاهرة. ورفض حجازي أن يشارك فى لجنة التحكيم، بل اكتفى بإعلان مقاطعته لأنشطة وزارة الثقافة المصرية إذا ذهبت الجائزة إلى من لا يستحقها... وما أكثر المرشحين للجائزة الذين «لا يستحقونها»، من وجهة نظره!
وأُعلن منذ الآن ضيوف المهرجان الذين أُعلنت دعوتهم منذ الآن: محمود درويش وأدونيس وسعدي يوسف، وهم أيضاً من أبرز المتنافسين على الجائزة التي تبلغ قيمتها قرابة 17 ألف دولار أميركي. والمؤتمر الذي يقام تحت عنوان “الشعر في حياتنا”، تحمل دورته الأولى اسم صلاح عبد الصبور في مناسبة مرور 25 سنة على رحيله، ودوره في تجديد القصيدة العربية. وسيحل لبنان ضيف شرف على المهرجان. ومن المتوقع أن يمثل أربعة الشعر اللبناني منهم جوزيف حرب وبول شاوول بينما اعتذر أنسي الحاج. ويجري الآن اختيار شاعرين آخرين. وقد وجهت اللجنة الدعوة إلى أكثر من 50 باحثاً وشاعراً من الوطن العربي والعالم، مثل الايرلندي صاحب نوبل شيموس هيني، والأميركي سام هاميل، والشاعرين الفرنسيين جان ـ كلود فيلان، وبرنار نويل، والإيطالي ناني بالاستيرني. وتتوزّع أعمال المؤتمر على محاور خمسة: “الشعر حاجة إنسانية متجددة”، “التنوع الإبداعي والتعددية الثقافية”، و“الشعر والهوية”، و“الشعر في عصر العولمة”، وأخيراً “الشعر والجمهور”.
محمد شعير
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد