ليفني تعمل على بلورة استراتيجية تفاوض مع سوريا
تعدّ وزارة الخارجية الإسرائيلية، بتوجيه من تسيبي ليفني وبإدارتها المباشرة، للعمل على بلورة «استراتيجية خروج سياسي» من مأزق التوتر السياسي، الذي يلامس الأمني، على الجبهة السورية، مشابهة لتلك التي بلورها طاقم الوزارة نفسه، خلال العدوان الأخير على لبنان
ذكرت صحيفة «هآرتس»، نقلاً عن مصادر في الخارجية الإسرائيلية، أن تسيبي ليفني وطاقماً من المسؤولين الكبار في الوزارة، يجريان سلسلة مداولات، بهدف تحديد المصالح الحيوية لإسرائيل في أي مفاوضات مع سوريا، مشيرة إلى أن أعمال هذا الطاقم لم تعرض على رئيس الحكومة ايهود اولمرت.
وأشارت «هآرتس» الى أن اهتمام ليفني بالموضوع السوري بدأ العام الماضي، بعد انتهاء حرب لبنان الثانية، وكذلك في الشهرين الأخيرين، انطلاقاً من تصريحات مسؤولين سوريين رفيعي المستوى عن الرغبة في استئناف المفاوضات، وعلى خلفية معلومات استخبارية اسرائيلية تقدر وجود احتمال حصول صدامات عسكرية مع سوريا.
ويضم الطاقم، الذي تجري ليفني نقاشات معه، عدداً قليلاً من كبار موظفي وزارة الخارجية، بينهم المدير العام للوزارة أهارون أبرموفيتش، وخمسة مسؤولي أقسام. وهم أنفسهم الذين صاغوا «استراتيجية الخروج السياسي» في حرب لبنان الثانية، التي ارتُكز عليها في النهاية القرار الدولي الرقم 1701.
وفي هذا السياق، حصلت ليفني من مركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية على عرض استخباري مفصل للمواقف والمطالب التي من المحتمل أن تقدمها سوريا في مفاوضات محتملة مع إسرائيل. وكان من التقديرات البارزة التي سمعتها ليفني خلال المداولات أن «سوريا لا تزال غير قادرة على خوض حرب مع إسرائيل، وأن رغبتها في المفاوضات جدية».
وفيما نقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة الخارجية وصفها نشاطات ليفني بأنها «ارتقاء درجة» في الموضوع السوري، قالت مصادر اخرى إن العمل لا يزال بعيداً عن نهايته وإنه لم يعرض بعد على اولمرت. وقال أحد المسؤولين «إذا قرر رئيس الوزراء أنه يريد الاستماع، فلدينا خطة جاهزة، حتى على المستوى العملي».
وكانت «هآرتس» قد نشرت آب الماضي أن ليفني عينت خلال عدوان لبنان الرئيس السابق لطاقمها السياسي، ييكي ديان، منسقاً لعمل الطاقم في الموضوع السوري.
ونقلت الصحيفة نفسها أول من أمس عن «جهات سياسية» قولها إن «المداولات والنشاطات الحالية تهدف إلى إعادة تحديث عمله (الطاقم) وإضافة بعض الأمور إليه، بينها ما يرتبط بنتائج الحرب».
وأصدر مكتب ليفني توضيحاً يفيد أن «الموضوع السوري هو جزء من العمل الجاري للوزارة، وأن الطاقم يعمل على مسائل عديدة»، مشيراً إلى موقف وزيرة الخارجية بالقول «إن أي إعلان عن الموضوع ليس له نتيجة سوى الضرر». وأضاف المكتب، في بيان له، إن الموضوع السوري يطرح في كل مرة ضمن الحوار بين ليفني وأولمرت وإن «هناك تنسيقاً في المسائل السياسية، وفي كل الأحوال ليست هناك حاجة إلى مصادقة رئيس الحكومة للقيام بالعمل في وزارة الخارجية».
ونقلت «هآرتس» أيضاً عن مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تقود في الآونة الأخيرة تغييراً معيناً في السياسة الأميركية تجاه سوريا وإن لقاءها بنظيرها السوري وليد المعلم دليل على ذلك.
أما صحيفة «يديعوت احرونوت» فذكرت من جهتها أن الجيش السوري يعزز من استعداداته لمواجهة محتملة مع اسرائيل الصيف المقبل، وأن الأركان العامة السورية قررت تقصير مدة التدريبات السنوية كي تستعد لما يعدّ في سوريا تهديداً جهوزياً للجيش الاسرائيلي في الصيف.
ولفتت الصحيفة الى أن خطة التدريب التي بدأ تنفيذها في سوريا تأثرت كثيراً بنشاط الجيش الإسرائيلي في لبنان. ونقلت عن مصادر عسكرية رفيعة المستوى قولها إن السوريين شددوا، في المناورات التي أجروها عام 2007، على التصدي لأي هجوم اسرائيلي، وبالتالي فإن طابع المناورات دفاعي. كما نقلت عن مصادر أمنية إسرائيلية وصفها الاستعدادات السورية بأنها رد فعل على ما يُنشر في اسرائيل عن جهوزية واستعدادات يقوم بها الجيش الاسرائيلي، تمهيداً لمواجهة محتملة في الصيف.
وتابعت الصحيفة أن المنظومة الأمنية السورية أكملت صفقة عسكرية مع الصناعات الروسية لشراء عشرات بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «اس.ايه 17» بقيمة مليار ونصف مليار دولار. وأضافت إنه في اللحظة التي يصادق فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الصفقة، ستحظى سوريا برفع مستوى حمايتها الجوية التي تعد منذ اليوم من أكثر الحمايات كثافة في العالم.
إلى ذلك، أوضح رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ايلان مزراحي، امام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أن الدعوات السورية للمفاوضات جدية، لكنه أشار الى أنه لا يعلم إن كانت دمشق مهتمة بالسلام او فقط بمسار السلام الذي يخدمها في الساحة الدولية.
وأضاف مزراحي إنه «على الرغم من الصورة التي تظهر ايران بأنها تهدد وقوية، الا أن لديها نقاط ضعف وتصدعات داخلية».
يشار إلى أن تقديرات الأجهزة الأمنية الاسرائيلية متعارضة في الموقف من الدعوات السورية إلى مفاوضات بين من يعتبرها (الموساد) مناورة لفك العزلة الدولية ومخاطبة الولايات المتحدة، وآخر (امان) يرى أن هذه الدعوات جدية وينبغي اختبارها والذهاب معها حتى النهاية.
وكان نائب وزير الدفاع افرايم سنيه، قد زار الأسبوع الماضي واشنطن، وأثنى على لقاء رايس مع المعلم. وقال إن «هذه أخبار جيدة بأن سوريا اختارت أن تؤدي دوراً مركزياً في المسيرة السياسية في الشرق الأوسط».
كما سبق للسفير الإسرائيلي لدى واشنطن، سيلي ميريدور، أن تحدّث عن ان سوريا تركز قواتها في هضبة الجولان، و«نرى استعدادات لم نشهد مثلها منذ حرب الغفران عام 1973».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد