لبنان:الاجتماع الـ13للجنة البيان الوزاري يحسم الخلاف حول المقاومة
أوحت الأجواء والمشاورات التي استبقت انعقاد لجنة صياغة البيان الوزاري في جلستها الثانية عشرة امس الأربعاء، بالتوافق حول “صيغة سحرية” للبيان الحكومي لأولى حكومات العهد الجديد تسرع ولادته خلال 48 ساعة، وتلحظ هواجس كل من “حزب الله” وقوى الأكثرية النيابية، وتحفظ فيه “حق” كل من المقاومة والدولة في الدفاع عن لبنان، وتشير إلى احترام القرار ،1701 وبدا ان هذه الصيغة التوافقية جاءت بعد جهد مضنٍ شارك فيه من وراء الكواليس كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط، وتمت صياغتها بالتشاور مع “حزب الله” ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون (عن المعارضة) مع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري بمباركة رئيس الجمهورية ميشال سليمان بحيث يستمد ما ورد في البيان الحكومي للحكومة الماضية لجهة حفظ حق المقاومة، وكذلك ما ورد في خطاب القسم للرئيس ميشال سليمان واحترام ما جاء في القرار 1701.
ولم يحسم الاجتماع الثاني عشر الخلاف اللغوي في مسألة المقاومة اذ بين “حق لبنان ومقاومته في تحرير الارض” كما رأي المعارضة وبين “حق المقاومة للبنان وشعبه” كما تريد الموالاة، تأخر انجاز البيان على امل ان تكون الجولة الثالثة عشرة هي نهاية المطاف، الا ان الصيغة الخلافية التي توافق عليها الرئيسان ميشال سليمان وفؤاد السنيورة امس هي الارجح لاعتمادها خاصة وان الاخير اعلن عبر مكتبه الاعلامي انه مع حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة والمتاحة على ان يحتكرها طرف بعينه ويفرض اسلوبه مما يفسره المراقبون بأنه مؤشر لموافقته على ادراج بند المقاومة في البيان بما يرضي طرفي الموالاة والمعارضة خاصة ان المقاومة لا تطلب احتكاراً لمقاومتها بل تفتح الباب واسعاً امام كل اللبنانيين للقيام بهذا الواجب دفاعاً عن لبنان.
وقال الناطق باسم لجنة الصياغة وزير الاعلام طارق متري، إن الامر يأخذ جهداً ويستلزم المزيد من الوقت، معلناً اجتماع اللجنة اليوم الخامسة عصراً، ولافتاً إلى ان اللجنة ليست في وارد ايجاد مخرج لغوي ملتبس لقضية خلافية بل تريد الوصول إلى صياغة واضحة يرضى بها الجميع على ان تكون الصياغة المطلوبة على أقل قدر من الالتباس، كاشفاً أن المشاورات خارج اللجنة تنعكس ايجاباً على الاجواء داخل اللجنة، ومشدداً على ان مسودة البيان تتحدث بالتفصيل عما اجمع عليه اللبنانيون لجهة رفض التوطين وتحسين اوضاع الفلسطينيين وحث المجتمع الدولي على معالجة هذه القضية.
وكانت لافتة حركة الاتصالات الثنائية التي استبقت الجلسة الثانية عشرة للجنة البيان الوزاري، خاصة اللقاء الذي جمع وفداً من “حزب الله” مع النائب عون، مثل أمينه العام السيد حسن نصر الله،.
كذلك شهد الليل قبل الماضي حركة اتصالات بين رئاستي الحكومة والجمهورية حول ما وصلت اليه المداولات حول صيغة البيان الوزاري، حيث زار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الرئيس سليمان في قصر بعبدا ووضعه في اجواء المشاورات. كذلك كانت لافتة الزيارة التي قام بها جنبلاط إلى النائب سعد الحريري، بعد “الفتور” الذي شاب العلاقة بينهما، غداة الانتقادات التي وجهها جنبلاط إلى الحريري ضمناً، والى فريق 14 آذار علانية. وقد كان البيان الوزاري للحكومة بنداً أساسياً إلى مائدة محادثات الرجلين، حيث يعمل جنبلاط على اقناع الحريري بأن يمشي في الصيغة التوافقية التي تم طرحها.
وفي السياق كشفت مصادر مقربة من الموالاة ان اللقاء الثنائي بين الحريري وجنبلاط تحول إلى لقاء موسع حضره عن اللقاء الديمقراطي الوزيران غازي العريضي ووائل ابو فاعور والنائبان اكرم شهيب ومروان حمادة، وعن المستقبل النائب باسم السبع والنائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري وهاني حمود، وكرس اللقاء تفاهماً واضحاً بين الرجلين بما يقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر. وحسب هذه المصادر فإن اللقاء كان جيداً وكانت هناك رغبة مشتركة في قراءة جديدة للمشهد السياسي الداخلي والاقليمي خاصة مع المتغيرات المتسارعة بدءاً من المفاوضات السورية “الاسرائيلية” والمهادنة في الملف النووي الايراني، وزيارة الرئيس السوري بشار الاسد لفرنسا وزيارة الحريري لبغداد... الخ، مروراً باتفاق الدوحة الذي يعتبر الزعيمان أنه ليس هزيمة لقوى 14 آذار بل مجرد تقديم تنازلات من اجل الحفاظ على البلد، وبالتالي لا بد من اعادة قراءة موسعة لكل اطراف قوى 14 آذار لما حصل واعادة تفعيل هذه القوى على قاعدة ان البلد امام مرحلة صعبة، والمنطقة امام متغيرات كثيرة لا بد من التكيف معها، وبالتالي فالاجتماع يؤسس لاجتماع موسع لقوى 14 آذار على هذه القاعدة مع التأكيد ودائماً حسب هذه المصادر ان الحريري وجنبلاط حليفان لا ينفصلان وهما جزء من قوى 14 آذار ولا يمكن التخلي عن حلفائهما المسيحيين رغم الاعتراف بخصوصية كل طرف والهوامش والتعددية التي لا تلغي التوافق على النقاط الكبرى الاساسية.
وكان المكتب الاعلامي لمجلس الوزراء علق على بعض المواقف المنتقدة والمزايدة التي تعيق عمل لجنة صياغة البيان الوزاري، وقال ان البعض يركز على الترويج لمقولة ان السنيورة يتخذ موقفاً من كلمة “المقاومة” في البيان الوزاري وهذا الكلام عار عن الصحة ويهدف إلى بث التفرقة وتشويه الحقائق.
كما أكد ان اللجنة تعمل وبشكل جدي لإنجاز بيان وزاري في ظل تباين في الآراء. ورأى ان التجارب علمتنا انه لا يمكن ان نحقق استرجاع أراضينا المحتلة ونعزز سيادتنا ونحقق الاستقرار والعودة إلى الازدهار إلا في ظل حماية الدولة ومرجعيتها. واعتبر ان المعادلة التي يتم السعي إلى ترجمتها هي الحفاظ على حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة والمتاحة على ألا يحتكر طرف بعينه هذا الحق.
من جهتها، أوضحت مصادر رئاسة الجمهورية ان سليمان يضغط للإسراع بإنجاز البيان الوزاري، وبالتفاهم مع رئيس الحكومة ستتم الدعوة إلى جلسة لمجلس النواب فورا للاجتماع لمناقشة وإقرار البيان الوزاري في صيغته النهائية بعد اقراره في مجلس الوزراء، وهو يستعجل حصول الحكومة على الثقة قبل زيارته المتوقعة إلى دمشق.
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد