لبنان «دولة الظلّ» للمعارضة الســورية وقطر ترفع جعالات عملائها في طرابلس
بأنفاس لا تنقطع، تنشط جهاتٌ لبنانية مناوئة للنظام السوري ليل نهار لدعم معارضيه. بعضها يرى أن فرصة الثأر سنحت وقد لا تتكرر، فيما يتحرّك آخرون من «منطلق ديني يُحتّم نصرة الإخوة في الدين ». ورغم أن هؤلاء ينقسمون بين صادق في النية والفعل، وتاجر يستخدم «القضية السورية» لمصالحه وتحقيق أرباح مادية، إلّا أن «نشطاء المعارضة السورية اللبنانيين» يتحرّكون معاً، سياسياً وعسكرياً. يقوم بعضهم بزيارات ويعقد اجتماعات لمساعدة النازحين وإغاثتهم، مكتفياً بالدعاء لمقاتلي المعارضة، فيما يستقدم البعض الآخر السلاح ويُخزّنه ويُدرّب المسلّحين ويهيّئهم لمواجهة يجمعون على أنّها محتومة. وخارجياً، يجول ممثلون عن هؤلاء على دول صديقة، لجمع التبرّعات وفتح خطوط الإمداد، الغذائية والطبية والعسكرية. لترسو في مرافئ الشمال «هبات ثوّار ليبيا» الى «ثوار سوريا». وهناك، يُسرق أكثر من نصفها على أيدي «تجّار الثورة»، ويُهرّب الباقي إلى سوريا.
وبواسطة السلاح والأموال هذه تُبنى، «لوجستياً» «دولة الظلّ» لـ «مقاتلي المعارضة السورية» في بلاد الأرز بدعم عربي واضح. وفي هذا السياق، تكشف مصادر أمنية أن أئمة وخطباء المساجد ومدرّسي التربية الدينية الإسلامية تبلّغوا من رئيس دائرة أوقاف طرابلس الشيخ حسام سباط «قرار دولة قطر دفع رواتب كل العاملين في الحقل الديني في طرابلس وعكار والشمال وبيروت شهرياً لمدى العمر». علماً أن الدولة الشقيقة موّلت تأسيس إذاعة «طريق الارتقاء» السلفية في طرابلس، التي يُشرف عليها الشيخ خالد زعرور، في سياق تمددها وتغلغلها في النطاق الشمالي. ورغم أنّ الكلام عن الأموال العربية يبدو كثيراً هنا، إلّا أنّ عقبات مجهولة تحول دون وصولها إلى أيدي جميع «نشطاء الثورة»، ما يدفع بعض رجال الدين السلفيين، ممن ينأون بأنفسهم عن الدخول في متاهة تهريب السلاح، إلى المحاربة باللحم الحي، ودفع أموالهم الخاصة لإيواء النازحين السوريين الى الشمال في منازلهم الخاصة وأماكن أخرى.
في مقابل ذلك، تكشف مصادر مطلعة شمالاً أن «عقيداً متقاعداً من الجيش اللبناني افتتح مكتباً لتوزيع الأسلحة وتسليح الشبان وتجنيدهم للقتال في الشمال، وإرسال بعضهم إلى سوريا»، لافتة إلى أن هؤلاء يشاركون في كل الاشتباكات التي تشهدها طرابلس. وتوضح المصادر أن المكتب يقع في محلة طلعة الرفاعية، مقابل محل اسطمبولي، ويديره ع. ط. الذي يتولى توزيع السلاح وتجنيد الشبان، كما يتولّى في الوقت نفسه قيادة المقاتلين التابعين لتيار المستقبل في منطقة الرفاعية ومحيطها، بناءً على تعليمات من العقيد نفسه. وتشير المصادر إلى أن العقيد يزور المكتب كل ثلاثة أيام برفقة حراسة مشددة، حيث يُشرف على التفاصيل الأمنية في المنطقة. وفي المقابل، يزور ع. ط. يومياً العقيد المتقاعد في القلمون في فيلته الخاضعة لطوق أمني.
وتكشف مصادر أمنية شمالية عن وجود مجموعات مسلّحة تابعة لشيخ سلفي بارز إعلامياً عددها بين أربع وست. وقد حاولت مراراً مراجعة الشيخ المذكور بهذا الشأن، إلا أن كثرة انشغالات الأخير حالت دون إمكان لقائه طوال أسبوعين. وبحسب المعلومات الأمنية، يرأس محمد ج. إحدى المجموعات المتمركزة في ساحة الأسمر، وهي تتألف من عشرة عناصر. كما أن هناك مجموعة يقودها محمد ز. تتمركز في محيط المسجد الناصري. يراوح عديدها بين 10 عناصر و15 عنصراً، بينهم سوريون وفلسطينيون، علماً أن أحدهم كان يقيم في مخيم اليرموك في سوريا. وهناك مجموعة ثالثة يقودها ج. ط. مركزها منطقة الستاركو، تضم عشرة أشخاص. وإلى المجموعات الثلاث، هناك مجموعة الشيخ خ. س. ومركزها مصلى عباد الرحمن في شارع سوريا.
انتشار المسلّحين السوريين لا يقتصر على مناطق الشمال، بل يمتد أيضاً الى مناطق الشمال الشرقي والبقاع، وخصوصاً مناطق عرسال وجرودها ومشاريع القاع، كما يلاحظ نشاط غير مسبوق على جبهة البقاع الأوسط، وتحديداً في كل من بر الياس وقب الياس والفرزل. وتعد الأخيرة المركز اللوجستي الأول لجهة تأمين السلاح. وتكشف مصادر المعارضة السورية أن حقل الأمان لأي منطقة يقاس بمعيار قربها من الحدود. وبحسب المصادر نفسها، «كلّما اقتربنا أكثر من الحدود، انخفضت معدلات الخطورة، باعتبارها منطقة مفتوحة تتيح لنا الهرب لدى الشعور بأي خطر محدق». أما ما يُحكى عن وجود مسلّحين تابعين لـ «الجيش الحر» في كل من عاليه وخلدة والناعمة، فتنفي مصادر المعارضة السورية ذلك نفياً قاطعاً، كاشفة عن «احتمال وجود ناشطين». وتشير المصادر نفسها إلى أنه إذا صودف وجودهم في هذه المناطق، فإن تلك الزيارات لا تتعدى إطار البحث عن السلاح.
وفي السياق نفسه، ورغم تأكيد الجهات الأمنية عدم وجود معسكرات تدريب لـ «الجيش الحر»، تؤكّد مصادر غير أمنية وجود معسكرات تدريب رياضية ونظرية على السلاح في ملاجئ تحت الأرض في إحدى قرى الشمال. وتشير المصادر إلى أن هناك توجّها لإنشاء مخيمات تدريب في جرود عرسال لتدريب سوريين راغبين في المشاركة في الحرب ضد النظام السوري، علماً أن رئيس بلدية عرسال يُعد رأس الحربة في التسليح والإعداد لجعل البلدة ثكنة عسكرية مجهّزة بالمال والرجال والسلاح. وكل ذلك، دائماً، بحسب المعلومات الأمنية.
«كتائب عزّام» و«مؤامرة» حزب الله
نشر القسم الإعلامي لـ «كتائب عبدالله عزّام» بياناً تلاه الشيخ سراج الدين زريقات، أول من أمس. تطرّق خلاله إلى عدد من القضايا أبرزها توقيف النائب ميشال سماحة ومحاولة اغتيال الرئيس نبيه بري وقائد الجيش العماد جان قهوجي. واعتبر أنه «لو نجحت المؤامرة فإن إعلام حزب الله كان سيلصقها بأهل السنة». ووجّه زريقات تحذيراً لطوائف لبنان معتبراً أن الحزب قد يُنفّذ تفجيرات ضدها للإيقاع بين بعضها البعض. كما وجّه تحذيراً إلى الشيعة باعتبار أن الحزب قد يُنفّذ تفجيرات ضدهم ليوهمهم بأن السنّة يعتدون عليهم. ورأى أن «إعلام الحزب حرّف رسالة أمير الكتائب إلى شيعة لبنان التي حذرهم فيها من محاربة أهل السنة ودلّهم إلى طريق حفظ أمنهم»، زاعماً أن الكتائب تهدد بتفجيرات تستهدف الشيعة ليحقّق مكاسب سياسية. ورأى أن هذا «الكلام كذب وتضليل يهدف إلى توجيه الرأي العام بأن المجاهدين يُعدون لهجمات ضد أهداف في لبنان». وتطرّق إلى محاولات اغتيال قائد القوات اللبنانية سمير جعجع والنائب بطرس حرب، ورأى «أنهم لو نجحوا كانوا سيلصقون التهمة بالجماعات الإسلامية». وتحدّث عمّا وصفه بـ «الكذبة المسماة بالدولة اللبنانية»، معتبراً أنه «ليس في لبنان حكومة حقيقية، بل أداة تنفيذية لحزب الله يرأسها بالشكل نجيب ميقاتي، ويسلّطها الحزب لمطاردة الأبرياء الذين يعارضون نفوذه، كما فعلوا مؤخراً مع الناشط وائل الخالدي». وتطرق إلى «ممارسات آل المقداد من خطف للأبرياء بغطاء من حزب الله». وتحدث عن «تجنيد حزب الله لمجموعات سنية يُسميها السرايا اللبنانية»، معتبراً أن الحزب يهدف منها إلى «زرع الشقاق بين السنة أنفسهم». كما اتهم الحزب باغتيال الرئيس رفيق الحريري واللواء فرنسوا الحاج والنائب بيار الجميّل، داعياً «أهل السنة إلى حمل السلاح وتكوين أجنحة عسكرية تدافع عنهم».
رضوان مرتضى
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد