لا مزيد من الانتظار..نحن من سيكتب الخاتمة و نحن من سيسدل الستار
الجمل ـ عبد المتين حميد: غداة يوم الانتخابات غمرنا الأمل, وقفنا رافعين رؤوسنا, متأمّلين السماء, مترقبين نهوض العنقاء, منتظرين لحظة القيامة السورية من رماد الحرب, لحظة البداية لعهد جديد يتم فيه تشخيص المشاكل و وضع الحلول الواقعية و الابتعاد عن الإجراءات التجريبية. و مع هذا و برغم أعاصير العواطف فإنّنا لم نكن حالمين, لم نتخلّ عن واقعيتنا, لم يبارحنا ذلك الشعور بأنّ أياماً سوداء بانتظارنا, أيّامٌ تشعرنا بأنّنا لوحدنا, بأنّنا خُذلنا, أيّامٌ نشاهد فيها بأسى كيف سُرقت تضحياتنا, كيف استُخدمت دماؤنا لتورية غرور أو للتغطية عن أخطاء ارتُكبت فيما مضى, أيّامٌ نرى فيها شهداءنا و قد تحولوا إلى ذكريات, أيّامٌ يكون فيها المتورط في دمار الأمس شريكاً في إعمار الغد, أيّامٌ لا نملك فيها شيء أيّ شيء سوى "الأمل"؛ أملٌ يساعدنا في البقاء على قيد الحياة, يهبنا القوة لمواجهة تسمم النفوس في أردأ الظروف, يمنحنا الثقة لتجنّب الوقوع في الأوهام, على تفادي الهزيمة الساحقة التي يعملون على إلحاقها بنا, هؤلاء الذين سرّبوا الوحوش إلينا, الذين مهّدوا لطيب إقامتها, الذين غذّوها, هؤلاء الذين ينساب لعابهم أنهاراً على وليمة إعادة الإعمار, المنهمكون حالياً في حرفنا عن تحرير سورية منهم, و في نفس الوقت يتراقصون بأننا لن نموت فهم يعتقدون بأنهم يمتلكون قرار عيشنا و ثمن نعشنا! هؤلاء "الوعّاظ المحظيّون"... نحن أعرف بأنفسنا منهم, و أعرف منهم بأنفسهم, و لن تخيفنا خيالاتهم فقد طردناهم من رؤوسنا و ما عدنا نصغي إليهم, و لن نسمح لهم بإضاعة جهدنا, و ما عدنا نمتلك رفاهية الوقت, إما أن ينضموا إلينا أو يتلهّوا عنّا كي نبدأ.
صار يقيناً أنّ الطريق طويل, لذا يجب الحفاظ على الأمل و إبقائه حيّاً, الأمل بأنّ هدفنا سيتحقق, مهما كان الهدف فلا بد من القتال للوصول إليه, لحمايته, للدفاع عنه, مهما كان الثمن الذي سندفعه فلن يكون أغلى من دماء شهدائنا الذين نكمل مسيرتهم, الأمل بأنّ نرى مستقبل سورية في أدمغة علمائها و سواعد أبنائها لا في حناجر مطربيها و أقدام لاعبيها, الأمل في ارتقاء الوطنيين من سياسيين و مفكرين و مثقفين للمشهد العام, و اندثار السطحيين من مراوغين و مزاودين, الأمل في طرد الدماء الفاسدة و كسر أجنحة الفساد و قطع ألسنة من يتهمون الشعب بأنّه هو مصدر الأزمات, الأمل بمصادرة أموال كل من مارس أعمال النهب و التعفيش و تاجر بلقمة عيش السوريين, الأمل بمحاسبة المقصرين و المتخاذلين لا منحهم المناصب القيادية, فمِن البديهي أنّ من كان سبباً في الخراب الذي لحق بنا حتماً لن يكون سبيلاً للخلاص منه.
لن ندع الأمل يموت فينا, و هو باقٍ يهمس في قلوبنا, يشجعنا, يحفزنا, يذكرنا بأننا ما نزال موجودين, و مهما زادت معاناتنا فإننا سنسمو فوقها و نتحمّل آلامنا, و سنُفشِل جميع محاولات انتزاع الأمل أو استبداله أو إقناعنا بأنّ هذا ما قاتلنا لأجله أو إيهامنا بأنّ خلاص سورية هو حلمٌ صعب المنال. هناك من يخشانا الآن, بعد أن حطمنا القيود, و نزعنا الأغلال, كل الأغلال, فقد وجدنا المفتاح الذي يحررنا, إنه نحن, أجل نحن, و بحوزتنا كل الأسلحة التي نحتاجها, لذا سنتابع القتال, حتى و لو لم نكن قادرين على تحقيق هدفنا, إلا أننا سنقاتل, فهذا هو الهدف من حياتنا, حتى و لو لم نصل إلى غايتنا, فما من طريقة أفضل للحياة سوى السعي وراء طموحاتنا أو الموت في سبيل تحقيقها, فالحياة قصيرة, و الكثير من العمل بانتظارنا, و نحن من سيكتب الخاتمة, و نحن من سيسدل الستار, و سنرقص كما رقص زوربا, و نطير عالياً نحو السماء, و سنتوّج أنفسنا بالنصر.
إضافة تعليق جديد