فيلم سوريّ عن اغتيال الحريري: «لكلٍّ حقيقته»
في عام 2009، أعدّت شركة ORTV التي يملكها السعودي عبد الرحمن الراشد شريطاً وثائقياً بعنوان «جريمة في بيروت» جاءت خلاصته: تورّط «حزب الله» وسوريا في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. بغضّ النظر عن أهدافه السياسية، لن يبقى «جريمة في بيروت» يتيماً. إذ يستعدّ الكاتب والمخرج السوري منذر حويجة لإنجاز فيلم روائي طويل بعنوان «لبنان حجر شطرنج». يتناول الشريط اغتيال رئيس الحكومة السابق عبر قصة متخيّلة تعتمد على كتاب «اغتيال الحريري... أدلّة مخفية» للألماني يورغن كاين كولبل الذي ناقض رواية ديتليف ميليس عن الجريمة.
نظرة سريعة على ملخّص السيناريو تكشف أن العمل سيعتمد على نقاط أساسية وردت في الكتاب الألماني: من رفض الحريري بناء مطار حربي لحماية المصالح الأميركية، إلى نشر صور له على موقع أميركي يميني، توضح أنّه أحد الأشخاص المطلوبين من «الموساد» والـ«سي. آي. إي.». تنطلق أحداث الفيلم قبل سنة من تاريخ الاغتيال (14 شباط/ فبراير 2005). ثمّ تتوالى لتكشف من خلال خطين دراميين متوازيين ملابسات العملية، عبر التركيز على تفاصيل إنسانية تعتمد على الوقائع التي جرت في لبنان منذ الاغتيال حتى اليوم. واللافت أن الفيلم لن يجسّد الحريري شخصياً بل سيكتفي بعرض مشاهد حية من لحظة التفجير.
القصة تبدأ من فرنسا حيث تعيش طبيبة أطفال لبنانية مع صديقها المحامي الفرنسي الذي يعمل في القضاء الدولي. ومن العاصمة الفرنسية، تتابع الطبيبة خبر الاغتيال لتكتشف أن والدها كان موجوداً في ساحة الجريمة ثم فُقد. هكذا تحزم حقائبها وتعود مع صديقها إلى بيروت للبحث عن والدها. هنا، تبدأ رحلة التحليل والبحث عن الحقيقة، ليستنتج المحامي الفرنسي أن الجريمة كاملة وناقصة في آن: القاتل لم يرتكب فعلته من أجل القتل بل من أجل الفتنة. وتتتابع الأحداث ليتوصّل المحامي مع صديقته إلى دلائل تشير إلى هوية القاتل. فيما يركّز الخط الثاني على حقيقة بعض الاختراقات الأمنية التي حدثت خلال الفترة السابقة للجريمة.
يبدو منذر حويجة مغامراً. «لبنان حجر شطرنج» هو أولى تجاربه مع الأفلام الطويلة، بعدما عاش في الخليج وأنجز مجموعة أفلام تسجيلية. ثمّ أنجز شريطين قصيرين هما «الجوانية» و«البوابة الثامنة» (من إنتاج «المؤسسة العامة للسينما السورية»).
لكن لماذا اختار خوض تجربة شائكة تتعلّق باغتيال الحريري؟ «المحكمة الدولية حوّلت لبنان إلى حجر شطرنج تحرّكه الدول الاستعمارية الكبرى وفق مصالحها، وخصوصاً للضغط على دول عربية أبرزها سوريا» يقول لـ«الأخبار». بعدما كتب الجزء الأكبر من السيناريو، بدأ المخرج الشاب بالسعي للحصول على الموافقات الرقابية. وترافق ذلك مع حماسة إحدى الشركات الإنتاجية الجديدة في سوريا لتبنّي العمل.
ويؤكد حويجة أن هدف الفيلم ليس «تقديم الفائدة والمتعة للجمهور فقط، بل يعرض أيضاً وجهة نظر مرهونة بأدلة وحقائق يوثّقها الشريط».
ويؤكّد أنّه سيعرض في الفيلم أبرز الأحداث التي شابت التحقيق الدولي والمحكمة، من شهود الزور، وصولاً إلى اكتشاف تزويرهم للحقائق، وطريقة تعامل الإعلام معهم. ويضيف أنه مطّلع جداً على التغطية الإعلامية التي رافقت الاغتيال وارتداداته خلال السنوات الخمس الأخيرة. ويجزم بأنه سيستفيد من وثائق شهود الزور التي نشرت منذ مدة، ومن وثائق «ويكيليكس». لذلك «لم أنهِ السيناريو كله لأنني أسعى للاستفادة من التصعيد السياسي الحاصل حالياً».
وعن الأحداث التي سيركّز عليها، يعلن أنّ كل التحرّكات المفصلية في مسيرة لبنان في الفترة الأخيرة ستكون حاضرة، وخصوصاً ما يعرف بـ«ثورة الأرز»، ثم الانسحاب السوري. علما بأنّ التصوير سيجري في بيروت وبعض المناطق السورية مع احتمال السفر إلى ألمانيا وفرنسا. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة إذا أنجز العمل المتوقع تصويره بعد شهر: من يعرضه في ظلّ التجاذبات السياسية الدولية الحالية؟ لا يمثّل ذلك مشكلة بالنسبة إلى حويجة، ويضرب مثلاً فيلم «النمر والثلج» (2005) للمخرج الإيطالي الشهير روبيرتو بينيني الذي تناول حرب العراق. إذ إنّ المخرج السوري يرى أنّ هذا العمل لم يلق الرواج ولا الترحيب في الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن أغلب الدول الغربية الأخرى رحّبت به. هكذا، يعوّل حويجة على الجمهور السوري، وعلى جمهور المقاومة المنتشر في أرجاء العالم كما يقول. ثم يؤكد أن فيلمه سيسعى إلى المشاركة في المهرجانات العربية والدولية.
«لبنان حجر شطرنج» قد يكون الكلمة الفصل للسينما السورية في ما يتعلّق بجريمة الحريري. أما عن موقف المخرج السوري من وثائقي «جريمة في بيروت»، فيقول إنّه مجرّد «فقاعة إعلامية اختارت التوقيت الصحيح لتوجيه أصابع الاتهام إلى سوريا و«حزب الله».
سمير القنطار بطلاً سينمائياً
لا يخفي منذر حويجة إعجابه الشديد بفلسفة المقاومة خصوصاً في لبنان. ويقول إنه عند إنتهائه من «لبنان حجر شطرنج»، يفكر بشكل جدي في إنجاز فيلم روائي طويل يحكي سيرة عميد الأسرى سمير القنطار (الصورة). وسيضيء الشريط الجديد على حياة القنطار من الطفولة إلى أسره ثمّ إطلاق سراحه في عملية تبادل مع الإحتلال الإسرائيلي. كما سيمر العمل على المفاوضات غير المباشرة بين الإحتلال و»حزب الله» للتوصّل إلى صيغة نهائية لصفقة تبادل الأسرى، وقبلها عملية أسر الجنديَين الإسرائيليين.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد