في الطريق إلى البوكمال
هدوء بغداد بعد الغارة الأميركية في منطقة البوكمال لم ينعكس في غرف فصائل المقاومة في المدينة. حراك صامت وآخر علني سمع صوته وأصداؤه في العراق والمنطقة: كانت عبارة عن مجموعة رسائل للداخل أولاً وللخارج ثانياً. نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وقادة فصائل المقاومة اتخذوا قراراً بزيارة موقع الاستهداف في تحدٍ واضح للأميركي. رُتّب الأمر في يوم بين جميع الفصائل.
صباح الثامن والعشرين من حزيران/ يونيو، انطلق رتل مؤلف من حوالى الـ150 سيارة في العاشرة صباحاً نحو البوكمال. تعمّدت قوى «الحشد» في المقاومة أن لا تكون هذه الآليات مصفّحة بل ظاهرة وعلنية.
الرتل شق العاصمة نحو أبو غريب والفلوجة فالحبانية والرمادي وهيت والبغدادي وحديثة وراوة وصولاً إلى القائم عند الحدود. هذه المدن والمناطق شاهد واضح على ما خلّفته الحرب. لم يبق جسر واحد طوال الطريق التي تبلغ حوالى الـ400 كلم. ذكريات الأيام السوداء وما تلاها من معارك وتحرير كانت مرافقة لكل من في الرحلة. تعمّد أبو مهدي المهندس في الطريق أن يروي تجربته في الصراع مع الأميركي منذ بداية عمله المقاوم في ثمانينيات القرن الماضي.
في الطريق الصحراوي، تذكّر المقاتلون أن «المعجزة» تحققت على أيديهم، فهذه المساحات الشاسعة ما كانت لتحرر «لولا الإرادة والتضحية والاستشعار بالخطر المحدق».
يستذكرون بالمزاح الحملة الإعلامية التعبوية التي دارت حينها: «الصحراء ليست قاسية». يقول واحد من كبار قياديي «الحشد» أن «التحرير لم يكن بالأمر السهل، تعقيدات كثيرة وحسابات كثيرة كانت ترافق أي عملية من الناحية الجغرافية والتموضع وخريطة العمليات وأولوياتها. كان المدنيون وحتى الذين يشكّلون بيئة حاضنة لهذا الإرهاب ضمن حسابات التحييد عن المعركة». دامت الرحلة سبع ساعات.
في نقطة حدودية تجمّع من كان في الرتل في مكان الغارة الأميركية. تجمّع يشير في طيّاته لصاحب الغارة ومن يعاونه عنوان واحد: «كنّا هنا وسنبقى هنا». بعد حوالى الساعة ونصف الساعة توجّه «القادة» إلى حدود جنوب غربي العراق... في رسالة ثانية، وصلت أيضاً.
الأخبار
إضافة تعليق جديد