عندما يصبح تراكم الأخطاء «علامة فارقة»
على الرغم من أن الزميل إبراهيم الجبين الذي يعد ويقدم برنامج «علامة فارقة» على «الفضائية السورية» يتمتع بقدرة جيدة على محاورة ضيوفه وتسليط الضوء على أبعاد شخصياتهم، إلا أن المعيار الذي يستند إليه في اختيار الضيف ليكون علامة فارقة، غير دقيق. إذ ما الذي يجمع بين المبدع الموسيقي نوري اسكندر، أو الممثل بسام كوسا، وبين رجل الأعمــال راتب الشلاح، أو بينهم وبين وزير سابق، أو وزير على رأس عمله؟ وإذا كان الجواب هو الرغبة في التنويع، نكون أمام إشكـــالية أخرى، فالمبدع الموسيقي أو الممثل أو الفنــــان التشكيلي هو عــــلامة فارقة بين أقرانه، لكن هل الوزير الضيف هو حقاً علامة فارقة بين الــــوزراء الذين تجمــعهم حكــــومة واحدة، أو هل هو كذلك بين من شغلوا الحقيبة الوزارية ذاتها؟ فمن حق أي مشاهد أن يســأل كيـــف يكون وزير الإعلام السابق عدنان عمران مثلاً علامة فــــارقة ولم تــــدم الحقــيبة الوزارية في عهــدته أكثر من ثلاث سنوات ونصـــف السنة؟! وينـطبق هذا الكلام عـــلى أشخاص آخرين استضافهم الـــبرنامج.
ما يبعد البرنامج أحياناً عن هدفه هو هوس مقدّمه بتحريض بعض ضيوفه على إطلاق تصريحات نارية ضد زملائهم، كما في حلقة المخرج نجدت أنزور، وحلقة الممثل بســــام كوسا. ولا تنأى عن تلك الملاحظة محاولته استفزاز الضيف بطريقة لا تليق به، كما فعل حين اتهم الموسيقي سميــح شقير بالســـرقة من تراث مدينـــته السويداء، ما دفع بالفنان شقـــير إلى أن يخرج عن هدوئه المعتاد مستـــنكراً «لأ..هذه كبيرة يا إبراهيم»، ويوضح له مفهوم الاســتفادة من التراث، وأن التــــراث ملك للجميع. ولعل أكبر خطأ يحدث في برنــامج كهذا يتمثل بــــعدم اصغاء المقدم لضـــيفه بدقــة، وســــؤاله النقطة ذاتـــها أكثر من مرة على الرغم من أن الإجابة نفسها تتـــكرر.
هذا ما شاهدناه مع رائد الفضاء السوري محمد فارس، إذ أعاد الجبين السؤال الآتي عليه «أين مشروعك الخاص؟» مرات عديدة من دون أن ينتبه إلى أن ضيفه قد حدّثه منـــذ بدء الحلقة عن نواة مشروع، تحطّم على يدي أحد الوزراء السابقين، وأخـــبره في سياق الحلقة عن مشـــاركته في تأســـيس وكالة فضاء عربية، التي بدورها لم تجد من يتبناها من الحكومات العربية.
هذا فضلاً عن ان البرنامج بدأ يعاني تعثراً في إعداده منذ الحلقة التي استضافت الفنان التشكيلي غياث الأخرس، والتي استهلكت من مدتها الزمنية حجماً كبيراً للحديث عن دور الأخرس في لجنة التحضير لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية وإشكالياتها الداخــلية، من دون أن يسهم ما قيل بتعريف المــــشاهدين به كفنان ارتبط اسمه بفن الحفر الســوري.
وما يتوج تلك الملاحظات، هو خطأ ما زال يتكرر منذ الحلقة الأولى أي عدم قدرة الزميل الجبين على مواجهة الكاميرا، فاللقطات المتوسطة، والقريبة، التي نشاهدها أحياناً هي من صنع «المونتير» الذي يقطعها من لقطات مأخوذة أصلاً بـ «الزوم إن»، وهذا ما كشفت عنه أكثر من حلقة، ومن المؤكد أن الفضل فيها يعود لتوجيهات المخرجة منال صالحية. وما لم يعد خافياً في هذا الخصوص هو تبني د. ممتاز الشيخ المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون للجبين، ما حماه من أي نقد فني بخصوص هـــذه المسائل داخل التلفزيون. فهل يجوز القفز فـوق كل هذه الملاحظات لأن «الواسطة» معيار لا يقاوم؟
تعرضه «الفضائية السورية» العاشرة مساء الجمعة ويعاد الواحدة والنصف ظهر السبت.
نضال بشارة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد