عمرو موسى سيعود إلى بيروت «لأن الحل لم ينضج بعد»
دفع التأجيل الثاني عشر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى ظهر الحادي والعشرين من الشهر الجاري، «آخذاً في الاعتبار المساعي الحميدة التي يبذلها امين عام الجامعة العربية عمرو موسى، في سياق تنفيذ مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب». وفق النص الرسمي لبيان التأجيل.
جاء التأجيل نتيجة موضوعية ومتوقعة، لعدم تمكن المبادرة العربية، وبرغم الحركة الناشطة والمكثفة لموسى، من رسم خارطة طريق حقيقية تفضي الى تحقيق إيجابيات ملموسة، او اختراقات، ولو طفيفة، في جدار الأزمة، وبالتالي تفكيك العقد الداخلية، التي وصفها امين عام الجامعة العربية، بأنها «كبيرة جداً» وقال عشية مغادرته ان الوضع في لبنان خطير جداً في ظل ما يحيط به من تشنجات خارجية وبالتالي نحن خائفون كثيراً على الوضع اللبناني».
ورداً على سؤال حول وجود فرصة جدية للتسوية في لبنان في ضوء المبادرة العربية أجاب موسى «اكتبوا بالخط العريض على لساني «لسّه» وبالعربي الفصيح ليس بعد».
وأكد موسى أن الجميع في لبنان يستشعر بالأزمة والجميع يرغب بالحل ولكن لا أحد يتزحزح من مكانه.
وشدد موسى على أهمية الحفاظ على دينامية لقاءات القاهرة الأخيرة، وأكد أنه على تواصل يومي دائم مع معظم وزراء الخارجية العرب وخاصة الوزيرين سعود الفيصل ووليد المعلم.
وفيما تجنب موسى إشاعة مناخ تفاؤلي، اكتفى الرئيس نبيه بري بالقول «إن التأجيل الجديد يندرج في خدمة السعي لوضع مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب موضع التنفيذ الفعلي، بما يؤدي الى إجراء الانتخابات الرئاسية وبتوافق مختلف الفرقاء»، آملا «ان نصل خلال الأيام المقبلة الى تحقيق هذا الهدف».
وعلى هذه الصورة المعقدة، يغادر موسى بيروت ظهر اليوم، بعد أن يجري جولة أخيرة من «اللقاءات البروتوكولية»، على أن يعود الى لبنان في السادس عشر أو السابع عشر من الجاري، لمواصلة مهمته، علماً أن جدول أعماله يتضمن زيارة دمشق في الثامن عشر من كانون الثاني (رعاية مشروع دمشق عاصمة ثقافية عربية)، وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإنه قد ينشط على الخط العربي ـ العربي، وتحديداً السعودي السوري، على ان يواصل مشاوراته غير المباشرة في الأيام المقبلة، وخاصة أنه رمى رزمة كبيرة من الأفكار، أدت الى تحريك المناخ السياسي الراكد.
ووفق مصادر دبلوماسية عربية في بيروت، فانه في موازاة التعثر الذي أصاب المبادرة العربية من خلال التفسيرات المتناقضة لها من جانب الأطراف اللبنانية، فإن موسى تداول مع رئيس مجلس النواب، أمس، ومع أقطاب الرابع عشر من آذار، في فكرة دعوة هيئة الحوار الوطني للالتئام مجدداً في مجلس النواب، بعدما أعطيت المبادرة العربية تفسيرات متناقضة، وفي ضوء تعثر اقتراح عقد لقاء ثنائي بين النائب ميشال عون ممثلاً المعارضة والنائب سعد الحريري ممثلاً الأكثرية بسبب إجماع الأكثرية على الرفض من جهة وتعذر البدائل من جهة ثانية، ومنها عقد لقاء رباعي في عين التينة بين بري والحريري وعون يشارك فيه قائد الجيش اللبناني. كما رفضت المعارضة اقتراحاً يقضي بعقد لقاء بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله والنائب الحريري.
وقالت مصادر أن عمرو موسى اجتمع مساء أمس في فندق الفينيسيا على مدى أكثر من ساعة بحضور مساعديه هشام يوسف وطلال الأمين بالمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، في لقاء جاء بمثابة استكمال للقاء أمس الأول بين موسى والسيد نصر الله، فيما عقدت ليل أمس الأول جلسة مطولة في الفينيسيا أيضا مع مساعد رئيس تكتل التغيير والإصلاح جبران باسيل.
ووفق المعلومات المتوافرة، فإن «حزب الله» لم يقدم جواباً نهائياً حول فكرة دعوة هيئة الحوار للالتئام مجدداً مع ميل للتحفظ على الاقتراح في ضوء التجارب السابقة، وأخذاً في الاعتبار تلميح عون لرفض الفكرة نهائياً، بينما رحبت بها قوى الأكثرية، وأكدت مصادرها أنها طلبت من الأمين العام للجامعة العربية إبلاغ السيد حسن نصر الله رسالة مباشرة مفادها أن موضوع سلاح المقاومة ليس عنواناً مطروحاً على جدول أعمال طاولة الحوار الوطني.
وتردد أن موعد الجلسة النيابية المقبلة، يمكن أن يصبح هو موعد التئام هيئة الحوار اذا تم التوافق على المبدأ وجدول الأعمال في غضون الأيام المقبلة.
وقالت مصادر أن الاقتراح الذي تقدم به الرئيس أمين الجميل والقاضي بتشكيل حكومة انتقالية، قد بدأ يأخذ حيزه في المناقشات، مع بروز عنصر اضافي جديد يقضي بتقديم موعد الانتخابات النيابية مدة تتراوح بين تسعة اشهر أو سنة على أبعد تقدير، على أن يصار الى انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة ومن ثم يبادر الى دعوة هيئة الحوار للانعقاد بصورة دائمة في القصر الجمهوري، على أن تكون مهمة الحكومة الانتقالية محصورة بعنوان بارز هو اجراء الانتخابات النيابية واعتماد القضاء دائرة انتخابية.
وقالت مصادر متابعة في بيروت ان قرار الأكثرية برفض الاجتماع الثنائي بين الحريري وعون له أبعاده الخارجية سواء الأميركية أو الأوروبية وربما الفاتيكانية، اذ أن أحداً لا يريد أن يكرس عون في الموقع المسيحي الأول، خاصة بعد ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية.
وقال قيادي بارز في فريق 14 اذار ان الاكثرية لا يمكن ان تمشي في الحوار مع عون بأي شكل من الاشكال، ولسبب بسيط، وهو اننا لا نريد ان نكرسه زعيماً للمسيحيين، فضلاً عن اننا لسنا مقتنعين على الإطلاق بجدية تسميته محاوراً باسم المعارضة.
وأشار القيادي المذكور الى ان الاكثرية تجاوبت مع مساعي الامين العام للجامعة العربية، ولا سيما لناحية قبولها فكرة حاول موسى تسويقها بين الموالاة والمعارضة، وترمي الى دعوة «هيئة الحوار» الى الانعقاد الفوري، واقترح اليوم السبت موعداً لانعقادها.
وبحسب معلومات القيادي المذكور، فإن موسى ألحّ على هذه الفكرة في لقاءاته، وأصر على الفرقاء وجوب الالتقاء حول طاولة الحوار لحل المشكلات، وصولاً الى بلورة اتفاق سياسي يشمل كل شيء، وهو كان بصدد عقد مؤتمر صحافي ليل امس، يعلن فيه عن طرحه، لكن الأمر تعثر، بسبب عدم تجاوب الفريق الآخر، على حد تعبير القيادي المذكور.
واعتبر القيادي ان قبول الاكثرية بدعوة هيئة الحــوار الى الانــعقاد مجدداً في مجلس النواب «هو تنازل إضــافي مهم جداً، ويــعد دليلاً واضحاً وجــديداً على رغبتنــا في التوصــل الى اتفاق سياسي مع المعــارضة حول كل شيء».
وفي المقابل، قال قيادي بارز في المعارضة إن المشكلة تكمن في اعتماد «تفسير اكثري» لمقررات وزراء الخارجية، يعطي الأكثرية «حق الترجيح والإسقاط»، فيما يحجبه عن المعارضة. لكن السبب التعطيلي الاساسي الذي لمسه موسى تمثل برفض الموالاة التحاور مع ممثل المعارضة العماد ميشال عون. (فهنا تكمن العقدة وهنا يكمن الحل».
من جهته، اعرب رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عن رفضه التفسير الذي يعتمد قاعدة 10/10/,10 وقال ان هذا امر لا يمكن ان تقبل به الاكثرية.
وكرر جنبلاط رفض اعطاء المعارضة الثلث الضامن في الحكومة المقبلة، وقال الثلث المعطل كان وما يزال مرفوضا، لأنه يؤدي الى تبخر صلاحيات رئيس الجمهورية، ويؤدي الى زيادة الحساسية المذهبية السنية الشيعية.
الى ذلك، برز امس موقف ايراني داعم للمبادرة العربية، عبر عنه ممثل مرشد الثورة الاسلامية الايرانية في المجلس الاعلى للامن القومي علي لاريجاني، حيث امل في ان تساعد زيارة موسى الى لبنان على وحدة القوى اللبنانية لتسوية الأزمة السياسية في بلدها.
وأشار لاريجاني الى انه كان قد اجرى في القاهرة مشاورات حول لبنان، كما اجرى لقاءات تشاورية مع الرئيس بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع والمجموعات اللبنانية (من دون ان يحددها)، لدعم ايجاد اطر تساعد في الظروف الحالية على وحدة المجموعات اللبنانية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنظيم الانتخابات الرئاسية في لبنان. وقال ان استراتيجية ايران تتمثل في الاسراع بإقرار الامن والاستقرار وتنظيم الاوضاع في لبنان.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد