طرابلس: هدوء قلق يسبق العاصفة
كاد يوم أمس يمرّ في طرابلس بهدوء نسبي، قياساً إلى التوتر الأمني الذي ساد المدينة في الأيام الماضية، التي أعقبت جولة الاشتباكات الـ17، وما تلاها من تطورات. إلّا أن إشكالاً وقع مساءً بين الجيش اللبناني وشبان من باب التبانة، احتجاجاً على تعزيز الجيش مواقع عسكرية له في المنطقة، كسر هدوء النهار.
هدوء أمس لم يدفع المواطنين في المدينة إلى التوهّم أن طرابلس مقبلة على انفراج واستقرار أمني، وأن الحياة الطبيعية فيها ستعود إليها تدريجاً، إذ تشير أخبار الترجيحات المتداولة في المدينة إلى أن الهدوء يشبه ذاك الذي يسبق العاصفة.
وزاد من نسبة القلق والمخاوف اتساع رقعة التوتر الأمني إلى خارج طرابلس، في عكار تحديداً، حيث تتداخل القرى العلوية والسنية في منطقة سهل عكار، مضافاً إليه الأنباء عن تعزيزات عسكرية سورية قرب الحدود اللبنانية لجهة بلدة حكر الضاهر، حيث يقع منزل النائب السابق علي عيد، الذي لا يبعد سوى أمتار عن الحدود السورية.
وفيما عاشت طرابلس أمس ترقباً حذراً، بقيت الأنظار موجهة إلى ما سوف تشهده المدينة يوم غد الجمعة؛ إذ يصرّ الحزب العربي الديموقراطي على تنظيم مسيرة سلمية انطلاقاً من منطقة جبل محسن، وصولاً إلى ساحة عبد الحميد كرامي، عند الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر، وإقامة صلاة الجمعة في الساحة، في خطوة قال إنها «تهدف إلى نبذ العنف والتعايش في المدينة بين كل مكوناتها».
ورفض محافظ الشمال ناصيف قالوش ووزير الداخلية مروان شربل الترخيص لتنظيم الحزب مسيرة كهذه، إذ أكد شربل أنه «ممنوع خروج أي تظاهرة من جبل محسن، أو بالعكس»، في موازاة استعداد القوى الأمنية لتنظيم خطة أمنية استثنائية في طرابلس، ما قد يدفع أهالي جبل محسن وفاعلياته إلى الاكتفاء بتنظيم تظاهرتهم داخل منطقتهم، خوفاً من حمّام دم تعمل القوى الأمنية والسياسية على منع حدوثه بكل السبل المتاحة.
في غضون ذلك، برز أمس تطور في مسار التحقيقات الجارية في قضية تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس في 23 آب الماضي، بعدما سُرب عن اعتراف شحادة شدود، الذي أوقفه الأمن العام أول من أمس عند الحدود الشمالية وهو في طريقه إلى سوريا، وسلمه لفرع المعلومات، بأنه قام بتسهيل فرار سكينة إسماعيل التي شاركت أحمد مرعي بإدخال السيارة التي فجرت أمام مسجد التقوى.
والتطور الميداني البارز أمس، تمثل في تجمّع شبان من منطقة باب التبانة عند مستديرة نهر أبو علي، قرابة الرابعة عصراً، احتجاجاً على دشم يضعها الجيش اللبناني عند مدخل المنطقة، متذرعين بأن ذلك سيعرقل عملية الدخول إلى منطقتهم والخروج منها، ويسد مداخلها بشكل كبير، ورد الجيش بإلقاء قنبلة دخانية لتفريقهم وأطلق النار في الهواء، قبل أن يغلق الجيش أحد مداخل المنطقة، قرب سوبر ماركت الوليد بالشريط الشائك. وبعد الحادثة، عقد قادة المحاور في باب التبانة اجتماعاً طارئاً لهم في قاعة مسجد حربا، واجتماعاً مماثلاً لـ«اللقاء الإسلامي والوطني» دعا إليه النائب محمد كبارة في منزله.
وأوضح مصدر أمني ، أن تعزيزات الجيش في المنطقة تعود إلى 3 أسباب رئيسية: الأول هو تحصين الجيش مواقعه التي تتعرض لاعتداءات متكررة وإطلاق النار عليها ليلاً في المنطقة من قبل مجهولين، والثاني اتخاذ احتياطات استباقية على طول أوتوستراد الملولة، الممتد من مستديرة نهر أبو علي حتى مستديرة الملولة، خشية حصول إشكالات أمنية عليها يوم غد الجمعة، لأنها الطريق التي يفترض أن تسلكها تظاهرة أهالي جبل محسن، بعد خروجهم مباشرة من منطقتهم، إذا أصروا على التظاهر.
أما السبب الثالث، بحسب المصدر الأمني، فهو لتخفيف عمليات السلب والنهب والتعديات على المواطنين، التي كان آخرها ما حصل يوم السبت الماضي، باعتداء شبان من منطقة باب التبانة على 6 شبان من جبل محسن، واقتيادهم إلى داخل منطقتهم ثم إطلاق النار على أرجلهم في وضح النهار.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد