ضلّ طريقه في أوغندا فأقيمت إسرائيل في فلسطين!
ثمة من يتساءل دوماً عن أثر وقائع صغيرة في تغيير مجرى التاريخ. وبين هذه الوقائع، ما كشف عنها باحث في جامعة حيفا حول نتائج بعثة التقصي التي أرسلها المؤتمر الصهيوني في العام 1905 لدراسة أمر إقامة الدولة اليهودية في أوغندا. فقد تكوّنت البعثة من ثلاثة قرر اثنان منهم أن أوغندا صالحة لإقامة الدولة اليهودية، فيما قرر الثالث، و<لأسباب مغرضة>، أنها لا تصلح. وأخذ المؤتمر برأي الأقلية في هذا الشأن وقرر تركيز الجهد على إقامة الدولة في فلسطين.
وأشارت صحيفة <معاريف> أمس، إلى أن المؤتمر الصهيوني بحث في العام 1903 في اقتراح من <نبي الدولة اليهودية> زئيف هرتسل بالشروع في الاستيطان في أوغندا. وكان شائعاً، حتى اليوم، القول بأن الاقتراح تعرض لاحتجاجات شديدة، وأن المؤتمر رفضه وقرر إقامة الدولة اليهودية في فلسطين. غير أن باحثاً في جامعة حيفا كشف النقاب عن <تقرير مغرض> عرض على المؤتمر الصهيوني، وهو الذي قاد إلى إفشال الاقتراح.
وفي مقابلة مع برنامج <يومان أكاديمي> الذي تبثه قناة أكاديمية إسرائيلية، كشف الدكتور غور الراوي من دائرة الدراسات الإسرائيلية النقاب عن هذا التقرير. وقال إن <التاريخ كان يمكن أن يأخذ وجهة أخرى لولا أن أحد أعضاء لجنة التقصي، التي بحثت في إمكان إقامة دولة اليهود في أوغندا، ضلّ طريقه>.
فبعد اقتراح هرتسل بالبدء في استيطان أوغندا، اتخذ قرار بإرسال بعثة تقصي لدراسة تلك البلاد التي تتبع اليوم منطقة غوانس دغيشو في كينيا. وخرجت البعثة في جولتها قبل سبعة شهور من موعد انعقاد الؤتمر السابع في العام ,1905 المفترض أن يتخذ القرار وأعدّت تقريراً مفصلاً. ويروي الراوي أن <أعضاء البعثة انفصلوا إلى ثلاث فرق بقصد التعرف على أكبر قدر ممكن من البلاد على أن يلتقوا بعد 12 يوماً في مكان محدد>. واضاف إن اثنين من البعثة، هايل هبارونز وألفرد كايزر، وصلا إلى المكان المقرر. أما العضو الثالث ناحوم فيلبوش فقد تاه في الطريق بعدما تعطلت بوصلته. وبرغم أن فيلبوش وصل أخيراً إلى المكان المقرر، إلا أنه كان غاضباً ومتوتراً من الناحية النفسية.
وكتب الأولان تقريراً إيجابيا جداً عن أوغندا، وقالا إنه مكان خال من الأمراض وقليل السكان، مشيرين الى أن الأرض مناسبة. غير أن فيلبوش الذي تاه في طريقه، لخّص رحلته بشكل سلبي عن تلك البلاد، معتبراً أنه ليس في أوغندا ما يبحث عنه اليهود.
ويقول الراوي إن <الطريقة التي عرض فيها تقرير البعثة، أولت اهتماماً كبيراً لرأي العضو الثالث وليس لرأي الأولين. وتمّ إهمال الرأي الإيجابي. وبسبب رفض اقتراح أوغندا، انشقت مجموعة بقيادة إسرائيل زنغفيل عن الاتحاد الصهيوني، وأقامت الاتحاد الإقليمي اليهودي>.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد