شبح الأسير فوق مسرح تفجير الطيونة
لم تكد تمر ساعات على وقوع الهجوم الانتحاري حتى خرج المتحدث الإعلامي باسم «كتائب عبدالله عزام» الشيخ سراج الدين زريقات إلى الإعلام عبر تغريدة وتسجيل صوتي بُثّ عبر موقع تويتر. وقد بدا لافتاً تزامن الهجوم الانتحاري في الشياح مع ذكرى أحداث عبرا التي اندلعت في ٢٣ حزيران العام الماضي.
وهذا يُعزز فرضية وقوف الأسير خلف العملية، أو على الأقل ارتباطه بالمنفّذين، كما يعيد إلى الأذهان الارتباط الذي اكتُشف بين «كتائب عبدالله عزام» والشيخ أحمد الأسير من خلال نتائج التحقيقات في التفجيرات السابقة التي تبنّتها «الكتائب» وبين الانتحاريين الذين تبين ارتباط بعضهم بالأسير، كذلك استخدام زريقات لبعض العبارات التي كان يحرص الأسير على استخدامها في خطاباته، لا سيما تشديده على تسمية «حزب الله» بـ«حزب إيران». كل ذلك يوجه بوصلة الاتهامات الى التنظيم «القاعدي» وجماعة الأسير متضامنين ومتكافلين.
وفي موازاة المعلومات الآتية من مصادر جهادية كشفت أن «الشيخ زريقات موجود في جرود الزبداني»، أعاد الأخير، في كلمته التي حملت عنوان «ولكم في القصاص حياة»، تكراره لمضمون خطاباته السابقة. وإذ دعا «أهل السنّة إلى قتل عساكر الحزب الإيراني وقادته»، رأى أن «الحزب متورط في قتال المسلمين من أهل السنّة في معظم المحافظات في سوريا»، معتبراً أن «الحزب في لبنان ينشر حواجزه ويعتقل الناس على الشبهة». ووجه خطابه إلى الحزب قائلاً: «أيها الحزب الايراني المحتل للبنان. يا قوات إيران. إنّ ضرباتنا عليكم مستمرة ما دام وجودكم في سوريا مستمراً. ونحن على حربكم دائمين ما دام أسرانا في السجون». كذلك توجه زريقات إلى جنود الجيش اللبناني «من أهل السنّة»، مطالباً إياهم بترك الجيش، وقال: «استمرارك بالعمل تخسر دينك وأهلك وطائفتك». وتطرق إلى ما يجري في العراق، ملمّحاً إلى «هبوب نسماتها في لبنان» بقوله «ما ثورة العشائر في العراق عنكم ببعيدة».
تزامن التفجير الانتحاري في الشياح مع الذكرى السنوية الأولى لأحداث عبرا
وعلى صعيد التحقيقات، لم يتمكن المحققون العسكريون من تحديد هوية منفّذ العملية الانتحارية في منطقة الشياح أول من أمس، إلا أن داتا كاميرات المراقبة المنتشر بعضها في الطرقات المؤدية إلى موقع الانفجار بيّنت المسار الذي سلكته السيارة المفخّخة قبل أن تنفجر. وفي هذا السياق، تكشف المعلومات الأمنية لـ«الأخبار» أن السيارة تحركت من أحد الكاراجات المحيطة بـ«مشروع الربيع» في أرض جلول، ومن هناك، لتلافي المرور على حواجز الجيش اللبناني، توجّهت إلى تقاطع قصقص ـــ البربير قبل أن تنعطف يميناً باتجاه مستديرة الطيونة، ثم اتجهت شمالاً، بحيث يكون حرج بيروت على يمينها، لتتجه من هناك في اتجاه الشياح. وأشارت المعلومات إلى أن الانتحاري سلك المسار السابق نفسه أكثر من مرة. وتذكر المعلومات أن سائق السيارة تقدّم عدة أمتار عكس اتجاه السير على مقربة من مقهى «أبو عساف»، قبل أن يتوقف ويُطفئ محرّك السيارة لسبب مجهول. وتقول المعلومات، بحسب كاميرات المراقبة وإفادات الشهود العيان، أن الانتحاري توقّف نحو سبع دقائق قبل أن يُفجّر السيارة، علماً بأنه تحدّث مع عدة أشخاص زاعماً أن سيارته تعطّلت بشكل مفاجئ بعدما انكسر مفتاحها. وفي هذا السياق، يتداول المحققون فرضيتين بشأن توقّف الانتحاري المفاجئ؛ الأولى تنطلق من أن هدف الانتحاري هو حشد المواطنين المجتمعين في المقهى الكائن في المكان لمتابعة المونديال. وعلى هذا الأساس، وبسبب كثرة السيارات المتوقفة أمام المقهى، يرجّح المحققون أنه توقف في انتظار مغادرة إحدى السيارات ليركن مكانها أو أنّّه انتظر تجمّع الناس حوله بسبب إيقافه السيارة بالعرض قاطعاً الطريق ثم كان سيعمد إلى تفجير السيارة لولا مصادفة شهر أحد عناصر الأمن العام سلاحاً بوجهه ما دفعه إلى المسارعة في تفجير السيارة. أما الفرضية الثانية، فتتحدث عن احتمال ارتباكه بسبب عدم معرفته بمعالم المنطقة أو نتيجة ضعف الاستطلاع الذي يُفترض أن يسبق عادة هذا النوع من العمليات.
وإذ قُدّرت زنة العبوة بما بين ٣٠ و٤٠ كلغ من المواد المتفجّرة، أشارت المعلومات إلى أن نحو نصف المواد المتفجّرة لم ينفجر بسبب التفخيخ البدائي الذي استُخدم في تجهيز السيارة. أما في شأن هوية مالك السيارة، فقد ذكرت المعلومات أن السيارة كانت قد بيعت بموجب وكالة بيع من نمر شمعون إلى زهير عبدالله سويد والسوري علي حسن ديراني في التاسع من أيار الماضي، علماً بأن بائع السيارة ذكر أن المشتري دفع ٣٨٠٠ دولار من ثمن السيارة على أن يدفع ٥٠٠ دولار متبقية عند التسجيل، قبل أن يختفي مع السيارة، مع العلم بأنه لا يوجد بلاغ سرقة مسجّل بمواصفات السيارة. وفي هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن التحقيقات جارية للتثبت من هوية مشتري السيارة لجهة التأكد مما إذا كان قد استخدم هوية مزوّرة، أو معرفة علاقته المباشرة بالمنفذين أو أنه كان وسيطاً فقط. وفي السياق نفسه، ذكرت قيادة الجيش، في بيان صادر عن مديرية التوجيه، أن «انتحارياً يقود سيارة من نوع «مرسيدس ٣٠٠ لون أبيض تحمل الرقم ٣٢٤٧٨٤/ج أقدم عند الساعة ٢٣:٤٠ ليل أول من أمس على تفجير نفسه بالقرب من حاجز تابع للجيش عند مستديرة الطيونة».
وعلى وقع الشائعات التي كثرت في الآونة الأخيرة، سواء خبر إصدار مذكرة توقيف بحق إمام مسجد التقوى الشيخ سالم الرافعي أو الأخبار عن ضبط وتفكيك سيارات مفخخة، وفي سياق العمليات الأمنية، ترددت معلومات عن دهم قوة من الجيش شقة في منطقة الزاهرية حيث تمكنت من توقيف أفراد مجموعة كانت تحت الرصد والتعقّب. وبحسب المعلومات نفسها، تم توقيف ستة أشخاص يُشتبه في علاقتهم بمجموعات مرتبطة بكل من «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية»، علماً بأن ثلاثة منهم موظفون، فيما الثلاثة الباقون طلابٌ جامعيون.
رضوان مرتضى
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد