زكريا تامر: صيد دمشقي
- 1 - اقترح القط العجوز على الكلب أن يتصالحا بعد قرون طويلة من العداء المرّ, فقال الكلب للقط : لو كنت شاباً وقوياً مثلي لما طلبت الصلح ولهزأت به.
- 2 -
رجع زوج إلى بيته مساء حاملاً صندوقاً صغيراً ملفوفاً بورق ملون لامع, ولم يتنبه إلى وجه زوجته الواجم العابس, وسألها أن تغمض عينيها استعداداً لمفاجأة ستسرها, فقالت له الزوجة بصوت موبخ : صحيح أنك مبصر, ولكنك لا تراني فعلاً, ولا ترى عيني اللتين أغمضتهما في الشهر الأول من زواجنا.
- 3 -
اختتم معلم درسه بترديد : ( من علمني حرفاً كنت له عبداً ), موصياً تلاميذه الصغار بعدم نسيانها , فغمغم التلاميذ متفاخرين بأنهم ليسوا عبيداً لأحد إذ لم يتعلموا بعد أي حرف.
- 4 -
دست ممرضة حبة دواء في فم مريض متمدد على سرير في مستشفى, وطالبته بابتلاعها مع كثير من الماء, فأطاعها المريض فوراً ثم ضحك بمرح, وقال للممرضة : تذكرت هؤلاء المساكين الذين يبتلعون البلد من دون قطرة ماء.
- 5 -
حدق المدير الجديد إلى موظفيه بنظرات متفحصة ثم تكلم مطولاً عن أهمية الحفاظ على سمعة الشركة ورفض الرشاوى المتواضعة وطرد الراشين ومعاقبتهم, فتنهد الموظفون بارتياح واثقين بأن مديرهم سيظفر بالكثير من احترامهم واحترام رؤسائه.
- 6 -
رجت إحدى الأشجار العصافير أن تغني لها قليلاً حتى تنسى حزنها على الأوراق التي اختطفتها الريح منها, فقالت العصافير للشجرة : تكرار الأغاني القديمة سيضجرك ويضجرنا, ومن لا جديد لديه ينبغي له أن يخجل ويسكت لا أن يغني.
- 7 -
أجرى صحافي شاب مقابلة مع ممثلة مسرحية ذائعة الصيت, سألها في ختامها أن تذكر له أطرف حدث في حياتها الفنية, ففكرت الممثلة لحظات ثم قالت للصحافي : في ليلة من الليالي, انتهت إحدى المسرحيات, ولم يغادر أي متفرج الصالة لأن جميع المتفرجين كانوا نياماً, وكانت صفقة رابحة للمتفرجين, فهم في آن واحد شاهدوا مسرحية لكاتب مشهور وناموا بسعر يقل عن سعر أرخص فندق.
- 8 -
وتوسل ولد إلى أمه أن تشتري له قميصاً جديداً, فقالت له الأم بصوت حانق : قميصك لا يزال جديداً اشتريته لأخيك قبل ثلاث سنوات.
- 9 -
حثّ فلاح أرض حقله على أن تنبت له سنابل القمح بطول أشجار الحور, فقالت له الأرض : في القديم, كانت سنابلي أطول من المآذن, وصغرت عندما صغر الناس, وما أراه كل يوم يجعلني أتنبأ بأنها ستزداد صغراً.
- 10 -
نظر الحمار إلى الحصان بازدراء, وتحداه أن يسابقه, فقال له الحصان : لن أسابقك لأني سأخجل إذا سبقتني, وسأخجل أكثر إذا سبقتك.
- 11 -
تلاقى يوماً اللون الأسود واللون الأبيض, فاستهجن اللون الأسود أن اللون الأبيض لا يزال موجوداً, ولم يتوار عن الأنظار, فما في القلوب لا يليق به غير اللون الأسود وحده, فقال له اللون الأبيض : لا تنس أن الأكفان البيض ستظل دائماً المفضلة, ولا منافس لها.
- 12 -
غضب جورب عتيق مهترىء على ربطة عنق, وأمرها أن تختار لها مكاناً بعيداً عن مكانه يتلاءم مع أحوالها وأحواله, فهو قد كان جورباً لرئيس وزراء بينما هي كانت مجرد ربطة عنق لطالب جامعي كسول وفقير, فقالت له ربطة العنق : كأنك قد تناسيت أن الجورب للقدم وربطة العنق للعنق.
- 13 -
اشترى رجل قطعة أرض, وقصد مهندساً سمع الكثير عن براعته وخبرته, وقال له إنه اختاره كي يصمم له بيتاً مريحاً بغير نوافذ, فقال له المهندس : طلبك سهل التنفيذ, ولكن اسمح لي بأن أذكرك بأن الذين يدخلون البيوت من نوافذها مسموح لهم بدخول البيوت من أبوابها, فهل أصمم لك بيتاً من دون أبواب ونوافذ?
- 14 -
ناشد مصور فوتوغرافي إمرأة متجهمة الوجه أن تبتسم قليلاً حتى تظهر صورتها ناجحة ترضى عنها, فقالت له المرأة : لم أكن أعلم أن مهنة التصوير تحض على الغش والخداع والكذب.
- 15 -
تضايق الحصان من الذباب, وطلب إليه الابتعاد عن ذيله, فقال له الذباب : يجدر بك أن تعامل الذباب بأدب وتهذيب, فهو معجب بك, ويحرص على التقاط الصور التذكارية وهو برفقتك.
- 16 -
اجتمع شاب مغرم بالقضايا المصيرية مع فتاة يحبها, وقال لها إنه واثق بأنها ستحبه عندما تتحرر فلسطين ويستطيع التفرغ لها وللقضايا الغرامية, فقالت له الفتاة ضاحكة إنها ستحبه عندما تتحرر الأندلس, فاغتبط الشاب لاعتقاده أن تحرير الأندلس سيتم قبل تحرير فلسطين.
- 17 -
نبهت إمرأة عجوز زوجها بصوت مغتاظ إلى أن كل شيء في العالم يتغير ما عداه, فاستنكر الزوج كلامها, وكذّبه, وأعلن أنه مؤيد للتغيير ومؤمن به, ووعد زوجته أنه سيتغير حتى أنها قد لا تعرفه, وشرع في التغيير في اليوم التالي, فتخلى عن حذائه الأسود, وهو لون كل ما لديه من أحذية, واشترى حذاء جديداً ذا لون بني, فقالت له زوجته بصوت هازىء : يحكى عن المرحوم جمال باشا السفاح أنه أراد التغيير, فأمر بطلاء مشانقه وحيطان سجونه بألوان مفرحة جذابة.
فلم يرد الزوج عليها بأي كلمة, ولكنه ندم لأنه لم يطلقها في أيام الشباب.
زكريا تامر
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد