رزمة عقوبات جديدة على غزة
تحاول السلطة الفلسطينية، بهدوء، تمرير المزيد من العقوبات الاقتصادية على قطاع غزة، مستهدفةً مفاقمة الأزمة الإنسانية، أملاً في زيادة الضغط الشعبي في وجه حركة «حماس»، لتقدّم الأخيرة المزيد من التنازلات في ملف المصالحة، أو تضطرّ إلى مواجهة عسكرية مع العدو الإسرائيلي لتنفيس الضغط. ووفق مصادر خاصة ، تنوي السلطة فرض عقوبات اقتصادية بالتعاون مع عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، على رغم ما يُعلن مراراً عن «رغبة إسرائيلية في المحافظة على الوضع القائم» ومنع المواجهة الواسعة.
وفيما نفت وزارة الاقتصاد في غزة أن يكون سبب توقّف إدخال البضائع المصرية عبر معبر رفح «أعطالاً فنية» لدى المصريين، ذكرت مصادر أخرى أن ما حدث تمهيد من القاهرة لوقف إدخال البضائع خلال الأيام المقبلة. تقول المصادر إن واقع المعبر قد يعود قريباً إلى سابق عهده، أي أنه سيُفتح في الاتجاهين يومين أو ثلاثة شهرياً فقط، بخلاف الوعود التي قدمتها القاهرة لـ«حماس» والفصائل، وذلك تحت عنوان أن المعبر بقي مفتوحاً شهراً كاملاً في اتجاه واحد، فيما تعطّل عمله للمغادرين بعد انسحاب موظفي السلطة منه مطلع الشهر الجاري.
في سياق متصل، أكدت مصادر مصرفية وجود مراسلات منذ مطلع العام الحالي بين سلطة النقد في رام الله وعدد من شركات تحويل الأموال، فحواها «إنهاء أو تقليص عملها في غزة قبل بداية آذار/ مارس المقبل»، وذلك لوجود «إجراءات جديدة في القطاع قريباً، ولذلك بدأت بعض شركات التحويل تنبيه عملائها إلى أن عملها في القطاع قد يتوقف خلال الأشهر المقبلة». تقول هذه المصادر إن السلطة تريد خنق غزة مالياً، وتقليص حجم حوالات الأفراد بعدما تمكنت من إيقاف جزء كبير من التحويلات التي تصل إلى المؤسسات والجمعيات الخيرية عبر البنوك، وهي الآن تعمل على تقييد عمليات التحويل للجمعيات الكبرى بـ«إجراءات غاية في التعقيد، إذ باتت البنوك تطالب الجمعيات بتحديد الجهة المستفيدة، وتطلب فواتير ومستندات تفصيلية حول التحويلات كافة».
كذلك، تجهّز رام الله كشوفاً جديدة عن موظفيها في غزة لإحالتهم على التقاعد. وكشفت مصادر في السلطة أن خمسة آلاف موظف سيلقون هذا المصير قبل منتصف العام الحالي، في خطوة تسعى من خلالها السلطة إلى تقليص فاتورة الرواتب التي تُصرف لغزة، فيما يُستفاد من هذا التقليص في رفع نسبة الراتب المصروف حالياً لعدد آخر من الموظفين «المخلصين» لها. وعلمت «الأخبار»، أيضاً، أن السلطة تنوي رفع قيمة «التعلية الجمركية» (ضريبة إضافية فوق الجمارك) على البضائع التي تدخل القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، علماً أنها تفرض حالياً على جميع الحاويات التي تمرّ عبر المعبر «تعليات جمركية» بمبلغ يزيد على 10 آلاف شيكل (نحو 2500 دولار أميركي). وتأتي هذه الزيادة بعد شهرين من زيادة الرسوم على الشاحنات الواردة إلى غزة بنسبة تزيد على خمسة أضعاف ما كانت عليه سابقاً.
وأشار مدير الدراسات في وزارة الاقتصاد، أسامة نوفل، إلى أن التعليات الجديدة ستتسبّب في تراجع البضائع الواردة، لافتاً إلى أن الواردات انخفضت بنسبة 50% بسبب تدني القدرة الشرائية لدى المواطن الفلسطيني، إضافة إلى «تراجع التنمية الاقتصادية لدى تجار القطاع وانخفاض نسب أرباحهم».
ويُقدّر إجمالي الإيرادات الشهرية التي تجبيها السلطة من غزة بـ288.5 مليون شيكل شهرياً، في حين أن النفقات على القطاع لا تتجاوز 196.4 مليون، على أن التعليات الجديدة تهدف إلى زيادة قيمة الإيرادات، وهو ما سيؤدي إلى إرهاق المستوردين وارتفاع أسعار البضائع مجدداً.
الأخبار
إضافة تعليق جديد