راتب الزوجة حق لها أم لبيتها؟

28-02-2007

راتب الزوجة حق لها أم لبيتها؟

تتناهى الى أسماعنا كثيراً أقوال من أمثال (راتب الزوجة خير لأنه يوفر على الزوج مصروفها). طبعاً كلام فيه مجافاة كاملة للحقيقة,وبالتأكيد صادر عن أناس يجهلون أو ربما يتجاهلون قيمة دخل المرأة وأهميته في بناء البيت والأسرة والأولاد,وبغيابه يصبح البيت أشبه بالبطة العرجاء.

نعم الجميع مدرك بقرارة نفسه,وقد أصبحنا نعيش في عصر استهلاكي بامتياز أن (يداً واحدة لا تصفق) لا بد من تعاون الزوجين لسد حاجة البيت والأولاد,والتجديف معاً لتكمل سفينتهما رحلتها.‏

حينما أطلق من يدعونه (أبو الفقراء) البروفسور البنغالي محمد حسين والحائز على جائزة نوبل في للسلام مشروعه بانشاء مصرفه (غرامين) لاقراض الفقراء,لم يكن تركيزه الأولي في الاقراض للنساء ينطلق فقط من حقيقة أنهن يشكلن نصف المجتمع أو لأنهن قوة عمل مهملة أو لأنهن فقيرات. ويتحملن العبء الأكبر في الأسرة وإنما أيضاً لأن تجربته العملية أعطته مؤشراً على أن النساء بصفة عامة أكثر التزاماً وجديه,وعلى أن الفوائد المتحققة للأسر تكون أكبر حينما يكون التحسن في دخلها متأتياً من تحسن دخل المرأة.‏

ذلك أن عاطفة الأمومة تجعل تأمين متطلبات الأطفال من الغذاء والكساء والدواء,والتعليم في قمة سلم أولويات المرأة, بينما الرجل لديه في العادة سلم مختلف للأولويات.‏

ومن هنا تحرص المرأة أكثر من الرجل على المثابرة والتوفير وعدم الاسراف وتنمية الدخل والوفاء بالتزاماتها.‏

وهذا بطبيعة الحال أحد الأسباب التي جعلت نسبة النساء من اجمالي عملاء مصرف (غرامين) تتجاوز 90 في المئة.‏

توجهت بسؤالي الى العديد من النساء ممن التقيتهن وطرحت عليهن سؤالي, كيف تتصرفين براتبك أو بمصروف البيت,طبعاً في هذه العجالة لا يمكن أن أسرد كل ما سمعته وتفاجأت به من حرص المرأة الشديد على أن (تمد رجليها على قد البساط) مع سعيها الى تحسين مستوى أسرتها, والابتعاد قدر الممكن عن الاسراف.‏

وفاء (موظفة) وأم لطفل: تقول,حينما تزوجت كان زوجي غارقاً في الديون بسبب شرائه حاجيات تجهيز منزلنا,صار همي منذ البداية ايفاء الديون,ولذلك حذفت الكثير من بنود المصاريف التي ليس لها أهمية في حياتنا,ومع ذلك كنت أوفر من رواتبي ما تيسر من دون علم زوجي,تحسبا لأمر طارئ في الأسرة.‏

واستعداداً لمولودي الجديد,وكثيراً ما كان يحتاج زوجي مالاً,فأعطيه مما أوفره,ولكني أكذب عليه, وأقول له هذه أموال أمانة عندي لصديقتي, من أجل أن أضمن استرداده لأنه لو علم أنه لي فإنه سيصرف على حاجات وبذخ لا أراه ضرورياً لنا ونحن في هذه الحال.‏

أمل (مهندسة) وأم لأسرة تقول :زوجي وضعه المادي جيد, يفكر فينا ولكن تفكيره في أسرته, يختلف عن تفكيري,فهو يتطلع الى المستقبل وما سيؤمنه للأولاد للقادم من الأيام,بينما أنا أفكر في أن أعيش عيشه كريمة الآن. ولا أحد يعلم ما سيخبئه المستقبل له,ماذا يهمني إذا عاش أولادي الآن في حرمان وهم صغار وبحاجة لنا من أجل أن أورثهم وهم كبار قادرون على العطاء وأحرمهم منه وهم في عهدتي.ولذلك فراتبي محرم علي رسوى النذر القليل القليل منه.‏

أمينة (ربة منزل) وأم لتسعة أولاد: تقول كنت أتمنى لو أن الله منّ علي وتعلمت وعملت كمعظم النساء لأساعد زوجي وآخذ عنه كتفاً في مصروف البيت ولكن رغم ذلك فإنني أحاول أن أساعده جاهدة كي لا أزيد عليه بالمصاريف وإن توفر معه قليلاً فهذا ليس لصرفه في البيت وإنما ليشتري أرضاً أو بيعة يراها مربحة .‏

حينما أذهب الى السوق أبحث عن أرخص المواد من خضرة وفواكه ومواد استهلاكية أخرى,لأنني مقتنعة أن أولادي أحق ولو بالعشر ليرات من ذلك البائع الذي يلمع أمامه رزقه لزيادة الأسعار .‏

لا شيء في البيت للرمي,كله أدوره وأعيد الاستفادة منه بشكل أخر, المونة مهمة عندي لأنها توفر علي الكثير ورغم ذلك ففي كل شهر أستطيع أن أوفر مبلغاً لا أعلم زوجي به وكثيرة هي المرات التي يتضايق زوجي فيها مادياً, فأفاجئه,وهو يعلم في سره أنني أوفر من ورائه مبالغ مادية وهو وراضٍ عن ذلك.‏

سمية(ربة منزل) وأم لسبعة أولاد تقول: ليس لنا دخل سوى راتب زوجي,وهو يحتفظ به لنفسه,وكلما احتجنا لشراء حاجة,نشتريها من الدكان بالدين حتى الخبز كوننا نعيش في القرية وفي آخر الشهر يوفيهم من راتبه.‏

لا أشتري سوى ما يحتاجه البيت,مع حرقة قلبي على الأولاد لأنني عاجزة عن توفير الحد الأدنى مما هو متوفر عند أقرانهم .‏

أضطر للعمل عند أهل القرية بالأجرة في جني المحصول,أحاول أن أوفر أجرتي لتأمين حاجات للبيت ضرورية,ولكن صعب علي لأن زوجي يحسبها جيداً علي وكثيراً ما أخذهم ليشتري جهاز ديجيتال وتلفزيون له بدلاً من براد كنت أنوي شراءه, أو أحياناً دراجة لكي يتنقل فيها بالقرية التي لا تتجاوز مساحتها كم.2‏

وثمة نساء التقيتهن كن مصرات أن راتب المرأة حق لها لوحدها, ولا يجوز أن تضع منه في البيت ولكن أمام قساوة وغلاء الحياة, تخلين عن هذا الحق.‏

بعضهن وهن قلة والحمد لله,الأهم لديهن أن يصرفن عند الكوافير,مبالغ كبيرة على جمالهن وأن يكدسن في خزانتهن أخر صرعات الموضة, ويتحلين بقطع الذهب الجميلة من صرف قرش في البيت فهذا واجب الزوج و(يصطفل بحاله).‏

يقولون (بحصة تسند الجرة) وهذه البحصة أصبحت دعامة كبيرة ليس فقط للجرة وإنما لمنزل وأسرة هي أهم ما في الوجود. ويعترفون أن (الرجل جنا والمرأة بنا) وليس تحيزاً مني الى شريحة أنا أنتمي إليها وإنما حقيقة خبرها أجدادنا حتى قبل أن تخرج المرأة الى سوق العمل.‏

دلال إبراهيم

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...