دمشق تحذر من دوافع اغتيال مشعل تمو: أكراد يتهمون الاستخبارات التركية بقتله
للمرة الأولى منذ بدء الأزمة السورية، بث التلفزيون الرسمي مشاهد تشييع أحد أقطاب المعارضة السورية مشعل تمو، وذلك باستثناء ما تم بثه في بداية الأحداث في مدينة درعا.
واتفقت آراء عديدة على أن استهداف تمو يستهدف «السلم الأهلي»، فيما رآه مراقبون يستهدف «تحريض الأكراد» الذين اتسمت مواقفهم بالتظاهر المحدود والسلمي منذ ستة أشهر. وفيما اتهمت «المبادرة الوطنية للأكراد» الاستخبارات التركية باغتياله، قالت أحزاب «الحركة الكردية» إن الجريمة تستهدف «استقرار الحسكة» وتعايش أهلها، وهو الأمر الذي دفع الحكومة السورية وإعلامها للتعامل مع الاغتيال النوعي باعتباره محطة من محطات العنف الموجه ضد الدولة، واصفة تمو بـ«المعارض الوطني» ومرة أخرى «بالمناضل»، وذلك في سابقة من نوعها.
وكان عشرات الآلاف شيعوا أول من أمس جثمان المعارض الكردي مشعل تمو الذي اغتيل الجمعة في مدينة القامشلي على يد ملثمين وصفتهم الجهات الحكومية بـ«المجموعات الإرهابية المسلحة»، وهي المجموعات ذاتها التي اتهمتها الحكومة في التسبب بمقتل شخص أثناء التشييع.
وقرأ مقدم برامج في التلفزيون السوري بيان أحزاب «الحركة الكردية» على الهواء، والذي نص على عدم اتهام أية جهة. وقال البيان «إننا في أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا (تضم 12 حزبا)، إذ نستنكر جريمة الاغتيال السياسي النكراء هذه، وندين بشدة هذه العملية وهذا الأسلوب الغريب عن سلوك مجتمعنا والتي تستهدف من دون شك إثارة القلاقل والفتن، وضرب استقرار محافظة الحسكة».
وأوضح البيان أنه «في الوقت الذي ننعى شهيد الحرية والكرامة فإننا ندعو جماهير شعبنا الكردي في سوريا إلى اليقظة والحذر من الأهداف الخطيرة التي تكمن خلف هذه الجريمة النكراء، وفي الوقت الذي نحمل السلطة مسؤولية أمن وحياة المواطنين فإننا ندعو إلى الإسراع في كشف الجناة والمجرمين منفذي هذه الجريمة».
من جهته، قال رئيس المبادرة الوطنية (الكردية) عمر أوسي، في مقابلة مع الفضائية السورية، إن «مشعل تمو خسارة للأكراد ولسوريا، واغتياله يأتي في إطار المؤامرة الرامية إلى استهداف الشخصيات المعروفة لافتعال فتنة بين الشريحة الكردية والسلطة»، مشدداً على أن الشعب الكردي «لن تنطلي عليه هذه المؤامرة ولن ينجر إلى التمرد والتخريب». وأضاف «من غير المستبعد أن تكون أجهزة استخبارات بعض دول الجوار، ومنها الاستخبارات التركية، تقف وراء هذه الجريمة».
كما انتقدت المعارضة الداخلية الجريمة باعتبارها «تشكل منعطفاً خطيراً في النضال الوطني الديموقراطي»، وفق ما قاله المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديموقراطي حسن عبد العظيم. ورأى أن هذه الجريمة «تؤسس لتداعيات، لما نحذر منه من إثارة النعرات العرقية والطائفية والمذهبية التي تذهب بالثورة ونضالها الوطني الديموقراطي»، مطالباً «بالكشف عن الفاعلين وإنزال أقصى العقاب بهم».
وكان محافظ الحسكة معذى سلوم قال إن «الهدف من هذا العمل إثارة المحافظة باعتبار أنها كانت في الفترة الماضية من المحافظات الهادئة». وأضاف «هذا العمل يهدف إلى وضع المحافظة ضمن المحافظات التي شهدت أوضاعاً أمنية غير مستقرة، ولكن نحن على ثقة بأن أهلنا من الأكراد في المحافظة قادرون بوعيهم على تجاوز هذا المصاب».
وانطلقت مراسم التشييع من القامشلي، وشارك فيها عشرات الآلاف، إلى مدينة عامودا، ومن ثم إلى الدرباسية مسقط رأس تمو، وصولا إلى قرية الجنازية حيث ووري الجثمان في الثرى في مقبرة القرية.
وكانت السلطات السورية احتفت للمرة الأولى في تاريخها بعيد رأس السنة الكردية، كما بثت احتفالات الاكراد على قنواتها الإعلامية. كما اتخذت قرارا بتجنيس عشرات الآلاف من غير حاملي الجنسية السورية في شمال شرق البلاد. واستقبل الأسد وفودا من وجهاء الأكراد، كما دعا ممثلي الأحزاب الكردية (غير مرخصة) في سوريا للاجتماع به.
واغتيل تمو عصر الجمعة الماضي في القامشلي. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «مجموعة إرهابية مسلحة أقدمت على اغتيال المعارض الوطني مشعل تمو في القامشلي». ونقلت عن مصادر مطلعة قولها إن «مجموعة إرهابية مسلحة، مؤلفة من أربعة أشخاص ملثمين يستقلون سيارة سوداء، قاموا بإطلاق النار من أسلحة رشاشة على المعارض تمو، الذي كان مدعواً للغداء لدى أحد الأصدقاء في الحي الغربي من مدينة القامشلي، يرافقه ابنه مارسيل وزاهدة رشكيلو، الأمر الذي أدى إلى استشهاد المعارض تمو على الفور وإصابة ابنه بطلق ناري في بطنه ومراف``قته زاهدة في قدمها».
ومشعل تمو مهندس زراعي، بدأ العمل السياسي عام 1990 وأنشأ عام 2005 مع مجموعة أشخاص حزب المستقبل الكردي، وأبدى رفضه لدعوات المعارضة الخارجية للتدخل في الشأن السوري ورفض استخدام السلاح.
زياد حيدر
المصدر: السفير
التعليقات
شهيد
عتبي
إضافة تعليق جديد