دراما المشاهير والفلترة
في حوار لي مع الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن منذ عدة سنوات في إحدى دورات مهرجان دمشق السينمائي قال: (ان الكاتب التلفزيوني يعاني من المجتمع والورثة أكثر بكثير من معاناته من الرقابات الرسمية وخاصة حين يتعلق العمل بشخصيات شهيرة وعامة كأم كلثوم مثلا).
فالكاتب الذي يكتب سيناريو تلفزيوني أو سينمائي يتعلق بأحد مشاهير الغناء أو السياسة أو الأدب.. أو الفن عامة يواجه ورثة هذه الشخصية الذين جاءت فرصتهم الذهبية لاستثمار موت قريبهم ماديا رغم أنه من الممكن أن يكون على عداء معهم أثناء حياته وباعتبار أن فائدتهم منه انعدمت، فلا بد من التعويض عما فاتهم من مكاسب وعوائد بسبب بخل القريب، هذا أولا، من جهة أخرى لا يقبل ورثة المشاهير إلا ادخال النص الدرامي المتعلق بقريبهم إلى معمل الفلترة الاخلاقية ليظهر بمظهر ملائكي لايمت إلى البشر بصلة، فالمشاهير حسب الورثة (العرب طبعا) لا يحب النساء ولا المشروب وجسده متحرر من (نجاسات) الغرائز... ينام كالأطفال مبكرا ويشرب الحليب ويصلي ويحترم الآخرين وهو كريم جداً لا يأبه بالمال... باختصار على الكاتب التلفزيوني الكتابة عن قديس وليس بشرياً ما يعني سقوط الدراما التي تعني الحياة بكل مافيها من خسة ونذالة وشجاعة ومروءة وطمع وجشع...
سألت المخرج حاتم علي أثناء تصويره صلاح الدين الأيوبي: هل ستكون أنت والكاتب أمينين لسيرة صلاح الدين التاريخية كما هي وكل الصراعات التي دخلها وكان طرفاً فيها؟.. أجاب: اذا كنا سنعرض الشخصية كما هي معنى ذلك عدم تسويق المسلسل خاصة في دول الخليج.
أهمية كاتب كممدوح عدوان أنه خلص الزير سالم من المخيلة الشعبية وأوهامها وأعاده انساناً يصارع الحياة بشجاعة ونذالة وخسة وتهور وقسوة وبنفس الوقت بقي الزير اسطورة لكن من طبيعة بشرية.
أحمد الخليل
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد