دبلوماسي غربي:لايمكن مقاربة الوضع السوري من الزاوية الليبية ونظام الأسد متماسك
لا تشبه الأوضاع في سوريا بأيّ شكل من الاشكال تلك التي كانت سائدة في الدول المجاورة التي شهدت سقوط انظمة وتدحرج هامات، كما أنّ مقاربة الوضع الليبي والوسائل العسكرية التي استخدمها الناتو لاسقاط نظام الرئيس المخلوع معمر القذافي لا يمكن تطبيقها على الساحة السورية، وأكثر من ذلك، فإنّ الدول الاوروبية تدرك هذا الواقع مع انها لم ولن تتوقف عن المحاولة قبل ان يتغير المشهد الاقليمي برمته.
هذا الكلام لدبلوماسي اوروبي متابع للتحولات التي تعصف بالمنطقة امام عدد من الاصدقاء المقربين، حيث أكّد أن الدول الاوروبية المنضوية تحت لواء الناتو لاسيما فرنسا وبريطانيا لم تندفع باتجاه ليبيا رأفة بالشعب الليبي او اسهاما في تطبيق مفاهيم حقوق الانسان، او حتى لارساء الديمقراطية في ذلك البلد الافريقي. كما انها ما كانت لتشارك في اي عمل عسكري لولا وجود النفط والثروات الطبيعية في تلك البلاد، ولولا طمعها بحصة كافية لرفع احتياطاتها النفطية التي تشهد منذ سنوات طويلة الكثير من الصعود والهبوط، وتستنزف اموالا طائلة للمحافظة على منسوبها المتوتر.
ويرى الدبلوماسي أنه، وبما ان هذه العوامل ليست متوافرة في سوريا، فان المجتمع الدولي قد لا يجد نفسه متحمسا بما فيه الكفاية لتنفيذ اي عمل عسكري، فضلا عن ان حسابات الحرب والسلم الاستراتيجية لا تبدو مربحة لاي دولة راغبة في تنفيذ اي عمل عسكري خارجي ضد سوريا، بما فيها تركيا التي تسعى بدورها إلى لعب دور شرطي المنطقة القادر على فرض وجهة نظره. فسوريا تتمتع بتركيبة سياسية وحزبية مغايرة، فضلا عن ان الرئيس السوري بشار الاسد لم يخسر حتى الساعة ثقة جيشه، ولا تماسك قواه الامنية التي تشكل العامود الفقري للنظام، مع الاشارة إلى ان الجيش السوري يقع في ترتيبات عالمية متقدمة من حيث العديد والعتاد، فضلا عن انه جيش عقائدي صاحب عقيدة قتالية لا يمكن كسرها بسهولة، وبالتالي فان استمرار الجيش السوري على موقفه وترابطه الكامل إلى جانب النظام يحول دون اي امكانية عسكرية قادرة على كسر النظام او حتى تطويعه، ناهيك عن ان موقع سوريا الجغرافي يسمح لها بهامش كبير من المناورة من خلال قدرتها على نقل الصراع من داخلها إلى خارج حدودها فتحالفها مع ايران يسمح لها بمد اذرعتها الاستخباراتية إلى اكثر من دولة قريبة وبعيدة على غرار خربطة الاوضاع الامنية في العراق وحتى في تركيا من خلال تحريكها لملف الاكراد بصورة واسعة النطاق.
ولا تقتصر العوامل الاقليمية المساعدة للنظام على الصمود، بل لا بد من التطرق إلى الموقف الروسي الرافض لكل تدخل اجنبي في سوريا. فالاعتقاد السائد في الاوساط الاوروبية يؤكد على ان الموقف الروسي ليس للمناورة او لكسب الوقت، انما هو نابع من شعور موسكو الحقيقي بالخوف من الخروج من منطقة الشرق الاوسط القريبة من منابع النفط ومعابره، فضلا عن خشيتها من خسارة اسواق السلاح في هذه البقعة التي تمثل المتنفس الوحيد للصناعات العسكرية في المنطقة العربية.
وفي هذا السياق، لا يمكن الاغفال عن التحالف السوري الايراني المطلق، الذي قد يدفع بطهران إلى التدخل المباشر في حال شعرت بخطر حقيقي على النظام السوري، وذلك خشية من فقدانها لاكثر من حليف على غرار التضييق على حزب الله وحركة حماس وسائر الحركات التي تدعمها طهران وتصفها بالمقاومة.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الألكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد