حملة «مقاطعون» السورية تنطلق: دعم الليرة وضغط على التجار والحكومة
يستلهم منسقو حملة «مقاطعون» السورية، التي أطلقها في الفضاء الافتراضي في الخامس من أيار الحالي، تجربة برازيلية ساهم فيها عزوف الناس عن شراء مادة البيض لمدة شهر، في إجبار شركات الإنتاج على إعادة أسعارها إلى سابق عهدها، مع تقديم اعتذار علني للجمهور البرازيلي.
ويعتقد محمد شربجي، الشاب الدمشقي صاحب الفكرة، وهو خريج اقتصاد، بإمكانية الوصول تدريجياً إلى تشكيل هذه الكتلة الصامتة الفاعلة «من دون تظاهرات»، التي اقترح بعض المشاركين في الحملة اللجوء إليها، إضافة إلى «دعم الحكومة ومساعدتها لدعم الليرة وتشجيع التجار».
حملة «مقاطعون» الافتراضية انتشرت بكثافة من دون تخطيط مسبق، ليصل عدد المنضمين إليها في ساعات إلى آلاف، بعد تبينها من قبل عشرات الناشطين الشباب.
وأشار شربجي، إلى أن الحملة تهدف إلى «مقاطعة شراء أي مواد استهلاكية لمدة أسبوع بسبب الارتفاع غير المقبول للأسعار ولدعم الليرة السورية» التي شهدت أسبوعاً قاسياً من الانخفاض أمام الدولار وصل إلى رقم غير مسبوق في تاريخها (625 ليرة وسطياً مقابل الدولار في السوق السوداء).
ويضيف «عند شح الليرة من السوق، ومن بين أيدي التجار، سيعود لها جزء من قيمتها، وعند كساد البضائع لدى التجار سيضطرون الى خفض السعر»، وهو الأمر الذي شكك فيه كثير من المعلقين على الحملة، معتبرين أنها لن تؤدي إلى نتيجة في غياب الدولة وأجهزتها عن مراقبة الأسعار في الأسواق، التي ارتفعت إلى حدود خرافية شملت الأساسيات المعيشية، حيث زاد سعر السكر حوالي مئة ليرة في أسبوع.
لم يطرح الشاب عملاً محدداً للقيام بالحملة، بل اقترح ثلاثة محاور للعمل، هي مقاطعة الشراء عموما لمدة أسبوع مع احتمال التكرار، وهو اقتراح وافقه عليه غالبية المشاركين في الاستفتاء. أما اقتراح الشراء من مؤسسات الدولة فقد نال نصيباً من سخرية السوريين التاريخية (فهي حليف التجار والفاسدين)، والاقتراح الأخير تضمن البدء بمقاطعة إحدى المواد من دون نجاح.
الحملة التي انضم إليها سوريون من كل المحافظات لم تخل من انتقادات شرسة لسياسات الحكومة وللنظام والمعارضة، حمّلت جميعها مسؤولية الخراب الذي أصاب البلد بعدما كانت الأسعار فيه هي الأقل مقارنة بمعظم بلدان المنطقة رغم ضعف المداخيل الحكومية فيه.
ويقول شاب من آل السباعي من حماه إن «موضوع المقاطعة لا يمكن أن يطول لأن هناك سلعاً نضطر لشرائها، ومقاطعة أسبوع لن تؤثر، أو أن تأثيرها محدود لفترة». ويضيف «لو كم تاجر بيتحاسبو بيتربي فيهم الباقي».
المرشح السابق عن دائرة محافظة حمص لمجلس الشعب عبد السلام سلامة يوضح أن «الجدوى تكون بالعدد الكبير للمقاطعين»، محملاً ما يجري في سوق الدولار إلى تواطؤ المستفيدين في الحكومة والمرتبطين مع كبار التجار، فإلى اليوم «ما تزال الحكومة تموّل استيراد الكماليات بمبالغ طائلة، في الوقت الذي أوقفت فيه دعم المواد التموينية الأساسية». ويضيف ان «وقف التهريب مثلاً سيخفض سعر الخضار المنتجة محلياً إلى النصف، فلا أحد يستطيع منافسة الدولة إذا لعبت هي دور التاجر بشرف».
من جهتهم، تجار كبار وصغار من المستوردين وقفوا مع الحملة محتجين أيضاً على ارتفاع الأسعار. ويقول أحد كبار تجار الجملة في مدينة اللاذقية «نحن لا نتحمل أية مسؤولية عما يجري، ولسنا من يرفع سعر الدولار. نحن بلعنا الموسى على الحدين، أرباحنا مع ارتفاع الأسعار هبطت من 25 في المئة إلى أقل من 10 في المئة، كما أن كمية جلب البضائع تقل يوماً بعد آخر، وفوق ذلك نضطر لدفع الرشى لعشرات الجهات التي أصبحت منشاراً يأكلنا كما يأكل المواطن، بدءاً من المرفأ وصولاً إلى الحواجز على الطرق وانتهاء بموظفي مؤسسات الدولة. أضف إلى ذلك أن من القرارات العجائبية أنه يجب دفع ثمن المستوردات في المصرف المركزي قبل الاستيراد، وانتظار أن يردوها بعد الاستيراد. دفعنا 40 مليون ليرة سورية وقت كان سعر الدولار 435 ليرة، وحتى الآن لم يعيدوها، وبسبب الفرق فالخسارة تبلغ النصف تقريباً».
يثق محمد وبقية الشباب بأن الوصول إلى التغيير بهذه الطريقة ممكن ولو أنه يحتاج إلى وقت، في ظل الخوف المستمر من ردود أفعال جهات معينة على الفكرة، ويعتبرون أن ارتفاع عدد المشاركين إلى 15 ألف مشارك في ظرف ساعات مؤشر طيب، ويأملون تحقيق نتيجة ولو كانت بسيطة.
كمال شاهين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد