حقيقة الأحاديث النبوية عن عذاب النساء في جهنم
فى محاولة جديدة لتشويه صورة الإسلام فى عيون أتباعه فى أمريكا وأوروبا قبل عيون الأجانب، قام بعض الجهلاء والحاقدين بل الإرهابيين بإرسال آلاف الإيميلات إلى أفراد الجاليات العربية فى الغرب، بها أحاديث نبوية ضعيفة وموضوعة مما تعرف بالإسرائيليات للوقيعة بينهم وبين دينهم فى ظل هذه الظروف المعقدة. هى آحاديث تحقر من المرأة وتروج لتعذيبها وتسىء للإسلام وتصفه بأنه دين العنف واللاإنسانية والحقد وكان من الطبيعى أن ينفعل رجال الدين ويستشاطون غضبا حيال هذه المؤامرة الخطيرة، خاصة أن ردود الفعل السلبية توالت فور وصول هذه الإيميلات التى تحتوى على هذه الأحاديث المشكوك فيها، والتى وصفها البعض «بالتخاريف»!!
ومن أحدث هذه الأمثلة التى استطعنا أن نحصل على وثيقة منها فهى خاصة بحديث موضوع يقول «عن الإمام على بن أبى طالب قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم فوجدته يبكى بكاء شديدا فقلت: فداك أبى وأمى يا رسول الله ما الذى أبكاك، فقال «صلى الله عليه وسلم» يا على: ليلة أسرى بى إلى السماء رأيت نساء من أمتى فى عذاب شديد إذ ذكرت شأنهن لما رأيت من شدة عذابهن- رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلى دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب فى حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة قد شدت إلى يديها وقد سلطت عليها الحيات والعقارب ورأيت امرأة عمياء في تابوت من النار يخرج دماغ رأسها من فخذيها وبدنها يتقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة معلقة برجليها فى النار، ورأيت امرأة تحرق وجهها ويدها وهى تأكل أمعاءها، ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار، وعليها ألف ألف لون من بدنها، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من دبرها وتخرج من فمها، والملائكة يضربون على رأسها وبدنها بمقاطع من النار فقالت فاطمة: حسبى وقرة عينى أخبرنى ما كان عملهن، وسيرهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا بنيتى، أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطى شعرها من الرجال، أما المعلقة بلسانها، كانت تؤذى زوجها، أما المعلقة بثدييها فإنها كانت تمتنع عن فراش زوجها، أما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، أما التى تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزين بدنها للناس، أما التى شدت رجلاها إلى يديها وسلطت عليها الحيات والعقارب، فإنها كانت قليلة الوضوء قذرة اللعاب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تتنظف وكانت تستهين بالصلاة. أما العمياء والصماء والخرساء فإنها كانت تلد من الزنى، فتعلقه بعنق زوجها، أما التى كانت تقرض لحمها بالمقارض، فإنها كانت قوادة، أما التى رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمامة كذابة، أما التى على صورة الكلب والنار تدخل من دبرها وتخرج من فمها فإنها كانت نواحة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ويل لامرأة أغضبت زوجها وطوبى لامرأة رضى عنها زوجها. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نرجو نشر هذا الموضوع إلى كل مسلمة غافلة لعل الله يهديها..»
- إلى هنا ينتهى الحديث بعد أن أضاف «الأخ الفاضل أو الأخت الفاضلة» الحريصون على دينهم، الحملة التى يدعون فيها إلى نشر الحديث بين المسلمات الغافلات عسى أن يهديهن الله. وعلى الرغم من خطورة ما جاء فى هذا الحديث فإن هذا لا يقارن بالذى استشعرناه عندما قمنا بجولة على المنتديات الإلكترونية ومعظمها خاص بمواقع شهيرة مثل «موقع عمرو خالد» حيث لاحظنا وجود مقاطع شبيهة بهذا الحديث متناثرة بشكل مخيف على المنتديات المختلفة ولعل أبرزها رسالة أرسلها أحد المشاركين فى منتدى إلى فتاة غير مقتنعة بالحجاب وفيها يقول: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الأخت التى تقول إنه لا يوجد ما يسمى بالحجاب، لا أعرف من أنت غير إنك لا تعرفين دينك جيدا ولو معلومة بسيطة عنه، وطريقتك فى إبداء رأيك أن الحجاب لزوجات الرسول فقط يذكرنى بطريقة الإرهابيين الذين يتسترون وراء الدين لعمل ما يحلو لهم من جرائم أرجو أن تعرفى قصة الإسراء والمعراج خاصة الجزء الخاص بما رآه الرسول «صلى الله عليه وسلم» عن أهل جهنم، نساء معلقات من شعورهن، لأنهن كن لا يلبسن الحجاب». منتدى آخر، وحديث آخر أيضا متعلق بمشاهد الإسراء والمعراج، ومرتبط بالحديث الأساسى الذى أوردناه، ومنه نأخذ هذه المقاطع.. «ورأيت نساء عليهن سراويل من قطران وفى أعناقهن السلاسل والأغلال، فقلت من هؤلاء يا أخى يا جبريل ؟ قال: هؤلاء المستخفات بأزواجهن اللاتى تقول إحداهن لزوجها ما أشنع وجهك وما أقبح شكلك».
وأيضا «رأيت نساء قد احترقت وجوههن وألسنتهن مندلعات على صدورهن، فقلت من هؤلاء يا أخى يا جبريل ؟ قال: هؤلاء اللواتى يقلن أزواجهن طلقنا بدون سبب» د. أحمد عمر هاشم رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب: الحديث لم يمر علىَّ من قبل، ولا فى أى كتاب من الكتب المعروفة أو الموثوق بها. وعندما علم أن الحديث لم يسند إلى أحد من الرواة، قال «هذا يؤكد أنه من الممكن أن يكون حديثا موضوعا لأنه عندما يروى أحد الأشخاص حديثا عليه أن يذكر إسناده كأن يقول رواه مسلم، أو البخارى، وهو الأمر غير المتحقق فى هذا الحديث». ولكنه عاد وأكد على أنه فى نفس الوقت لا يوجد من يجرؤ على تكذيب حديث ما، دون التأكد». وأضاف هاشم قائلا: أنا أشم رائحة التحريف فى هذا الحديث.. وهو الأمر الذى يدعم شكوكنا فى أن يكون هذا الحديث مدسوسا. واتفق د.عبد المعطى بيومى العميد الأسبق لكلية أصول الدين.. مع رؤية هاشم قائلا أنه لم يقرأ هذا الحديث من قبل ولم يستشهد به، ومن الممكن أن يكون حديثا محرفا وموضوعا. د. عبد المعطى أشار إلى أنه لا يعتقد أن ارتكاب المعاصى التى وردت فى الحديث تستحق مثل هذه العقوبات المبالغ فيها!!
ويرى جودة المهدى عميد كلية القرآن الكريم بطنطا وأستاذ الحديث والتفسير الأسبق أن الحديث بالتفصيلات المذكورة غير موجود ولكن هذا لا ينفى أنه ربما تكون هناك معان فى هذا الحديث وردت من قبل ولكن ليست بهذا الوصف المبالغ فيه. د. جودة اتفق مع د. أحمد هاشم فى أن الأحاديث التى نأخذ بها هى التى أخرجها مصدر من مصادر السنة، وبالتالى فهو يرى أن هذا الحديث ليس مرويا بشكل علمى ويقول د. جودة: إنه ربما تكون بعض هذه المعانى وردت فى مشاهدات الرسول «صلى الله عليه وسلم» المتعلقة بالإسراء والمعراج، ولكن يظل هذا الحديث مليئا بالتوصيفات المبالغ فيها والمجافية لروح السنة النبوية ! وهو الأمر الذى أكدته أيضا د. سعاد صالح عميد كلية الدراسات الإسلامية، حيث أشارت إلى أن أسلوب الترويع والتخويف الذى نراه فى الحديث لا يمت بصلة للإعجاز النبوى. كما أكدت أن المسألة لا يمكن أن نقصرها على هذا الحديث، لأن هناك أحاديث أخرى ينشرها من يحاولون بعث الفكر الوهابى، مثل الأحاديث التى تتحدث عن وجوب النقاب أو التى تكفر الناس. زاد استياء د. سعاد عندما علمت أن هذا الحديث يوزع على الجاليات العربية بأمريكا حيث رأت أن هذا يعطى لخصوم الإسلام القنابل التى يضربون بها إسلامنا ويخلقون به إسلاما متخلفا إرهابيا.، لذا فالحل من وجهة نظرها هو أن تنقى السنة من مثل هذه «التخاريف» وهى مهمة يجب أن يقوم بها علماء الأزهر الأجلاء. ورأى حسن عبيدو أستاذ التفسير والحديث وعلوم القرآن: إن الحديث قد يكون موضوعا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى مشاهد كثيرة فيما يتعلق بالإسراء والمعراج، خاصة المتعلقة بالنساء المعذبات ولكن هذا لا ينفى أن هناك أشياء زائدة ومبالغا فيها. من ناحيتها تقول د. رجاء حزين أستاذ قسم الحديث بكلية الدراسات الإسلامية: إن الحديث قد يكون عبارة عن مقتطفات من أحاديث أخرى.
أما د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية فكانت أكثر العلماء سخطا وانفعالا وصرخت.. ماذا أقول؟ إذا تحدثت سأقول كلاما لن يعجب الكثيرين ويسبب لى المشاكل، وأنا عندى هموم الآن أكبر من هذه الصدامات والمشاكل. د.آمنة أكدت على أنها أستاذ فلسفة إسلامية تتعامل بشكل أساسى مع العقل وبالتالى هذا لا يجعلها تقتنع بسهولة بمثل هذه الأشياء التى يتم ترويجها ونسبها زورا إلى النبى وقالت د.آمنة: أنا لا أدرى من هؤلاء الحمقى الذين ينشرون مثل هذه الأحاديث الآن فى الوقت الذى نجد فيه الأمة مستهدفة وقالت: ألم يجد هؤلاء بين كل الأحاديث النبوية سوى هذا الحديث لينشروه فى أمريكا. لعلنا نتفق مع د.آمنة فيما أشارت إليه من أن أمتنا الإسلامية فقدت فراستها وقدرتها على قراءة العصر ومفرداته وقضاياه. ونتفق معها فى قولها إننا فقدنا الأهلية لأن نكون بشرا لدينا كرامة وقادرين على التعامل مع متغيرات العصر بشكل راق ومحترم. وعلقت الدكتورة آمنة وهى تستمع إلى الحديث «يعنى الرجل اللى يضرب أو يؤذى مراته ده مش هايروح النار»؟!!
هذا الحديث الذى رصدناه يؤكد حقيقة واضحة هى أن هناك أزمة كبرى يعانى منها الفقه الدينى فى عالمنا العربى والإسلامى. على الأزهر الشريف وعلى كل من لديه انتماء حقيقى إلى هذا الدين أن ينتبه إلى مثل هذه الألاعيب ويحاول من خلال الإسناد والتوثيق أن يعمل على تنقية ديننا من مثل هذه الموضوعات التى تسىء للإسلام!
المصدر: روز اليوسف
إضافة تعليق جديد