حرب الثلاثة آلاف مليار دولار
وصلت تكاليف الحرب في أفغانستان والعراق إلى مستويات مذهلة, فالإدارة الأميركية أخطأت بشأن المنافع المرتقبة من تلك الحرب وبشأن تكاليفها, إذ إن الرئيس الأميركي ومستشاريه توقعوا حربا خاطفة ورخيصة, لكنهم الآن يواجهون حربا تكلف ما لم يكن أحد ليتصوره.
ففي كتاب سينشر نهاية فبراير/شباط الحالي بعنوان "حرب الثلاث ترليونات" لجوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001، وليندا بيلمز المحاضرة في مدرسة كيندي الحكومية بهارفرد، ورد تقرير نشرت صحيفة تايمز البريطانية ملخصا له قال بأن تكاليف العمليات العسكرية الأميركية المباشرة –لا تشمل التكاليف على المدى البعيد كالعناية بالجرحى من الجنود- فاقت تكلفة حرب فيتنام وزادت على ضعف تكاليف الحرب الكورية.
وحتى لو اعتمدنا أحسن السيناريوهات فإن هذه التكاليف يتوقع أن تصل عشرة أضعاف تكاليف حرب الخليج الأولى وضعفي تكاليف الحرب العالمية الأولى.
والحرب الوحيدة في التاريخ الحديث التي كلفت أكثر من هذه الحرب هي الحرب العالمية الثانية التي شارك فيها 16 مليون و300 ألف جندي أميركي قاتلوا لمدة أربع سنوات وكلفت (بالدولار الأميركي بعد تكييف قيمته مع التضخم 2007) خمسة ملايين مليون أو خمسة آلاف مليار دولار.
ورغم أن كل القوات الأميركية آنذاك كانت فعليا منهمكة في قتال اليابانيين والألمان، فإن تكلفة الوحدة العسكرية لو حسبت بقيمة الدولار اليوم لكانت 100 ألف دولار بينما تكلف الوحدة الآن 400 ألف دولار في العراق.
ولم يحس الأميركيون حتى الآن بهذه التكاليف إذ إن الثمن بالدم دفعه الجنود المتطوعون والمقاولون المؤجرون, أما الثمن المادي فقد مُوّل بالكامل عبر الاقتراض.
ولم ترفع نسب الضرائب بل خفضت الضرائب على الأغنياء, لكن الواقع هو أن تكاليف الحرب أمر حقيقي حتى لو جرى تأجيل دفعها ربما لجيل آخر.
ومع اقتراب حلول بدء السنة الخامسة للحرب على العراق يتوقع أن تصل تكاليف الحرب في العام 2008 إلى 12.5 مليار دولار شهريا في العراق وحده، ولو أضفنا أفغانستان يكون المبلغ 16 مليار دولار، وهو ما يعادل الميزانية السنوية للأمم المتحدة وميزانية كل الولايات المتحدة ما عدى 13 منها.
ورغم ذلك فإن هذا المبلغ لا يشمل 500 مليار دولار تمثل النفقات السنوية لوزارة الدفاع، كما لا يشمل النفقات الخفية كالتي تصرف على جمع المعلومات الاستخبارية أو المبالغ التي تختلط مع ميزانيات الوزارات الأخرى.
ولأن هناك تكاليف كثيرة لا تعدها الإدارة الأميركية, فإن التكلفة الإجمالية للحرب أكثر مما تظهره الأرقام الرسمية.
أما بريطانيا التي خصصت في البداية مليار جنيه إسترليني للإنفاق على الحرب, فإنها أنفقت حتى نهاية العام 2007 ما يقرب من 7 مليارات جنيه (76% منها في العراق والباقي في أفغانستان).
وحسب التوقعات فإن إنفاق بريطانيا على حربي أفغانستان والعراق سيزيد على 18 مليار جنيه بحلول عام 2010, وإذا ما أضفنا التأثير الإجمالي لذلك على المجتمع البريطاني فإن التكلفة ستزيد على 20 مليار جنيه.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد