جدل لبناني (نماذج يومية للتحالفات التفكيكية)

لم تعد صورة الوضع في البلاد خافية على أحد ولذلك لن يذهب المتحاورون الى طاولة الحوار غداً للدخول مباشرة في "البند المتبقي" وهو "الاستراتيجية الدفاعية" بل انهم على الأرجح لن يتمكنوا في الوقت المتاح لهم من الولوج الى هذه المسألة قبل الانتهاء من جملة عناوين فرضتها سلسلة من التطورات التي شهدتها البلاد خلال الأيام والأسابيع الأخيرة.

وقال الوزير غازي العريضي الذي أجرى أمس جولة أفق "جدية وعميقة" مع العماد ميشال عون ان عدداً من القضايا سيفرض نفسه على طاولة الحوار. وأوضح  ان بين هذه القضايا:

أولاً ــ موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وهو بند متفق على تنفيذه الا ان ما جرى في الجنوب والتغطية على الصواريخ التي جرى اطلاقها طرح تساؤلات مفادها هل نتفق لننفذ ام لنضيع الوقت؟ ثم ان "حزب الله" لم يجب عن أسئلة طرحت عليه. هل هو على علم بالصواريخ ام لا؟ الجهاد الإسلامي نفى مسؤوليته فهل هي "القيادة العامة"؟ وعلى "حزب الله" ان يقول ما رسالته بالتالي الى أهل الجنوب. فاذا كان توريط فريق فلسطيني أشعل الحدود فكيف اذا اعتدت أميركا على إيران؟

ثانياً: ما جرى في بيروت وعدد من المناطق ليل اول حزيران وتداعياته, ثم ما معنى الكلام الذي بدل ان يكحلها عماها الذي اطلقه السيد حسن نصرالله وفيه ان هناك شريحة ممنوع التعرض لها وهذا خط أحمر. ماذا يعني هذا الكلام؟ وهل اذا جرى خلاف على "شيك من دون رصيد" يعتبر الأمر خطاً أحمر؟

ثم ما معيار الموقف؟ هل هناك قانون في البلاد أم خطوط حمر, وهل سيقودنا ذلك الى اعتبار الحديث عن السلاح خطاً أحمر؟

كل هذه القضايا تحتاج الى تقييم, قال العريضي, كما ان ما اتفق عليه في الحوار يحتاج الى تنفيذ قبل الوصول الى النقاش في الاستراتيجية الدفاعية.

على ان ما قاله العريضي لا يكمل الصورة, فالفريق الآخر في "حزب الله" وحلفائه يذهب الى الحوار متمسكاً باستراتيجية دفاعية نقيضة لاتفاق الهدنة كما قال النائب محمد رعد لــ"صدى البلد" وينفي ان تكون حصلت "أعمال شغب" خلال "التظاهرات العفوية" ليل الاول من حزيران, وسيكون "الحزب" الى ذلك مدعوماً بــ"اللقاء الوطني اللبناني" المعارض الذي أعلن عن قيامه أمس على طول الخط, إضافة الى موقف "متقدم" لرئيس الجمهورية العماد اميل لحود دعا فيه الى سحب بند "سلاح المقاومة من التداول".

وكان وزير الإعلام غازي العريضي زار العماد عون في خطوة لافتة أمس ونقل اليه "تحيات وليد بك" وأكد انه ناقش وعون مسائل حصلت في محطات عدة من حياتنا السياسية وبنظرة مستقبلية الى الامام انطلاقاً من عودة الحوار يوم الخميس (غداً) بين قادة البلاد. وأكد انه "في العمق والجوهر لا خلاف على التقييم" بين عون وجنبلاط حول ما جرى الخميس الماضي.

وكرر نصرالله اثر زيارة للعلامة السيد محمد حسين فضل الله دعوته الى اقرار ميثاق شرف بين السياسيين من أجل التخاطب اللائق ووقف الشتائم وقال: "ان القيادات السياسية بيدها ان تكمل الاحتقان في البلد او ان تحل المشكلة".

وأعلن الوزير بيار الجميل ان احداث الخميس الماضي "ستطرح نفسها بقوة على بساط البحث (في جلسة الحوار) كجزء اساسي من مخاوف شريحة واسعة من اللبنانيين من هذا السلاح (سلاح المقاومة) وضرورة ان تكون الدولة وحدها هي الممسكة بزمام الامور في البلاد" وقال: "لو لم يكن هناك سلاح بين ايدي فريق لبناني لما تشجع انصاره على النزول الى الشارع بهذا الشكل".

واعلنت بعد ظهر أمس ولادة "اللقاء الوطني اللبناني" المعارض في مؤتمر صحافي عقد في فندق ماريوت في حضور أركان هذا اللقاء، واذاع الوزير السابق البير منصور وثيقة عمله، التي اكدت ان هدف اللقاء هو التصدي لمسار التمحور المذهبي وهدر فرص استعادة السيادة وبناء الدولة، ومسار التفرد والاستئثار بالسلطة الذي تدفع المجموعة الحاكمة الوطن والدولة في اتجاهه". وشددت الوثيقة على التعاطي مع سلاح المقاومة في اطار السياسة الدفاعية الواجب اعتمادها لحماية لبنان بما لا يمس سيادة الدولة ومقوماتها".

ودعا الى بناء "علاقات سوية ومؤسسية" بين لبنان وسورية "قوامها احترام السيادة والاستقلال في اطار تعاون يؤمن المصالح المشتركة للشعبين والدولتين ويحقق امنا حقيقيا ثابتا" وإقامة علاقات دبلوماسية ترعى مصالح البلدين وتفعيل صيغ التعاون المعقودة بينهما.

واعلن اللقاء انه سيعمل على تحقيق الخطوات الآتية:

- السعي لتأليف حكومة إئتلاف شامل، تحل محل الحكومة الفئوية الحالية.

- وضع قانون انتخاب جديد يحقق صحة التمثيل ويحفظ التوازن الوطني ويخرج البلاد من التمحور المذهبي.

- تقصير ولاية المجلس (النيابي) الحالي واجراء انتخابات نيابية عامة على اساس القانون الجديد.

- تأليف حكومة اتحاد وطني بنتيجة الانتخابات الجديدة تعمل على تحقيق برنامج الاصلاح".

يذكر أان تجمعاً سياسيا باسم "لقاء الأحزاب الوطنية" سيعلن قريبا ويكون متحالفا مع "اللقاء الوطني" الذي سيعقد اجتماعات اسبوعية.

المصدر: صدى البلد