جدل في مصر حول المعونة الأميركية واستقلالية القرار
تباينت ردود الفعل المصرية الرسمية وغير الرسمية إزاء قرار مجلس النواب الأميركي ربط منح ١٠٠ مليون دولار من المعونة الأميركية لمصر بالتقدم في مجال حقوق الإنسان ووقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.
وبينما جاء رد الفعل الرسمي "متأخرا" عندما اتهم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة بتحريض نواب الكونغرس على اتخاذ هذا الموقف من مصر، طالب عدد من البرلمانيين والخبراء الحكومة المصرية بالمبادرة بطلب وقف المعونة "حفاظا على سيادة القرار الوطني".
وأوضح الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية وحيد عبد المجيد أن القرار الأميركي يؤكد تزايد نفوذ الجماعات التي تضغط على مصر في داخل الولايات المتحدة وانحسار قدرة القاهرة في المقابل على احتواء هذا الضغط المتزايد.
وأضاف أن المعونة الاقتصادية البالغة 450 مليون دولار، "لم تجلب أي فائدة لمصر وإنما فتحت أبوابا خلفية للفساد"، كما أنها تتناقص كل عام وستنتهي خلال 6 أو 10 سنوات، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن القرار الأميركي الأخير فإن من مصلحة مصر وقف هذه المعونة.
ويرى في المقابل ضرورة الحفاظ على المعونة العسكرية -1.3 مليار دولار- "إذ إنها لا تشكل ضررا سياسيا أو اقتصاديا كنظيرتها الاقتصادية"، فضلا عن أنها لا تتعارض مع مبدأ تنويع مصادر تسليح الجيش المصري، حيث إن جزءا كبيرا منها مخصص للتدريب وليس للتسليح، وبالتالي يمكن الاعتماد على أكثر من جهة في تسليح الجيش بخلاف أميركا في ظل وجود المعونة العسكرية.
وعلى العكس من ذلك يرفض الخبير الإستراتيجي المصري اللواء محمود خلف وقف المعونة الأميركية سواء الاقتصادية أو العسكرية.
ويرى في حديث للجزيرة نت أنها ليست منحة أو هبة من الولايات المتحدة لمصر ولكنها جاءت طبقا لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وأنه "من خلال المعونة كانت واشنطن تحافظ علي التوازن المصري الإسرائيلي بالحد المعقول والمقبول".
ويختلف النائب المستقل ورئيس تحرير جريدة الأسبوع مصطفى بكري مع الرأي السابق، ويقول "علينا الاختيار بين المعونة أو الحفاظ على كرامتنا.. استمرار قبول المعونة يعني الرضوخ للمطالب الأميركية التي تمثل تدخلا سافرا في السياسة المصرية داخليا وخارجيا".
أما رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عبد المنعم سعيد فحمل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية جزئية عن القرار الأميركي "بسبب استمرارها في عمليات تهريب الأسلحة إلى غزة وهو ما يؤدي إلى تعكير صفو العلاقات بين مصر وأوروبا وأميركا".
وقال "للأسف هناك صمت حيال هذه المسألة في الإعلام المصري ولا يوجد من يتحدث عن تأثير حماس السلبي على الأمن القومي المصري وتهديدها لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل".
لكن يمن حماقي رئيسة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري وعضوة الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم رفضت هذا الموقف، مؤكدة أن "اللوبي الصهيوني داخل الكونغرس الأميركي نجح بعد محاولات دامت عشر سنوات في التأثير على القرار الأميركي تجاه مصر".
وقالت: "حماس حركة موجودة على الأرض ولديها حكومة انتخبت من قبل، ورغم وقوعها في أخطاء بغزة وتشددها حيال المفاوضات مع إسرائيل، فإنه يجب التعامل معها وعدم عزلها أو تحميلها ممارسات إسرائيل".
كما رفضت حماقي مطالبة البعض برفض المعونة باعتبارها أصبحت ورقة مساومة على السيادة الوطنية، وقالت إن "أي مجال يأتي بمصلحة لمصر يجب عدم تركه طالما نستطيع الاستفادة منه ونحن مرفوعو الرأس، والمعونة جزء من العلاقات الدولية بين القاهرة وواشنطن والتي تخضع لمفاوضات وتجاذبات وتحكمها حاجات البلدين لبعضهما البعض".
محمود جمعة
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد