جدل بين الحزبييين والمعارضة حول هيمنة البعث على الانتخابات
أدلى الناخبون السوريون اليوم بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية لاختيار 250 عضوا جديدا لمجلس الشعب من بين 2500 مرشح استمروا في المعركة الانتخابية حتى نهايتها. وقد تسلم أكثر من 7.5 مليون ناخب، من أصل 12 مليون سوري يحق لهم الاقتراع، بطاقاتهم الانتخابية.
وفي الوقت الذي شكل فيه حزب البعث الحاكم و الأحزاب المتحالفة معه في "الجبهة الوطنية التقدمية" قوائمه الانتخابية والتي بلغ عدد أعضائها 167 مرشحا, ترك للمستقلين من الشرائح الأخرى 83 مقعدا، الأمر الذي اعتبره البعض "هيمنة لحزب البعث على مجلس الشعب".
وقال حسن عبد العظيم، الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم ستة أحزاب معارضة، إن مثل هذه الهيمنة هي التي دفعت بأحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات رغم رغبتها بالمشاركة وفق أسس مقبولة.
وأضاف عبد العظيم انه في ظل المادة الثامنة من الدستور السوري الحالي، التي تكرس سلطة الحزب الواحد، فان ذلك يؤدي إلى سيطرة هذا الحزب عبر الأكثرية المفروضة على مجلس الشعب، الأمر الذي يعني أن أي مشاركة انتخابية ستكون "منقوصة".
أما النقطة الهامة الأخرى، حسب عبد العظيم، فهي التعديلات التي طرأت على قانون الانتخاب الحالي خلال العقود الأخيرة، مما أفرغه من مضمونه الديمقراطي تماما، كما جعل هذه الانتخابات، و التي يجب أن تعبر عنها صناديق الاقتراع، غير متطابقة مع إرادة الناخبين.
وكشف عبد العظيم عن أن أحزاب المعارضة كانت قد قررت خوض الانتخابات، لكنها قبل ذلك طالبت بتعديل قانون الانتخاب و توفير أجواء معقولة للنشاط الانتخابي للقوى السياسية السورية.
وأضاف: " لكننا واجهنا إصرارا من السلطة على عدم تعديل أي نص يمكن الرأي الآخر و تيار المعارضة من التنافس العادل مع قوائم السلطة".
وقال عبد العظيم إن ورود اسم احد المرشحين في قوائم الجبهة الحاكمة يعني بالحتمية نجاحه في الانتخابات. ووصف عبد العظيم هذه الانتخابات بأنها "غير ديمقراطية و صورية و لشكلية" حيث تكون النتائج فيها محسومة سلفا
وقال المعارض السوري: "عندما يوضع اسم أي مرشح في قوائم الجبهة فإن الكثير من المسؤولين يبدؤون بالمباركة له سلفا حتى قبل صدور نتائج فرز الأصوات الانتخابية" . لكن الياس مراد، رئيس تحرير صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم، يرى في طرح مفهوم الهيمنة خطأ كبيرا.
وقال مراد إن حزب البعث و تسعة أحزاب معه، والتي تشكل الجبهة الوطنية التقدمية، تعبر عن نسبة عالية من الحضور الشعبي في المجتمع السوري.
وأضاف: "عند اتفاقها (أحزاب الجبهة) بين بعضها البعض على قوائم لها تكون قد اختارت ممثليها كما في كل أحزاب العالم لتطرحها على الشعب لنيل ثقته و هذا عرف ديمقراطي".
وتابع مراد كلامه قائلا إذا كان البعض يعتبر ذلك هيمنة لحزب ما، فهو يرتكب خطأ كبيرا في هذا الاتجاه. وقال مراد إنه لا يريد أن يشبه الديمقراطية السورية بالديمقراطية الأميركية، لكنه تساءل: "عندما يفوز الحزب الجمهوري في أميركا بالأغلبية، فلماذا لا نقول إن هناك هيمنة جمهورية على القرار الأميركي حيث يأتي هذا الحزب بمؤيديه إلى مواقع القرار و السلطة؟ و كذلك الحال لدى حزبي العمال و المحافظين في بريطانيا و كذلك الديغوليين في فرنسا؟
ودافع مراد عن توجهات حزب البعث الانتخابية بقوله: "منذ عدة ادوار تشريعية يعمل حزب البعث على تقليص عدد أعضائه ومؤيديه في مجلس الشعب السوري لمصلحة أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و المستقلين، على الرغم من انه و عبر مؤيديه فقط يستطيع الحصول على أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشعب" .
بينما يرى بعض السوريين، مثل الحاج أبو محمد، أن المواطن السوري في حيرة من أمره، فهو لا يعرف كثيرا عن الوجوه المرشحة لمجلس الشعب فالكثير منها لا يملك تاريخا سياسيا أو خبرة في العمل السياسي أو الاجتماعي.
أما ياسين، وهو عامل في احد المصانع، فيقول: "إن التصويت حق للمواطن، و لكن المرشحين بشكل عام غير أكفاء، فهم يصرفون الملايين و لا نعود نرى وجوههم إلا بعد أربع سنوات".
لكن زياد، وهو احد أعضاء الحزب الشيوعي، فيقول انه ملتزم بقرار حزبه بالتصويت لأعضاء الجبهة الوطنية التقدمية. ورغم تطور تقنيات الانتخاب من حبر سري وصناديق شفافة، ورغم الملايين التي صرفها المستقلون في مضافاتهم وإعلاناتهم، فان المواطن السوري مازال يراهن على المرشح الذي يحمل معه هم الحياة المعيشية وتطوير اقتصاده الوطني.
عساف عبود
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد