ثورة مصر تجتاز يوم اختبار القوى

20-07-2013

ثورة مصر تجتاز يوم اختبار القوى

اجتازت ثورة مصر، أمس، اختباراً جديداً صعباً للغاية، حيث لجأت «الإخوان المسلمين» مجدداً إلى حشد مناصريها في الشارع تحت شعار «كسر الانقلاب»، وذلك في استعراض قوة هدفه المعلن عودة محمد مرسي، فيما هدفه الحقيقي تحسين شروط التفاوض مع السلطات المؤقتة بعدما أظهرت مؤشرات عدّة خلال الأيام الماضية أن الجماعة قد تطوي صفحة الرئيس المعزول. مؤيدون لمرسي يحملون لافتات مؤيدة له في ميدان رابعة العدوية، وقد حمل احدهم علم تنظيم «القاعدة» (اب ا)
لكنّ استعراض القوة هذا، والذي غلب عليه الانتشار الجغرافي أكثر منه الحشد العددي، قوبل برد فوري من القوى الثورية، التي حشدت بدورها مناصريها في ميدان التحرير وقصر الاتحادية الرئاسي وأماكن أخرى إحياءً لذكرى انتصار العاشر من رمضان (حرب اكتوبر 1973)، ودفاعاً عن مكتسبات الموجة الثورية التي عمّت مصر في الثلاثين من حزيران الماضي.
بدوره، لم تخرج تحركات الجيش المصري عن إطار استعراض القوة، سواء في التحليق المستمر للتشكيلات الجوية فوق سماء القاهرة، أو في التحذيرات المتتالية التي أصدرتها قيادة القوات المسلحة لمؤيدي مرسي من مغبة العبث بالأمن، أو المس بالمنشآت الحيوية في البلاد، وهو ما ترجمته في تصديها لمسيرات «الإخوان» قرب قصر الاتحادية ومقر القيادة المركزية في القاهرة، وفي أماكن أخرى.
وعكست البيانات المتلاحقة التي أصدرها «الإخوان المسلمون» يوم أمس معبّرة عن مقاصدهم. فقبل الظهيرة، كان «الإخوان» يتحدثون عن «انفجار شعبي في وجه الانقلاب»، و«حشود غير مسبوقة في القاهرة والمحافظات في مليونية كسر الانقلاب».
وطوال ساعات ما بعد الظهر كانت بيانات «الإخوان» تتحدث عن تظاهرات مليونية في أماكن عدّة في القاهرة (رابعة العدوية، الاتحادية، العباسية، مقر الحرس الجمهوري، الجامع الأزهر)، والجيزة (ميدان النهضة)، والاسكندرية (مسجد القائد ابراهيم).
لكن وسائل إعلام محلية ومراسلين أجانب تحدثوا عن حشود تضم بضعة آلاف في هذه المناطق، ما يعني أن «الإخوان» وحلفاءهم في تيار الإسلام السياسي أرادوا بذلك أن يظهروا انتشاراً أفقياً في شوارع مصر بدلاً من التركيز على الجانب العددي، برغم حديث صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لهم عن أعداد «مليونية».
ولعل هذا ما أكده بيان صادر عن «الإخوان» قبل المغرب، جاء فيه أن «هدف اليوم أن يدرك الجميع جيداً، وخاصة في الخارج، قوة التيارالإسلامي».
الحشد وراء «كسر الانقلاب» كان منضبطا، منظما، كثيفا، سلميا بصورة كبيرة، فيما كان الخطاب الرئيس في الفاعلية، أي خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها الداعية السلفي محمد عبد المقصود، تكفييرياً وإقصائيا ومتطرفاً.
وبدا أن جماعة «الإخوان» قد سعت لإظهار مقدرتها التنظيمية وتحديد كفاءة مختلف مستوياتها التنظيمية.
المواجهات على طريق المسيرات كانت بدورها في مستوى معقول عند الأخذ في الاعتبار أجواء نهار رمضان الحار، وظروف العطلة الاسبوعية التي يقل عندها الزحام والاحتكاك والتدافع.
وبدا أن الحشود تستهدف التأثير على نظرة العالم لمؤيدي الرئيس، ثم الاحتكاك بالجنود والضباط، الذين كان أداؤهم منضبطاً.
وحتى ليل أمس كان الجيش قد اجتاز مرة أخرى اختبار ضبط النفس، وأدار ضبط إيقاع التظاهر بدرجة متميزة.
وعادت صور مرسي إلى الظهور بكثرة، فيما قلّت أعلام مصر، التى ظهرت الجمعة الماضية بكثافة كبيرة.
وأمام البوابة الرئيسية لقيادة المنطقة المركزية، رصدت «السفير» بعض المؤشرات التي تلخص إيقاع «الإخوان» والجيش في تظاهرات «كسر الانقلاب»، في الآتي أبرزها:
- «ملتزمون بضبط النفس حتى آخر مدى حتى وإن اعتدوا بالحجارة، أما لو أطلقوا رصاصة حية واحدة، فسنرد بالضرب في المليان». بتلك الكلمات الواضحة شرح الموقف الرائد أيمن، من قوات «الصاعقة» والمكلف تأمين الموقع.
- تعالت الهتافات موجهة للجنود «قتلة... خونة»، ثم سيل من سباب وبذاءة، فعودة إلى الهتافات مرة أخرى، ثم هتاف للرئيس المعزول محمد مرسي، فعودة للسباب. انفعل أحد الجنود وبادلهم السباب، فنهره الضابط صارخاً: «انتباه يا عسكري».
- ظهرت سيارة ثبتت في أعلاها مكبرات للصوت، وأخذ أحدهم يخاطب الجنود طالبا منهم عدم إطاعة الأوامر، منطلقاً من حديث شريف نسبه إلى الرسول: «من أطاع ظالماً باء بإثمه». ويبدو أن صاحب الصوت أدرك أن الجنود لم يفهموا فحوى كلامه فراح يفسره بلغة أبسط.
- عند قدوم مجموعة جديدة من الجنود للتأمين، أخذ المتظاهرون يهتفون لهم «الجيش والشعب ايد واحدة»!
وسألت «السفير» قيادياً ميدانياً من «الإخوان» عن التحركات المقبلة فأجاب: «لن يكون هناك اعتصامات أخرى خارج رابعة العدوية»، مضيفاً أن «هدف اليوم هو أن يدرك الجميع جيداً، وخاصة في الخارج، قوة التيار الإسلامي».
وقرابة منتصف الليل توجهت مسيرتان لمؤيدي مرسي باتجاه مدينة الإنتاج الإعلامي في 6 اكتوبر وقصر العروبة في مصر الجديدة.
في المقابل، كانت أجواء فاعليات مليونية «النصر والعبور» التي دعت إليها حركة «تمرد»، وجبهة «30 يونيو» احتفالية.
وخرج عشرات الآلاف إلى ميدان التحرير للاحتفال بذكرى نصر العاشر من رمضان وتأكيد مكتسبات «ثورة 30 يونيو».
وبحلول المساء، امتلأ ميدان التحرير بمناصري الثورة، فيما توجه عشرات الآلاف في مسيرة حاشدة إلى قصر الاتحادية، رداً على تحركات «الإخوان». كما شهدت محافظات اخرى تحركات مماثلة للقوى الثورية.

حتى المغرب كان خبر صغير بثته مواقع الكترونية للصحف اليومية قد جذب الاهتمام من الميادين واحتمالات الصدام والمخاوف من انفلات الأعضاء.
الخبر هو ترجمة لحوار أجرته صحيفة «ديلي نيوز ايجيب» مع المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، وقد جاء فيه أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي «لا يطمح في أي مناصب سياسية، لأنه الآن جندي في القوات المسلحة»، ولكن «إذا افترضنا أن السيسي تقاعد، وطالبه الشعب بخوض الانتخابات الرئاسية، أفليست هذه عملية ديموقراطية؟ أم سنلقى الاتهامات مرة أخرى حول رغبة المؤسسة العسكرية في التحكم بالموقف السياسي».
لكن العقيد علي سرعان ما أصدر بياناً جاء فيه أن «ترشيح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي للرئاسة عار تماماً من الصحة، ولا يستند إلى الحقيقة، وإن القائد العام فخور بقيادته للمؤسسة العسكرية».
وأضاف المتحدث العسكري «تداولت بعض وسائل الإعلام ما يشير إلى احتمال أن يرشح السيد القائد العام للقوات المسلحة نفسه للرئاسة، واحتراما لحق الشعب المصري العظيم في معرفة الحقائق الكاملة، تؤكد المؤسسة العسكرية أن هذا الطرح عارٍ تماما من الصحة، ولا يستند إلى أي حقيقة ثابتة، ولم يحدث أن سبق الإشارة إلى هذا من شخص سيادته أو من أي مسؤول في القوات المسلحة».
إلى ذلك، نفى مصدر ديبلوماسي ما تردد عن مفاوضات بين جماعة «الإخوان المسلمين» والحكومة بوساطة الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة القائمة، مؤكدا أن تدخل أي أطراف خارجية في الشأن الداخلي المصري غير مقبول.

على صعيد متصل، دعا نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية ياسر برهامي مكتب الإرشاد في «الإخوان» إلى تقديم استقالته.
كما دعا برهامي، في مقال نشره في جريدة «الفتح»، لسان حال الدعوة السلفية، مجلس إدارة الدعوة السلفية إلى أن يضعوا استقالاتهم بيد مجلس الشورى العام بعد أن يقدموا كشف حساب عن المرحلة السابقة.

وفي ما يتعلق بالعمليات العسكرية الجارية في شبه جزيرة سيناء، أكدت مصادر عسكرية تدفق قوات كبيرة ومعدات حديثة من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وتشمل آليات ثقيلة ذات تقنية عالية، وذلك لاستخدامها في الحملة الموسعة التي تشنها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لمطاردة العناصر «الإرهابية».
وذكر بيان صادر عن وزارة الداخلية أن ثلاثة من رجال الشرطة استشهدوا أول من أمس، وأصيب اثنان بإصابات خطيرة بعد أن قام مسلحون بإطلاق النار على قوات الأمن في أماكن متفرقة من سيناء.
ولاحقاً، ذكر مصدر أمني أن ثلاثة مدنيين قتلوا عندما انفجرت قذائف «أر بي جي» في منزلهم خلال هجوم شنه مسلحون على نقطة حدودية قرب العريش.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...