تهجم لافروف على الجبير وزير الخارجية السعودي هل كان متعمدا ام سهوا؟

17-08-2015

تهجم لافروف على الجبير وزير الخارجية السعودي هل كان متعمدا ام سهوا؟

في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع ضيفه السعودي الزائر السيد عادل الجبير، كان من الصعب علينا ان نعرف من هو ممثل الدولة العظمى: السيد الجبير ام مضيفه لافروف، فقد تحدث الضيف السعودي بلغة “صقورية” غير معهودة في علوم الدبلوماسية و”ادواتها الناعمة”، خاصة عندما تطرق الى الملف السوري ومصير الرئيس بشار الاسد.
السيد الجبير كان حازما في اقواله التي اكد فيها “نؤمن ان بشار الاسد انتهى.. فأما ان يرحل عبر عملية سياسية من اجل حقن دماء السوريين، او في سياق عملية عسكرية لان بلاده تعتبره جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل.. وتعتبره السبب في ظهور “داعش” في سورية عندما وجه الاسلحة ضد شعبه”.
مثل هذه “الصقورية” لم تعجب الوزير الروسي لافروف الذي قال “ان اسقاط الاسد عسكريا سيؤدي الى استيلاء “الدولة الاسلامية” على السلطة في سورية لان روسيا تعتبرها خطرا يهدد سورية والسعودية ودول المنطقة الاخرى”، واضاف “السوريون وحدهم يجب ان يقرروا مصير الرئيس الاسد من خلال حوار شامل بمشاركة جميع الاطراف المعنية من اجل تحديد جميع الاطراف المعنية”، وكأنه يقول للسيد الجبير “لماذا تتدخلون في شؤون الآخرين وانتم تزمجرون غضبا اذا تدخل احد في شؤونكم”.
المؤتمر الصحافي الذي نتحدث عنه انعقد يوم الثلاثاء الماضي، ولكن ما ظهر لاحقا، واثبت عمق الخلافات بين الجانبين، استياء لافروف من “عجرفة” ضيفه السعودي وتعاليه، هو ما ورد على لسان الوزير الروسي من عبارة خطيرة جدا تفوه بها اتهمه فيها، اي السيد الجبير، وربما حكومته ايضا بـ “الحمقى الاغبياء”.
***
هذه العبارة انتشرت مثل النار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة، فقد نسي الوزير الروسي، او بالاحرى تناسى، ان الميكروفون الذي بجانبه كان مفتوحا، وربما تعمد الواقعه، لايصال رسالة غاضبة الى ضيفه ودولته تجاه مواقفهم هذه، وتدخلهم في دولة ونظام لولا الدعم الروسي (والايراني) لما بقي في الحكم اشهرا معدودة، خاصة انه كان طوال المؤتمر الصحافي يعبث بهاتفه النقال، ويطلع على ما فيه من رسائل، ويسجل ملاحظات، ويعصر جبهته، كدليل على الملل وعدم الاكثرات، حسب تفسيرات العديد من الخبراء الذين تابعوا ذلك المؤتمر.
لا نعرف ما هي اوراق القوة التي يستند اليها السيد الجبير عندما يشترط رحيل الرئيس الاسد قبل اي حديث عن الحل السياسي في سورية، ويؤكد انه سيرحل سلما او حربا، وان لا مستقبل له في سورية، فهل هناك خطة سعودية سرية لاعلان الحرب على سورية في اطار “عاصفة حزم” اخرى، على غرار ما حدث في اليمن؟
العديد من المسؤولين السعوديين اكدوا بأساليب عدة ان “عاصفة الحزم” لا يجب ان تتوقف في اليمن، ويجب ان تمتد الى سورية ايضا، ولكن ما لا يدركه هؤلاء ان سورية مختلفة اختلافا كليا عن اليمن، وربما هذا ما يفسر دخول الحرب فيها عامها الخامس دون سقوط النظام في اشهر معدودة مثلما كان متوقعا.
الخلاف على مصير الرئيس الاسد ليس بين السعودية وروسيا فقط، وانما بينها وبين حلفائها الغربيين الذين باتوا يعطون الاولوية للقضاء على “الدولة الاسلامية” باعتبارها الخطر الاكبر، ونجحوا اخيرا في اقناع تركيا الحليف القوي للسعودية في الدخول بجدية ضدها وهي التي تلكأت طويلا وتمنعت.
تناقضان رئيسيان يمكن رصدهما في اقوال السيد الجبير في مؤتمره الصحافي والسياسة الخارجية السعودية بشكل عام:

    الاول: حديثه عن ضرورة بقاء مؤسسات النظام السوري على حالها، بما في ذلك المؤسسات الامنية والعسكرية (الجيش)، وذهاب الرئيس الاسد فقط للحيلولة دون تكرار ما حدث في ليبيا والعراق من فراغ امني وسياسي وعسكري، وغرق البلاد في الفوضى.
    الثاني: اتهام الرئيس الاسد بانه السبب في ظهور “داعش” في سورية عندما وجه السلاح الى شعبه.

فاذا كان الرئيس الاسد ميت فعلا، ولا مكان له في مستقبل سورية، مثلما تفضل السيد الجبير في تصريحاته، فان استقبال موفده السيد علي المملوك رئيس جهاز الامن الوطني السوري في مدينة جدة من قبل الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع، ونجل العاهل السعودي، والرجل الذي يدير الدولة فعلا، يتناقض مع هذا الطرح، ويؤكد ان الرجل، اي الاسد، “ليس ميتا” وانما حي يرزق، وهناك من يعترف بشرعيته ويستقبل مندوبه في مدينة سعودية.
اما حرص السيد الجبير على بقاء مؤسسات الدولة السورية ورحيل رأس النظام فقط، بما في ذلك الجيش السوري، فهو قول ايضا ينطوي على تناقض اكبر من الاول، فالسعودية دعمت المعارضة السورية بالمال والسلاح، من اجل “اجتثاث” النظام والقضاء على الجيش السوري الذي يحميه ويدافع عنه، وتتهمه، اي السعودية، بقتل اكثر من مئتي الف سوري.
فكيف يكون هذا الجيش مجرما جزارا في يوم، ثم يتحول الى جيش وطني يجب الحفاظ عليه في يوم آخر، وعفا الله عما سلف، وكيف يفسر لنا السيد الجبير وحكومته هذه القفزة الانتقالية الكبيرة من النقيض الى النقيض؟ نتمنى ان نسمع اجابة واضحة، وان كنا لا نتوقعها مطلقا.
اما اذا عدنا الى النقطة الثانية، وهي اتهام النظام السوري بأنه سبب ظهور “الدولة الاسلامية” او “داعش”، فان التسلسل التاريخي العلمي لظهور هذا التنظيم وتوسعه تقول عكس هذا تماما، فقد كان موجودا بقوة عندما كان الرئيس بشار الاسد الصديق الصدوق، والحليف الاقوى للمملكة العربية السعودية في المنطقة، ويفرش له السجاد الاحمر مرتين في العام، او اكثر، اثناء زياراته المتعددة للرياض او جدة، بل كان الوحيد من بين الزعماء العرب الذي حضر افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا قبل ست سنوات تقريبا، وبحضور العاهل السعودي الراحل.
***
من ساهم بالدور الاكبر بظهور “الدولة الاسلامية” ونموها هو الاحتلال الامريكي للعراق، وسياسات حكومة السيد نوري المالكي الطائفية، وتهميش مكون عراقي اساسي واهانته واذلاله، وحل جيش عظيم كان يحرس البوابة الشرقية للعرب، حارب ايران ثماني سنوات وبمباركة عربية.
“الوهابية” هي العقيدة الايديولوجية الصلبة لـ”الدولة الاسلامية”، واكبر شعبية لهذه “الدولة” موجودة في اوساط شباب المملكة العربية السعودية ودعاتها، واكبر دعم مالي حصلت عليه جاء من مصادر سعودية، شعبية ورسمية، قبل ان تتنبه السلطات السعودية الى خطرها، وتصدر قوانين بتجريم كل من ينتمي اليها، او يؤمن بفكرها من مواطنيها، او يظهر مجرد تعاطف بسيط معها.
نحن هنا نسرد حقائق علمية موثقة، وليس لتبرئة هذا الطرف او ذاك، والراحل ابو مصعب الزرقاوي الذي وضع البذرة الاولى الصلبة لهذه “الدولة الاسلامية” لم يكن عضوا في حزب البعث بشقيه السوري او العراقي، وانما زعيما لحركة “التوحيد والجهاد”، ولم تطأ قدمه الارض السورية مطلقا، وكان ممثلا لتنظيم “القاعدة” في العراق فقط.
من الواضح ان السيد الجبير الذي يترأس حاليا الدبلوماسية السعودية خلفا للراحل الامير سعود الفيصل، لا يملك الخبرة الكافية في هذا المجال، وهذا امر لا يعيبه، فلم يمض عليه في منصبه الجديد الا ثلاثة اشهر فقط، وهو مطالب، حتى يكتسب هذه الخبرة والدراية، ان يختار كلماته بعناية فائقة خاصة عندما يتعاطى مع “حيتان” السياسة الخارجية الدولية والاقليمية مثل سيرغي لافروف.

عبد الباري عطوان:رأي اليوم

 

  رويترز: سُباب «لافروف» في مؤتمره مع «الجبير» يثير جدلا


أثار فيديو نشره ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لوزير الخارجية الروسي  «سيرغي لافروف» أثناء إلقاء وزير الخارجية السعودي كلمته في المؤتمر الصحفي بموسكو، الكثير من الجدل حيث بدا وزير الخارجية الروسي منزعجا أثناء القاء «الجبير»  كلمته ووصف «لافروف» دون أن ينتبه أن الميكرفون يعمل وزير الخارجية السعودي بعبارة «الحمقى الملاعين».

ورفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، «ماريا زاخاروفا» التعليق على المقطع، وقالت إنها لم تسمع أي «ألفاظ نابية» من قبل وزير الخارجية الروسي«سيرغي لافروف» في المؤتمر الصحفي الذي جمع «لافروف» مع نظيره السعودي في موسكو.

وقالت المسؤولة الروسية «لا أرى هنا شيئا أعلق عليه.. لقد قمت بإدارة هذا المؤتمر الصحفي، وأقول بصراحة إنني لم أسمع شيئا من هذا القبيل وأعتقد أنه لم يسمعه جميع الصحفيين الحاضرين .. قراءة الشفاه ليست هوايتي»، مضيفة  أن مباحثات وزيري خارجية روسيا والمملكة السعودية «جرت على نحو جيد».

وكانت وسائل إعلام عالمية وعربية تناقلت مقطعا يظهر «لافروف» خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع «الجبير»، وهو يتلفظ بكلمات نابية قالت إنها تعني «الحمقى الملاعين».

وشمل رد الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة من السفير الأمريكي السابق لدى موسكو «مايكل ماكفول» على تلميح بأن «لافروف» وجه تعليقه إلى الوزير السعودي.

ويمثل هذا حرجا بالغا لموسكو في وقت بدأت فيه موسكو جهودا دبلوماسية جديدة بشأن سوريا.

وكتب ماكفول في حسابه على تويتر:«حقا؟ لقد اعتاد أن يتهمني باستخدام لغة غير دبلوماسية».

وعلق الكاتب والمفكر المصري «محمد الجوادي» قائلا «نصيحة لوزرا الخارجية عامة لا داعي للمؤتمرات الصحفية عقب اللقاءات إذا لم تكن اللقاءات وصلت لاتفاقات  فهذا أفضل مما فعله لافروف مع الجبير».

وقال مصور لرويترز كان حاضرا إن الملاحظة التي قالها لافروف تعني عادة أنه غضب من المصورين، وإنها كانت موجهة فيما يبدو إلى الذين بدأوا التقاط صور وهو يرفع يده لضبط نظارته.

لكن البعض على مواقع التواصل الاجتماعي خلصوا إلى نتائج مختلفة. وقال أحد مستخدمي تويتر إن الرياض سترد بضخ مزيد من النفط وخفض الأسعار أكثر لإلحاق الضرر بروسيا التي تعتمد بشدة على صادرات الطاقة.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...