تدمير البارجة يذهل القيادة الإسرائيلية
شكّل نجاح حزب الله في استهداف سفينة الصواريخ الإسرائيلية <حانيت> مقابل سواحل بيروت، واحدة من المفاجآت المزعجة للقيادة الإسرائيلية، كونه فضح أمرين بالغي القيمة: أولهما اضطرار إسرائيل للإقرار بأنها لم تكن تعلم بتوفر الصاروخ الذي أصاب السفينة بأيدي حزب الله، والثاني أن الصاروخ قادر على تجاوز الدفاعات السلبية والإيجابية في السفينة.
ولا يمكن فهم مقدار المفاجأة التي أصيب بها قادة إسرائيل، من دون معرفة حقيقة سفينة <حانيت> التي تعتبر <درة تاج> سفن الصواريخ الإسرائيلية والتي تبلغ تكلفتها مئات ملايين الدولارات. غير أن القيمة المادية للسفينة ليست العنصر الأهم، وإنما المزايا التي تتمتع بها ونوعية السلاح والأعتدة المزودة بها.
وبحسب رئيس أركان وقائد في سلاح البحرية سابقين، فإن السفينة معدّة للتعامل مع خطر يمثله أشباه هذا الصاروخ وأكثر. وبكلمات قليلة فإن سفينة الصواريخ <حانيت> هي السفينة المعدّة لمواجهة أخطار المستقبل، وهي تحمل على متنها ليس فقط أسلحة معروفة وإنما أهم التقنيات الحربية التي تجعل منها الأولى في حداثتها على الصعيد الإسرائيلي، وبين أحدث السفن الحربية في العالم.
وبحسب آخر المعطيات التي قدّمتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن حزب الله استخدم في استهداف السفينة صاروخاً إيراني الصنع يستند إلى تكنولوجيا صينية، يعتبر متطوراً جداً، لأنه موجّه ذاتياً بالرادار بعد تحديد وجهة انطلاقه. وقد أطلق من الساحل صاروخان توجّه أحدهما خطأ نحو سفينة كمبودية كان على متنها 12 ملاحاً مصرياً وكانت على مقربة من سفينة صواريخ إسرائيلية. وبعد دقائق، أطلق الصاروخ الثاني على السفينة <حانيت> التي كانت على مسافة 16 كيلومتراً قبالة بيروت.
وأصاب الصاروخ مهبط المروحية ومنه مهاجع الجنود في الطوابق السفلية. وتبين مقدار تردّد الجيش في تقديم المعلومات، حيث أعلن في البداية أن لا صحة البتة لتعرّض السفينة لأي صاروخ. وبعدها عاد واعترف بأن إصابة طفيفة لحقت بالسفينة. ولكن بعد حوالى ساعة ونصف من العملية، اكتشف سلاح البحرية أن السفينة فقدت أربعة من أفراد طاقمها وأنه تمّ لاحقاً العثور على جثة أحدهم.
وبدا أن الضربة الصاروخية عطلت قدرة السفينة على الحركة وعلى توجيه نفسها، فقامت سفن البحرية الإسرائيلية طوال أكثر من 20 ساعة بمساعدتها من أجل جرّها وتشغيل نفسها وإبعادها عن الشاطئ اللبناني. وفي وقت متأخّر من مساء أمس، أعلنت إسرائيل أنها أفلحت في إعادة تشغيل السفينة.
ووقعت العملية بعد أربع ساعات من قيام سلاح البحرية بتنفيذ رحلة بحرية للصحافيين الإسرائيليين، لتبيان الدور الذي تقوم به هذه السفن في فرض الحصار وفي محاربة حزب الله.
وحاول قادة سلاح البحرية تبرير الفشل العملياتي، بالإعلان عن أنهم كانوا قد أطفأوا أجهزة الدفاع السلبي خشية حدوث أخطاء مع سلاح الجو الإسرائيلي. غير أن هذا المبرر أثار غضب عدد من قادة الجيش السابقين الذين أكدوا أنه <عذر أقبح من ذنب>. فالسفينة مؤهلة للتمييز بين الأصدقاء والأعداء. وقد اعترف سلاح البحرية في وقت لاحق بأنه لم يكن في ذهنه أبداً أن مثل هذا الصاروخ موجود لدى حزب الله. وشكّل هذا أهم اعتراف بأن ما جرى كان فعلاً واحدة من مفاجآت هذه الحرب.
وتبين المعطيات التي يوفّرها موقع سلاح البحرية الإسرائيلية عن السفينة، أنها من عائلة سفن <ساعر> ومن الطراز الخامس الذي تمّ تجهيزه على أنه سفينة صواريخ المستقبل. فالسفينة هي من النوع المتعدّد المهمات، تحمل على ظهرها مروحية، ولديها قدرة تعامل مع قوات برية فضلاً عن مضادات للطيران وصواريخ ضد الغواصات. وتمتلك السفينة قدرة هائلة على البقاء وقتاً طويلاً في عرض البحر.
وتحمل السفينة منظومات تكنولوجية وتسليحية هي الأكثر تقدماً والأغلى ثمناً وبعضها تحظر إسرائيل مجرد ذكر اسمه في وسائلها الإعلامية. وتمنح منظومات التسليح الظاهرة للسفينة أفضليات لم يسبق لها مثيل في المعارك البحرية. وبُنيت السفينة وكل السفن من عائلتها، شركة أميركية. وسلّمت <حانيت> في العام 1995 لسلاح البحرية الإسرائيلية.
وتحمل السفينة منظومة <بريري ماسكر> التي تتيح تشغيل محركات السفينة من دون ضوضاء أو ذبذبات حركة مما يجعل من الصعب اكتشافها. كذلك تملك السفينة منظومة لتبريد الغازات المنبعثة منها ومواد لامتصاص الموجات الرادارية. وتستطيع السفينة البقاء في البحر 20 يوماً من دون الوصول إلى المرافئ.
تبلغ سرعة السفينة 33 عقدة بطوربينات الغاز، و20 عقدة بمحركات الديزل. كما يبلغ مدى إبحارها 3500 ميل بمتوسط سرعة 17 عقدة.
وتحمل السفينة على ظهرها ثمانية صواريخ هاربون بحرية من صناعة أميركية، الموجهة رادارياً لمسافات بعيدة بسرعة 0.9 ماخ ورأس حربي بزنة 227 كيلوغرام. كما تحمل صواريخ ضد الطائرات يمكن توجيهها أيضاً ضد الصواريخ. وفي السفينة صواريخ إسرائيلية من طراز <باراك> القادر على تدمير الصواريخ المهاجمة والتعامل مع أهداف جوية مختلفة كالطائرات والطائرات الصغيرة من دون طيار. وصاروخ <باراك> يمكن إطلاقه بشكل عمودي الأمر الذي يتيح له التصدّي لأي هدف من أي موضع على محيط 360 درجة.
والسفينة مزوّدة بمدافع فولكان من طراز فالاناكس وطوربيدات ضد الغواصات. غير أن ما تتميز به السفينة أكثر من أي شيء آخر، قدرتها على الحرب الألكترونية من خلال منظومات الدفاع السلبية (للتشويش والإحباط) والإيجابية للتصدي والدفاع. كما أن للسفينة منظومة معرفة الميدان وهي منظومة سيطرة وإشراف مركزي تدمج في داخلها كل قدرات المنظومات الأخرى وتدمجها بصورة تبلور فيها ميدان المعركة البحرية الذي يساعد القائد في اتخاذ القرار.
ويضمّ طاقم السفينة المعهود 64 فرداً بينهم 16 ضابطاً إضافة إلى طاقمين من سلاح الجو (أربعة طاقم المروحية وستة آخرون) والاستخبارات
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد