تحقيق يوثّق استغلال الأتراك للاجئين السوريين : احتيال و"عبودية"
كشف تحقيق استقصائي أعده ثلاثة صحفيين أن عددا كبيرا من العاملين السوريين في تركيا يتعرضون لاستغلال أصحاب العمل و يعانون من غياب قانون يحميهم، بالإضافة لوجود أكثر نصف مليون عامل يبحثون عن فرصة عمل، من دون إمكانيتهم في الحصول على تصاريح رسمية تحفظ لهم حقوقهم العمالية.
وبيّن التحقيق، الذي أعده كل من أحمد حاج حمدو و محمد بارودي والصحفية التركية توغبا تكريك لصالح شبكة "أريج" ونشرته جريدة "الحياة" الندنية أن عددا كبيرا من السماسرة السوريون في تركيا ممن احترفوا مخالفة قانون العمل يترصدون للسوريين ليوصلوهم إلى ورشات خياطة ومصانع أخرى.
احتراف مخالفة القانون تبدأ بتشغيلهم لمدة 15 يوماً تحت التجربة ثم تسريحهم من دون إعطائهم أي تعويض، مروراً بغياب التأمين الصحي في حال حدوث أي ضرر جسدي للعامل، وعدم تساوي الفرص والأجور وساعات العمل في نظام عمل يعرف باسم "أون بيش" وهي ( كلمة تركية تعني خمسة عشر)".
وأوضح التحقيق أن العمال يتم اصطيادهم تحت مسميات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عبر العديد من الصفحات والمجموعات المعلنة والمخفية، منها ما يدعي أنه يساعد السوريين وتحت أسماء مختلفة كـ "فرص عمل في إسطنبول" و "صبايا وشباب سوريا في تركيا".
"ابراهيم العلي" ، 33 عاما، وهو أحد السوريين الذين تعرضوا للاستغلال في تركيا، أصيب بقدمه اليسرى إصابة أقعدته نهائيا عن الحركة، ونقل على إثرها الى مستشفى خاص حيث قام الأطباء بتركيب أسياخ معدنية في ساقه، دفعت عائلته في سوريا تكلفة علاجه بمشقة كبيرة، وأخبره الأطباء أنه لن يتمكن بعد اليوم من الاعتماد على رجله في الحركة.
وبعد صدمتي اللجوء والإصابة، تلقى ابراهيم الصدمة الثالثة. إذ أخبره مديره التركي أن لا حقوق له في الشركة، بما فيه تعويض عن الضرر الذي لحق به وثمن العلاج، على رغم أن قانون العمل التركي يضمن هذه الحقوق للعمال الذين يعملون بعقود قانونية.
وقال التحقيق " عندما هدده ابراهيم باللجوء إلى الشرطة كان رد المدير: إفعل ما يحلو لك. بالطبع، إبراهيم لم يلجأ إلى الشرطة خوفاً من المقاضاة والترحيل، كحال آلاف السوريين".
وبحسب التحقيق طلب من حوالي 76 في المئة من العمال السوريين الانتقال إلى ورشة أخرى بعد 15 يوم أو أكثر بقليل. و68 في المئة من العمال لم يطلب منهم تصريح عمل أو إثبات شخصية عند العمل. و64 في المئة من العمال قام بتغيير ثلاث إلى خمس ورش خياطة في تركيا.
يقول المحامي السوري المتخصص بالوضع القانوني للسوريين في تركيا غزوان قرنفل إن نسبة السوريين الذين يحملون أذن عمل لغاية اليوم متدنية جداً، بسبب صعوبة الحصول عليه، كونه يحتاج إلى أوراق ثبوتية وإقامة سياحية باهظة التكلفة، وهو ما لم يكن متوفراً لدى أي عامل سوري هنا.
ويضيف قرنفل إن "عدم امتلاك العمال السوريين أي وثيقة عمل جعلتهم فريسة للسماسرة وبعض الشركات تحتال عليهم، من دون أن يتمكنوا من تحصيل حقوقهم"، إلا أنه أكد أن في إمكان اللاجئ مراجعة الشرطة وتقديم شكوى.
وزارة العمل التركية أقرت بشكل مبطّن بوجود حالات استغلال، حيث بينت في رد على أسئلة وجهها معدوا التحقيق أن الوزارة اتخذت قراراً بمنح "أذونات العمل للأجانب الذين هم تحت الحماية الموقتة للحكومة التركية" بهدف وضع معيار قانوني لتشغيلهم، ومنع استغلالهم بطرق غير قانونية بما في ذلك تحديد الحد الأدنى للأجور بـ 1300 ليرة تركية".
يذكر أن تركيا استقبلت أكثر من 2.5 مليون مواطن سوري، منذ أن بدأت الحرب في بلادهم عام 2011، يبحث نصف مليون منهم على الأقل عن فرص عمل، من دون أن يكون لدى غالبيتهم تصاريح عمل رسمية تضمن لهم حقوقهم العمالية، في وقت تنشغل فيه الحكومة التركية في استغلالهم للضغط على أوروبا وتحصيل أموال مقابل منعهم من الوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد