انقسامات أميركية ــ أوروبية تجهض مؤتمر باريس

26-06-2007

انقسامات أميركية ــ أوروبية تجهض مؤتمر باريس

يمكن وصف الاجتماع الدولي الذي عقد في باريس امس حول مشكلة دارفور، بالفاشل، في ظل انقسامات واضحة بين واشنطن التي ارتأت فرض عقوبات على الخرطوم، والاتحاد الاوروبي الذي شدد على السير في الحل السياسي، فيما رفضت الصين أي عقوبات قد تندرج تحت الفصل السابع.
واستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي امس الوفود الوزارية لـ 16 دولة تشارك في «اجتماع مجموعة الاتصال الموسعة حول دارفور» إلى جانب الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ومصرف التنمية الأفريقي.
ويرى بعض المراقبين أن سبب «فشل» اللقاء الذي انتهى قبل ساعة من موعده المحدد، وفي غياب بيان ختامي، يتعلق بخصوصيات ما هو مطلوب من اجتماع واسع فضفاض خصوصاً في ظل غياب الدولة المعنية أي السودان. وقد لجأ المسؤولون الفرنسيون إلى «بهلوانيات ألسنية» لتبرير غياب دعوة سلطات الخرطوم إلى الاجتماع.
وأثار عدد المشاركين الضخم (٢٣ دولة ومؤسسة دولية) بعض التساؤلات حول جدوى مثل هذا اللقاء الذي، بحسب قول المروجين له، «لا يسعى إلى الحلول محل المفاوضات السياسية» بين الحكومة السودانية والجماعات المتمردة التي لم توقع اتفاق أبوجا للسلام.
وكان ساركوزي قد صرح خلال لقائه بالمجتمعين، بأن هدف الاجتماع الحالي هو العمل على محورين؛ يقضي المحور الأول بترسيخ دور الأمم المتحدة في قيادة العملية السياسية، بينما يجب أن يقود المحور الثاني إلى التحرك بسرعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية والأمنية على الأرض.
إلا أن التشديد على لسان ساركوزي يتعلق بالأهداف التي أردفت لترافق هذين المحورين والتي بدت كأنها تهديد مبطن للخرطوم وكوّنت «محوراً ثالثاً» إذ قال «يجب علينا أن نكون حازمين مع جميع الذين يرفضون التفاوض». ولم يخف المسؤولون الفرنسيون أن من أهداف هذا اللقاء «توفير دعم مالي للأمم المتحدة في مهمتها» في إشارة إلى «القوات المختلطة» التي وافقت الخرطوم على نشرها في دارفور.
ورغم عدم التطرق إلى مسألة إدراج عقوبات جديدة على السودان، فإن مداخلات بعض الدول تضمنت تهديداً مبطناً في هذا الأمر، بينما كان موقف الولايات المتحدة صريحاً على لسان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي أكدت أن بلادها «تدعو إلى عقوبات إذا أخلّت الخرطوم بتعهداتها إزاء نشر قوات مختلطة في إقليم دارفور». وذكرت بأن «واشنطن اتخذت عقوبات ثنائية ضد السودان»، وتريد مناقشة مسألة فرض عقوبات جديدة في الأمم المتحدة، حيث رأت أنه من الضروري «أن تظهر الأسرة الدولية حزمها إزاء الخرطوم».
وبخلاف واشنطن، رأى المبعوث الأوروبي للتنمية لوي ميشيل أنه يجب «ترك خيار العقوبات مفتوحاً»، مشدداً على ضرورة التقدم في الحل سياسي.
وعلمت «الأخبار» من مصادر شاركت في الاجتماع، أن المجتمعين اتفقوا على استصدار قرار دولي جديد يحدد قواعد تدخل القوات الدولية المختلطة يكون ملزماً للخرطوم. ورغم غياب الحديث عن الفصل السابع، من المتوقع أن تسعى الدول الغربية إلى طرح موضوع القرار، على أن يتضمن «منطقة حظر جوي فوق دارفور» في المرحلة الأولى، ومن المتوقع أن يتضمن القرار الجديد طلباً دولياً لتمويل العملية، وهو ما تمت مناقشته في اجتماع باريس.
لكن العودة إلى مجلس الأمن تفتح الباب أمام الصين للضغط من أجل أن تؤخد ملاحظاتها في الحسبان، فهي ترفض مبدأ العقوبات وخصوصاً تحت الفصل السابع. ويقال إن موافقة الخرطوم على نشر قوة دولية جاءت بعد تأكيدات من الصين بأنها لن «تخرق سيادتها». إلا أن مراقباً أشار إلى أن الصين تفاوض على نفط السودان وعينها على «أسواق الـ «تي شيرت» في سان فرانسيسكو»، في إشارة إلى الحوافز الاقتصادية التي يمكن أن تقدمها واشنطن لبكين في مقابل «تراخٍ في مواقفها تجاه قضية دارفور».
ومع انفضاض الاجتماع، أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن اجتماع آخر بشأن دارفور على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول المقبل. وفي محاولة لتبرير عدم صدور بيان نهائي، قال إن المشاركين في الاجتماع سيجرون اتصالات اسبوعية. أما بان كي مون، فقد أعرب عن قناعته بأن محادثات باريس كانت مثمرة وتسمح بتعزيز جهود الأسرة الدولية المتعلقة بالأهداف الأساسية والتي وضع في أولوياتها المساعدات الإنسانية.

 

بسام الطيارة

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...