انقسام البيت الأبيض إلى معسكرين
الجمل: بعد إنتهاء انتخابات نصف الفترة الأمريكية، والتي ادت إلى سيطرة الحزب الديموقراطي على الكونغرس الأمريكي، فقد ألقت التداعيات بظلالها على خارطة التحالفات داخل اجهزة ومؤسسات هياكل السلطتين التشريعية والتنفيذية، داخل الولايات المتحدة ويمكن وصف ذلك على النحو الآتي:
أولاً: التوازنات داخل المؤسسة التشريعية:
على مستوى مجلسي الكونغرس:
- مجلس النواب الأمريكي: أصبح الحزب الديمرقراطي يتمتع فيه بأغلبية ساحقة مريحة تمكنه بكل سهولة من اصدار القوانين والتشريعات التي يريدها وسوف تتقلد النائبة الديموقراطية نانسي بيلوزي (الأمريكية – الايطالية الاصل) منصب زعيم الأغلبية في مجلس النواب.
- مجلس الشيوخ الأمريكي: اصبح الحزب الديموقراطي يتمتع فيه بأغلبية ميكانيكية طفيفة (51 ديموقراطياً في مواجهة 49 جمهورياً).
ثانياً: التوازنات داخل المؤسسة التنفيذية:
سوف تجد الوزارات الأمريكية نفسها بمواجهة المزيد من القيود التي سوف يفرضها الكونغرس، ومن أكثر الاطراف التي سوف تتضرر: وزارة الدفاع (البنتاغون، وزارة الخارجية، وزارة الخزانة، وكالات الأمن القومي وحتى الآن لم يحدث تغيير جذري في هذه الوزارات.
ثالثا: التوازنات داخل مؤسسة الرئاسة (البيت الأبيض)
خلال الفترة السابقة كان الرئيس جورج بوش ينفذ بدقة تامة كل المخططات التي تقوم بوضعها جماعة المحافظين الجدد في الكونغرس، والبنتاغون، ووزارة الخارجية بحيث يتم تمريرها لجورج بوش بواسطة نائبه ديك تشيني.
حالياً تحاول الكثير من الأطراف الداخلية والخارجية المعنية بالشأن الأمريكي التدخل والقيام بشيء من أجل التأثير على خارطة التحالفات السياسية الأمريكية الداخلية وذلك على النحو الذي يدفع التوازنات في اتجاه دعم مصالحها..
القراءة الحالية للمشهد السياسي الأمريكي الداخلي تشير إلى الآتي:
• انقسام البيت الأبيض إلى معسكرين:
- معسكر الرئيس بوش: ويضم جورج بوش، ومجموعة الـ(41) مستشاراً ومعظمهم من قدماء الساسة الأمريكيين الذين عملوا في فترة إدارة الرئيس جورج بوش الأب.
ويحاول هذا المعسكر تحويل السياسة الأمريكية إلى المسار الواقعي وايجاد المخرج المناسب من الازمات والورطات الماثلة حالياً.
- معسكر ديك تشيني (نائب الرئيس): ويضم المتشددين من عناصر جماعة المحافظين الجدد والتي تصر على دفع - الإدارة الأمريكية إلى تبني سياساتها المتشددة السابقة.
• عملية التطهير الواسعة:
لجنة الـ(41) التي اعتمدها بوش، سوف تقوم استناداً إلى دعم الكونغرس ودعم الرئيس الأمريكي بعملية تطهير واسعة لعناصر والمحافظين الجدد، تحدد أن يبدأ التطهير بإقالة 43 عنصراً يمثلون حالياً شبكة جماعة المحافظين الجدد العاملة داخل البنتاغون (وزارة الدفاع) كذلك تؤكد الاراء بأن جناح ديك تشيني وجماعة المحافظين الجدد قد أصبح مكشوفاً ولا يتمتع بأي سند داخل الكونغرس أو حتى داخل الأجهزة التنفيذية نفسها، إضافة إلى أن استقالة رامسفيلد وزير الدفاع السابق قد أفقدت ديك تشيني وجناحه واحداً من أهم الأركان التي كان يستند عليها طوال الأعوام الماضية كما أن الرئيس جورج بوش نفسه أصبح أكثر توتراً وعلنية في انتقاداته لجماعة المحافظين الجدد وذلك بدليل انتقاده الذي وجهه بعد الهزيمة الانتخابية لـ(كارل روف) احد كبار زعماء المحافظين الجدد والمسؤول الأول عن إدارة كل الحملات الانتخابية للجماعة والحزب الجمهوري وذلك عندما قال الرئيس بوش عن ادائه في الانتخابات الأخيرة ( واضح بانني قد عملت في هذه الانتخابات اكثر منه).
أما بالنسبة للديموقراطين، فما زالوا مصرين على ضرورة تدعيم أغلبيتهم في مجلس الشيوخ عن طريق التركيز على الفوز في الانتخابات التكميلية التي سوف يتم اجراءها لاحقاً بعد إقالة اعضاء الكونغرس الجمهوريين المتورطين في الفضائح الجنسية وفي استلام الرشاوى والعمولات من اليهودي الأمريكي إبراموف الذي كان يلقب بـ(باني البيت الأبيض) وبـ(مروض الكونغرس) بسبب قدرته الفائقة في شراء النواب والمسؤولين على النحو الذي أثر في الكثير من قرارات الحكومة الأمريكية خلال الأعوام الماضية.
وبالنسبة لإسرائيل تقول بعض المعلومات بأن زيارة ايهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن تهدف في جانبها (المعلن) إلى لقاء الرئيس بوش وإلقاء خطاب أمام مؤتمر الجماعات اليهودية ولكن في جانبها (غير المعلن) تهدف إلى ترتيب بعض التحالفات داخل الحكومة الأمريكية بحيث يتم تجميع أصدقاء إسرائيل وحلفاءها من الجمهوريين والديموقراطيين على النحو الذي يشكل تكتلاً موحداً من الجانبين داخل الكونغرس ومن ثم يتم ربط المجموعة بالرئيس بوش على النحو الذي يضمن ولو قدراً محدوداً من السند والدعم التشريعي للرئيس بوش وديك تشني والمحافظين الجدد.
والجدير بالذكر أن نانسي بيلوزي زعيمة مجلس النواب المتوقعة عن الحزب الجمهوري ترتبط بعلاقات وثيقة مع منظمة الايباك وقد سبق ان خاطبت مؤتمر الايباك في أكثر من مناسبة.
وعموماً يمكن القول بأن هذه المحاولة تمثل الأمل الوحيد لإنقاذ جماعة المحافظين الجدد وصقور الإدارة الأمريكية.
قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد