انجاز 50% من جدار الأعظمية واهل الحي يرونه مصيدة لهم
تعد الأعظمية من أشهر أحياء بغداد، وتعود تسميتها الى الإمام ابو حنيفة النعمان وتضم ضريحه. وتقع الأعظمية شمال بغداد وتبدو للرائي من الجو وكأنها شبه جزيرة لالتفاف نهر دجلة حولها. وتقطنها غالبية سنية وتحدها أحياء ومدن مثل مدينة الشعب والقاهرة والجزائر وجميلة والصليخ.
إلا ان هذا الحي شهد خلال السنوات الاخيرة الماضية اعمالا مسلحة وسيطرة مجموعات مسلحة عليه ووجد نفسه بين عشية وضحاها معزولا عن باقي أحياء ومدن العاصمة العراقية بغداد بسبب العنف الطائفي وعمليات التهجير التي طالت بعض العوائل الساكنة؛ فقد استيقظ اهالي الاعظمية منذ نحو شهر ليجدوا انفسهم أمام جدار اسمنتي بدأ يحيط حيهم تحت ذريعة الحد من الهجمات المسلحة التي يشنها مسلحون من الشيعة، او بعض ما يعرف بفرق الموت، بالإضافة الى منع السنة من قتل الشيعة في مناطقهم، بحسب ما أعلنته القوات الاميركية.
وكانت الانتقادات ضد جدار الأعظمية، الذي يشيده الجيش الأميركي لتطويق الحي السني المحاصر، قد تزايدت مؤخراً، ووصفه البعض بـ«العقاب الجماعي»، فيما قال الجيش الأميركي إن الجدار لحماية الحي «الواقع في وسط دوامة عنف طائفي وهجمات انتقامية».
وتباينت ردود الفعل حيال هذا الجدار العازل. عدنان الدليمي، رئيس جبهة التوافق، قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الجدار «سيضيق على أهل الاعظمية ولا يدع لهم سبيل الاتصال بالمناطق الاخرى، بالاضافة الى الأضرار التي ستلحق بهم سواء من الناحية الامنية أو الاقتصادية لاسيما وان اعمالهم سيشوبها بعض التعطيل، وذلك بشل حركتهم وتجعلهم مقيدين داخل الجدار». وأضاف أن الجدار «لا يساعد على حفظ أمن الأعظمية لأنها أصلا مهددة من قبل الميليشيات المسلحة وفرق الموت عن طريق استهدافها بقذائف الهاون والكاتيوشا، وهذا الجدار لا يحول دون هذه الهجمات». واعتبر مان «الجدار مصيدة لاعتقال رجال الحي وتصفيتهم كما يجري في العديد من الأحياء، حيث يتم اعتقال الرجال وقتلهم من خلال نقاط التفتيش الوهمية والميليشيات الطائفية». وعن دورهم في إيقاف بناء الحاجز أوضح الدليمي «لقد طالبنا الحكومة والجانب الاميركي ايضاً بعدم تنفيذ هذا الجدار، وقد خرج أهالي الأعظمية بمظاهرة للتنديد ببنائه». وزاد «ليس لدينا إلا الطلب من الحكومة، وهي مطالب تأتي بطرق سلمية وديمقراطية وبعيدة عن اعمال الشغب، نحن مع القانون ونلتزم بتطبيقه، ولكن بدون ان يكون على حساب حرية البشر». لكن للجهات الامنية رأيا آخر؛ العقيد سمير، من الفرقة السادسة في وزارة الدفاع، يقول إن إقامة جدار في قاطع معين ليس غايته عزل المنطقة بل حمايتها، مؤكداً لـ«الشرق الاوسط» أنه تم إنجاز 50 في المائة منه. وأضاف ان سبب إقامة الجدار «هو حماية الخط السريع الممتد بمحاذاة المنطقة، لاسيما وهو يشهد عمليات مسلحة كثيرة مثل القتل وزرع العبوات بالإضافة الى عمليات السلب والخطف». وأكد ان الجدار «وضع لخفض العمليات المسلحة وليس لقطع منطقة عن اخرى»، متابعاً «سوف يتيح لنا الجدار العمل في المناطق بشكل أفضل من خلال تحسين الواقع الخدمي للمنطقة والسيطرة عليها».
أما أبو مصطفى (متقاعد)، من أهالي الأعظمية، فيقول «لقد تفاجأنا بالجدار، كنا نرى بعض القطع الكونكريتية هنا وهناك، ولكننا لم نعر للأمر أهمية، لاننا تعودنا أن ترفع بعد أيام»، وتابع «ولكن هذه المرة الحواجز بقيت جاثمة على صدر الاعظمية، ولقد أثلجت صدورنا عندما علمنا أن رئيس الوزراء أمر بوقف بناء الجدار، وما هي إلا ايام حتى جاء الامر بالمباشرة بإكمال اقامة الجدار». وقال بألم «انه سجن كبير سيكون الارهاب محصوراً بهذه المنطقة دون غيرها، فاذا كانت هناك مجموعات مسلحة كما يدعون فكيف سيعرفون ذلك، اننا نعاني من قذائف الهاون التي تأتينا من خارج الأعظمية فكيف سيكون الحال مع هذه الحالة. الامر مربك لنا ولعوائلنا». أما ميسون عمر، طالبة ماجستير، فتقول إن بناء الجدران الأمنية حول المدن والأحياء الصغيرة في بغداد، يعبر عن فشل الحكومة في إدارة الملف الأمني، وترى أن الأمن لا يمكن توفيره بعزل البشر عن بعضهم البعض، لاسيما وان المشكلة في العراق سياسية أكثر منها أمنية.
المصدر: الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد