انتهاء مؤتمر المعارضة: سوريون يبايعون في الرياض ... و«أحرار الشام» وفيّة لـ«السلطان» التركي

11-12-2015

انتهاء مؤتمر المعارضة: سوريون يبايعون في الرياض ... و«أحرار الشام» وفيّة لـ«السلطان» التركي

«نجحت» الرياض في اختبار أعدّته بنفسها. لم تنظم مؤتمر المعارضة ليفشل أو لتطول الاجتماعات: بضع أوراق شبه جاهزة ظهرت يوم الأربعاء لتقرّ بعد 24 ساعة. «عدّة» المؤتمر كانت كفيلة للخروج بتوافق على بيان ختامي وورقة تفاوضية و«هيئة عليا للتفاوض». «معتقل» فندق «الانتركونتيننتال» لم يكن بحاجة إلى «خروقات» إعلامية حَظَرها المنظمون. فلا نقاشات جدية ولا اختلافات كبيرة في وجهات النظر.الملك السعودي ويقف أمامه رئيس الحكومة السورية الأسبق الفار رياض حجاب خلال لقاء سلمان معارضين سوريين في الرياض أمس ("واس")

قال السعودي كلمته منذ إعلانه تنظيم المؤتمر واحتكاره مسألة الدعوات. على نسق الاجتماعات «الأميرية»، كان «اليومان السوريان» أشبه بإعلان «البيعة» لوزارة الخارجية السعودية. «رسمياً»، أصبح للرياض معارضة تتخطّى «الائتلاف» لتنضمّ «هيئة التنسيق» وعشرات الشخصيات والفصائل المسلحة. في الجوهر، يبدو هذا التفصيل أبرز «إنجاز» حققته الرياض من مؤتمرها. وللمفارقة، فإن هذا الإنجاز يعيدُ العلاقة السعوديّة ــ التركيّة، في ما يخص الملف السوري، إلى «مربع ما قبل سلمان»، وهي مرحلة التوافق على هدف «إسقاط النظام» مع الاختلاف على الأدوات، والتنافس على «الزعامة». ورغم أن مصدراً سوريّاً رفيع المستوى قد قال إن دمشق «لن تعلن حاليّاً أي موقف من المؤتمر»، وأضاف: «خلال يومين قد يصدر ردّ رسمي»، غير أن مفترق الطرق «السعودي ــ التركي» يبدو في حدّ ذاته إنجازاً لمحور دمشق وحلفائها. استطاع التدخل الروسي الجوي في سوريا وحراك كيري ــ لافروف أن يضعا المملكة أمام خيارات جديدة: الانصياع للأجواء الدولية المستجدة بأولوية مكافحة «داعش» أو متابعة دعم الفصائل على أنواعها بالمال والسلاح، وصولاً إلى فرض «تسوية» يحاك جزء أساسي من تفاصيلها في السعودية. وكانت الأخيرة، منذ بداية عهد سلمان بن عبد العزيز، قد اختارت السير في ركب أنقرة، وسايرتها في الشأن «الإخواني» تحديداً. كان مرشّح الإخوان خالد خوجة قد تربع على رأس «الائتلاف» قبل تربّع العاهل السعودي الجديد على عرشه بأسبوعين، وعلى مدار الشهور التالية «تمدّد» النفوذ التركي أكثر فأكثر داخل المجموعات المسلّحة، حتى صارت أنقرة هي «البوصلة» واكتفت الرياض بدور «بيت المال». هذه المعطيات، ستجعل فهم أبعاد انسحاب «حركة أحرار الشام الإسلاميّة» من مؤتمر الرياض مهمة يسيرة؛ فالجناح التركي داخل «الحركة» (التي يمكن اعتبارها فعليّاً أكبر فصيل مسلّح) هو الأكبر نفوذاً منذ تصفية مؤسّسها أبو عبدالله الحموي (حسان عبود) ومعظم «قادتها» الأوائل.

بيان انسحاب «الحركة» شكر «من دعانا» إلى المؤتمر، وقدّم ثلاثة أسباب للانسحاب: إعطاء «دور أساسي لهيئة التنسيق الوطنية» و«عدم الأخذ بعدد من الملاحظات والاضافات التي قدمتها الفصائل لتعديل الثوابت المتفق عليها في المؤتمر (…) وعدم التأكيد على هوية شعبنا المسلم». أما السبب الثالث فهو، بحسب البيان، «عدم إعطاء الثقل الحقيقي للفصائل الثورية، سواء في نسبة التمثيل أو حجم المشاركة في المخرجات». وجاء انسحاب «الأحرار» أشبه بمحاولة «تفخيخ» مبيّتة، إذ كانت مصادر سوريّة معارضة قد توقعت أن يكون اقتصار تمثيل «أحرار الشام» في المؤتمر على «مكتبها السياسي»، بهدف «منحها هامش مناورة إذا ما اقتضت الضرورة الالتفاف على نتائج المؤتمر، عبر ذريعة طرح الأمر للتشاور داخل الفصيل». وعكست الساعات الأخيرة من المؤتمر حالة من الانقسام داخل صفوف «الأحرار»، وسط تضارب في الأنباء ما بين مؤكدٍ عودتها عن الانسحاب وتوقيعها البيان، ونافٍ لذلك. وبدا لافتاً أنّ «رئيس مجلس شورى الجبهة الإسلاميّة» والقيادي البارز في الحركة، أبو عيسى الشيخ، سارع إلى الظهور بمظهر متزعم جناح «الصقور» الرافض كليّاً لمُخرجات مؤتمر الرياض، فقال عبر صفحته الشخصيّة في موقع تويتر: «لم ولن نتراجع عن قرار الانسحاب من مؤتمر الرياض...». وهو ما أكّده بعد ذلك «النائب العام لقائد الحركة»، أبو عمار العمر، مكذّباً ما قاله إعلامي سعودي «بارز» سارع إلى الترويج لـ«عودة الحركة عن انسحابها وتوقيعها البيان». الإعلامي المذكور كان قد لمّح إلى وجود انقسام بين «القيادتين: السياسية، والعسكرية للحركة». وفيما أكدت مصادر محسوبة على «الجناح السعودي» أن ممثل «الحركة» في المؤتمر لبيب النحاس قد وقّع البيان، قال مصدر من داخل «الحركة» ومقرّب من قيادتها إنّه «لا صحة إطلاقاً لوجود تمايز في المواقف بين القيادة العسكرية ونظيرتها السياسيّة». وعلاوة على الأسباب التي أعلنتها «الحركة»، كشف المصدر عن أنّ «الحركة رأت في مطالبة البيان برحيل المقاتلين الأجانب فخّاً؛ فهو وإن بدا معنيّاً بمن يقاتل في صفوف النظام، فإنه يشمل في الوقت ذاته الإخوة المجاهدين المهاجرين». وبدا لافتاً أن المُنظّر «الجهادي» المعروف، أبو قتادة الفلسطيني (أحد الآباء الروحيين لجبهة النصرة، ومُنظّري تنظيم القاعدة)، قد سارع إلى مباركة انسحاب «أحرار الشام»، مؤكداً أن «انسحابهم خير لهم، (...) مع أن الأسباب لا ترقى إلى مفاهيم الإسلام في البراء والهجران، بل هي من نوع خطاب الخصوم الذين هجروهم». أبو قتادة كان قد أبدى تحفّظاً مماثلاً لتحفّظ «الحركة» حول بند المقاتلين الأجانب، ورأى فيه «تحضيراً لقتل المجاهدين، ولحصر القتال غداً ضدهم». هكذا، بدا ختام مشهد نهار أمس مُمهّداً لمرحلة جديدة في ما يخص «أحرار الشام» عنوانه التقارب أكثر مع «القاعدة» ومع أنقرة في آنٍ واحد، والإعداد لاستثمار «مؤتمر الرياض» منصّة لترويج إعلامي جديد لـ«الحركة». أولى الخطوات في هذا السياق جاءت مع «تغريدة» لأبو جابر الشيخ، «القائد العسكري السابق» و«رئيس مجلس شورى الحركة»، قال فيها: «لا تسلنا مع من جلستم، ولكن سلنا ماذا فعلتم في مؤتمر الرياض. الجواب: جلسنا ثم انسحبنا ولم نوقّع». الشيخ «غرّد» أيضاً: «ذهبنا إلى مؤتمر الرياض بضاعتنا قيمٌ عبّر عنها بياننا، فلمّا كان الثمن بخساً آثرنا القيم وتركنا السوق لمن لا قيم له».

إيلي حنا- صهيب عنجريني 

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...