النأي بالنفس يترجم تهريباً للسلاح إلى سوريا بإعتراف الأمم المتحدة
لم يعد بإستطاعة أي فريق سياسي في لبنان بعد اليوم أن ينفي عمليات تهريب السلاح التي تحصل باتجاه الأراضي السورية عبر لبنان، لأن هذا الأمر بات مؤكداً بحسب تقارير الأمم المتحدة، فقد كان الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تيري رود لارسن واضحاً في الكلام عن ذلك في تقريره عن تطبيق القرار 1559.
وبغض النظر عن الملاحظات الكثيرة التي يدلي بها البعض حول التقارير التي تصدر دورياً حول هذا القرار، ماذا يعني من الناحية القانونية الإقرار بعمليات تهريب السلاح بين لبنان وسوريا في الإتجاهين، وهل هو من مظاهر سياسة النأي بالنفس؟
الأمم المتحدة تعترف
إعترفت الأمم المتحدة، ولم يعد من الممكن أن تنفي الحكومة اللبنانية ذلك، أو أن توجه قوى سياسية معينة إتهامات معاكسة، تهريب السلاح بين لبنان وسوريا يحصل في الإتجاهين. في الفترة السابقة كانت تنفي قوى الرابع عشر من آذار الإتهامات التي كانت توجه لها بالوقوف وراء عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري، لا بل أنها تنفي حصول مثل هذه العمليات، وكانت ترد على هذه الإتهامات بإتهامات مضادة مفادها أن تهريب السلاح يحصل من سوريا باتجاه لبنان، وفي هذا الإطار يشدد عضو كتلة "المستقبل" النائب اللبناني عمار حوري على أن من مسؤولية الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية ضبط الحدود ومنع عمليات تهريب الأسلحة، ويعتبر حوري أن هذا التهريب مهما كان الهدف منه سواء كان لأغراض سياسية أم تجارية يجب أن يتوقف.
النائب اللبناني حوري الذي يؤكد، على مسؤولية الحكومة اللبنانية في هذا الموضوع، يرى أن هذه الحكومة بعكس ما تقول لا تمارس "سياسة النأي بالنفس"، ويشدد على أن في هذا الموضوع لا يمكن أن يكون هناك "نأي بالنفس" بل على الحكومة واجبات يجب أن تقوم بها.
في الجهة المقابلة، يرى النائب عن حزب "البعث" عاصم قانصو أن ما تمت الإشارة إليه في التقرير عن القرار 1559 إعتراف رسمي من الأمم المتحدة بحصول عمليات تهريب أسلحة من لبنان بإتجاه الداخل السوري، ويعتبر أن هذا الإعتراف جاء اليوم لأن القضية لم تعد تحتمل، ويشدد على أن سفينة الأسلحة "لطف الله 2" التي ضبطت في المياه الإقليمية اللبنانية كشفت كل "العورات"، ويلفت إلى أن هناك مسؤولية تقع على عاتق كل مؤسسات الدولة اللبنانية للوقوف بوجه هذه العمليات، ويضيف: "القصة أصبحت كبيرة ومكشوفة لأن عمليات التهريب لم تعد صغيرة بل بكميات كبيرة".
سلاح "لقيط"!
على صعيد متصل، من الطبيعي أن لا تكون عمليات تهريب السلاح التي تحصل من سوريا باتجاه لبنان بحاجة إلى الكثير من البحث لمعرفة من هي الجهة المرسلة ومن هي الجهة المرسل إليها، لكن في عمليات التهريب التي تحصل في الإتجاه المعاكس تبقى الجهة المرسلة مجهولة وإن كانت الجهة المرسل إليها معروفة بحسب ما تشير المعطيات وهي قوى المعارضة السورية المسلحة، ولكن من المؤكد أن هذا السلاح ليس "لقيطاً"، وفي هذا السياق يوجه النائب قانصو الإتهامات إلى العديد من الجهات المحلية والإقليمية، ويعتبر أن تركيا وقطر والسعودية تقف وراء هذه العمليات بالدرجة الأولى، لكنه يرى أن هناك جهات محلية متورطة في الموضوع أيضاً، ويشدد على أن مسؤولية الجهات الرسمية اللبنانية أن تتحدث عن هذا الموضوع.
النائب اللبناني قانصو، الذي يكشف أن الجانب السوري أصبح لديه لائحة طويلة بالأسماء التي تقوم بعمليات تهريب أسلحة إلى الداخل السوري، يصف هؤلاء، بـ"الوسطاء تبع ربع ليرة" و"بلا أخلاق"، ويؤكد أنه سيأتي الوقت الذي ينفضح فيه كل شيء.
ومن جانبه، يشدد النائب حوري على أن الإتهامات التي توجَّه إلى أفرقاء في قوى الرابع عشر من آذار بالوقوف وراء عمليات تهريب السلاح من لبنان باتجاه سوريا ليس هناك من دليل عليه، ويلفت إلى أن هذه الإتهامات توجه منذ ما يقارب السنة والشهرين ولم يقدم من يطلقها أي دليل، ويؤكد أنه حتى في موضوع باخرة الأسلحة التي ضبطت في المياه الإقليمية اللبنانية "لطف الله 2" لم تقدم الأدلة على الإتهامات التي وجهتها بعض القوى السياسية.
اذاً تهريب السلاح من لبنان باتجاه الداخل السوري يحصل بإعتراف أكبر مؤسسة دولية، ولم تنجح سياسة "النأي بالنفس" التي من المفترض أن يكون وقف هذه العمليات همها الأولى في الحؤول دون ذلك، لكن الغريب أن الإتهامات الرسمية التي تصدر عن المراجع المختصة لا توجه عند ضبط مثل هذه الأعمال إلا إلى أفراد، مع العلم أن هكذا عمليات لا يمكن أن تكون "فردية".
ماهر الخطيب
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد