المسلحون يفتحون جبهة الساحل السوري انتقاماً من الهزائم!

22-03-2014

المسلحون يفتحون جبهة الساحل السوري انتقاماً من الهزائم!

في خطوة يفترض أن تكون متوقعة، أعلنت عدة فصائل إسلامية متشددة بدء ما أسموها «معركة الأنفال» في الساحل السوري.
وهذه الخطوة متوقعة ليس فقط من باب محاولة هذه الفصائل الرد والثأر على الهزائم التي مُنيت بها خلال الفترة الماضية، سواء في يبرود ومحيطها أو في بلدة الحصن وقلعتها، ولكن أيضاً بسبب الانسحاب المفاجئ لعناصر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) من مقارهم في الساحل السوري، وسط معلومات أن هذا الانسحاب جاء من طرف «داعش» بعد تذرع الفصائل الأخرى أنها لا تجرؤ على فتح معركة الساحل بسبب خوفها من غدره وطعنه لها في الظهر كما حدث في أماكن أخرى.آثار الدمار على مبان في أحد شوارع مدينة يبرود أمس الأول (رويترز)
فانسحاب «داعش» خلال الأسبوع الماضي من كل مقاره في جبل الأكراد وريف اللاذقية الشمالي، الأمر الذي يفترض أن يكون بمثابة إشارة واضحة إلى أن الساعة الصفر في الساحل قد حانت، وخصوصاً أن أنصار «داعش» الإعلاميين أخذوا بعد يوم من انسحابهم يضغطون على الفصائل الأخرى بالقول: «انسحبنا فلماذا لم تتحرك جبهة الساحل بعد؟».
وفي هذا السياق، تؤكد معلومات أن المعركة كانت مقررة منذ أشهر، إلا أن المواجهات بين «داعش» و«لواء الهجرة إلى الله» تسببت بتأجيلها آنذاك.
وقال بيان مصوّر صادر عن الفصائل المشاركة في المعركة إنه «بعد إعداد دام أكثر من سبعة أشهر تم فيه تجميع العدة والعتاد والرجال بعدما واجه إخوانكم عوائق يعلم الله مدى تأثيرها على هذا الإعداد والتحضير».
وأضاف «ومع ما يحمل هذا العمل العسكري من أهمية عظيمة جسيمة من وسع الجبهة ووعورتها وكيفيتها ونوعيتها، قرر إخوانكم: إنشاء غرفة عمليات موحدة بقيادة أنصار الشام وجبهة النصرة وشام الإسلام لضرب العدو بخطة محكمة في عقر داره».
وتابع «فأعلنوها على الباغي ناراً حارقة تأكل أخضرهم قبل يابسهم، وليسمعها الطاغية كلمة من جند الله على الأرض أننا في الساحل السوري قد سحبنا السيوف من أغمادها ولن تعود حتى يأمن أهلنا على أرض سوريا من ظلمكم ويفك الحصار عن كل المدن ويخرج الأسرى من غيابات سجونكم» مؤكداً أن هذه المطالب لا هوادة فيها وإلا «فالسيف بيننا وبينكم هو الحكم في معركة الأنفال التي أضرم أوارها اليوم».
وانطلقت شرارة المعركة من محيط معبر كسب الحدودي الذي شهد هجوماً بأعداد كبيرة من عدة محاور: محور الصخرة ومحور نبع المر ومحور السمرا، مع معلومات عن دخول قسم من المهاجمين من داخل الأراضي التركية.
وشاركت في الهجوم على معبر كسب بنحو خاص «كتائب أنصار الشام» (الجبهة الإسلامية)، بينما كانت قذائف الهاون والقذائف الصاروخية تنطلق باتجاه القرى والمناطق الخاضعة لسلطة الحكومة السورية، أهمها تلا وكفرية وبيت الشكوحي وانباته واستربه (وهي مناطق استعادها الجيش السوري بعد اقتحامها من قبل المسلحين في آب الماضي).
واستمر تساقط صواريخ مطورة من نوع «غراد»، بحسب ما أكد مصدر ميداني لـ«السفير»، على منطقة كرسانا والتي أدّت إلى مقتل امرأة وإصابة عدة أشخاص بينهم ثلاثة جنود كانوا على حاجز كرسانا، كذلك الأمر على طريق البسيط. كما سقطت قذيفة صاروخية في حرم جامعة تشرين، تسببت بأضرار مادية في كلية الهندسة الكهربائية.
وقد ذكر مصدر ميداني من الفصائل المهاجمة أن الغاية من إطلاق الصواريخ على هذه المناطق قطع خطوط الإمداد ومنع الجيش السوري من إرسال تعزيزات إلى جبهة كسب.
وبالرغم من ذلك، فإن الجيش السوري كان يحشد تعزيزاته في المنطقة مستدعياً المزيد من وحداته ومن قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية، كما ذكر مصدر ميداني لـ«السفير».
وقال المصدر إن نوعية الأسلحة التي استخدمها المسلحون في الهجوم، لا سيما الصواريخ المطورة التي وصلت إلى مناطق بعيدة، وتمكنت من إصابة نقطة عسكرية في كرسانا (حاجز كرسانا) تشير إلى أن الهجوم تم بالتنسيق مع أجهزة استخبارات دولية، خصوصاً أن حجم التنسيق بين المهاجمين بدا كبيراً، كما اتُّبعت تكتيكات كانت تهدف إلى عزل كسب بالكامل والسيطرة عليها، معللاً سبب الهجوم بمحاولات لكسر حالة الهزائم المتتالية التي تلقوها في يبرود في ريف دمشق والحصن في ريف حمص، بالإضافة إلى تقدم الجيش في حلب.
في المقابل، كان الطيران الحربي والمروحي يحوم منذ ظهر أمس الأول، فوق المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين في ريف اللاذقية الشمالي، حيث نفذ بحسب مصدر معارض غارتين جويتين مستهدفاً في الأولى محيط قرية الشحرورة، والثانية استهدفت محيط قرية مزين، كما قصفت المدفعية مساء أمس الأول، منطقة سلمى وطريق آرا وقرية دويركة، من دون معرفة ما إذا كان هذا القصف استباقياً يشير إلى توقع المعركة قبل إعلان الفصائل المتشددة عنه.
واستمر الطيران الحربي ومدفعية الجيش بالقصف بعد بدء الهجوم صباح أمس، على مواقع تمركز المجموعات المهاجمة، وسط اشتباكات عنيفة تركزت في محيط معبر كسب الحدودي، ولا سيما على الطريق الواصل بين المعبر الحدودي والمخفر الجمركي، وكذلك في جبل النسر (المقابل لمعبر كسب) وجبل الـ45، وشملت الاشتباكات المخافر على محاور القتال مثل مخفر الصخرة ومخفر السمرا ومخفر جبل الأقرع ومخفر نبع المر على الزنار الحدودي، وقد شهد مخفر نبع المر وبعض المباني المحيطة به اشتباكات عنيفة، تمكن بعدها المسلحون من فرض حصار على هذه المباني التي يتمركز فيها عناصر شرطة.
وفيما أكدت مصادر الفصائل المهاجمة أنها سيطرت على كل من مخفر الصخرة ومخفر السمرا ومخفر نبع المر بعد استسلام عناصره، مؤكدين سيطرتهم على معبر كسب الحدودي وقيامهم بتفجير المقر الرئيسي للمعبر، إلا أن مصدراً محلياً نفى لـ«السفير» سيطرة المهاجمين على المعبر الحدودي، مشيراً إلى أن وصول المسلحين إلى المعبر واندلاع الاشتباكات فوقه لا يعني السيطرة، لأن المسلحين سرعان ما تراجعوا إلى داخل الأراضي التركية التي جاؤوا منها لتنفيذ الهجوم، مكذباً كل الأنباء التي تحدثت عن دخول المسلحين إلى مدينة كسب، حيث أكد أن الاشتباكات جرت خارج المدينة ولم يدخل أي مسلح إلى داخل المدينة، وسط تبادل كثيف لإطلاق النار قرب معبر كسب.
ولا تزال الاشتباكات مستمرة، لا سيما بعدما قام الجيش السوري بهجوم معاكس، وامتص صدمة الهجوم الأولى وتمكن من حشد تعزيزات إضافية في المنطقة.
واستهدف سلاح الطيران في الجيش السوري منطقة سلمى ومحيطها وكل المناطق على محور سلمى، بينما سُجل تقدم ملحوظ للجيش السوري على المحاور القريبة من منطقة دورين، كما استهدف تلة الصخرة التي حاول المهاجمون التمركز عليها كونها منطقة إستراتيجية تطل على كسب، وعلى الأراضي التركية.
وتسبب الهجوم في حصيلة أولية بمقتل نحو 15 شخصاً بين عنصر ومدني، وإصابة عدد آخر، حيث أشار المصدر إلى أن الرقم مرشح للازدياد كون بعض الإصابات خطرة، فيما تم توثيق مقتل عدد من المهاجمين بينهم «أبو عمر التركماني» مسؤول العلاقات العامة في «جبهة النصرة» في الساحل، وشقيق القائد العسكري «أبو أحمد».
ومن بين القتلى أيضاً، أمير «جبهة النصرة» في الساحل أبو ياسر، وهو سعودي الجنسية واسمه الحقيقي عبدالمحسن عبدالله إبراهيم الشارخ، ويعرف على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» باسم سنافي النصر.
ويعتبر الشارخ من القيادات البارزة في «النصرة» عسكرياً وشرعياً، نظراً إلى التجربة الجهادية التي اكتسبها أثناء قتاله في أفغانستان، وهو كان من الكوادر التي أرسلتها قيادة خراسان إلى «جبهة النصرة» بعد مبايعة الجولاني للظواهري.
والشارخ أيضاً من بين قائمة الـ85 التي أصدرتها وزارة الداخلية السعودية في العام 2009، وتشمل أخطر المطلوبين لديها لتهم تتعلق بالإرهاب.

عبد الله  سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...