الكهرباء والقمح في سورية من العجز إلى الوفرة خلال ثلاثة أيام
أعلن وزير الكهرباء السوري احمد قصي كيالي الشهر الماضي لصحيفة تشرين الحكومية ان سوريا "تعاني من ازمة حقيقية لها عدة اسباب اولها عدم القدرة على توليد كامل حاجتنا من الكهرباء".... وتناقلت الخبر وسائل إعلام عديدة، محلية وعربية فضلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية. واستشهدت وسائل الإعلام اللبنانية بكلام الوزير كيالي معتبرة إياها مبرراً لما أسمته توقف سورية عن تزويد لبنان بالكهرباء منذ ما يقرب الشهرين.
وبعد تلك التصريحات بأيام وفي أواخر الشهر الماضي أيضاً قال معاون وزير الكهرباء، هشام ماشفج، أن سورية بحاجة إلى إنشاء خمس محطات توليد جديدة لسد العجز الموجود في الطاقة الكهربائية.
إلا أنه خلال يومين فقط (في 27 آب) انتقلت سورية من حالة العجز إلى تصدير الكهرباء!!! إذ أعلن الوزير كيالي أن وضع الكهرباء في سورية "مستقر وجيد" منذ بداية شهر رمضان، لا بل أكد كيالي أن سورية لبت طلباً مصرياً للمؤازرة في موضوع الكهرباء وصدّرت ما بلغ 140 ميغا واط ساعي! وعزى كيالي ذلك لانخفاض الطلب على الطاقة أولاً ولانخفاض درجات الحرارة ثانياً!!!
وفي سياق يكاد يكون متطابق في قطاع الحبوب، وبعد الحديث الرسمي الذي ملأ وسائل الإعلام العربية والمحلية، وكان آخره ما تناول حصول عجز في انتاج القمح هذا العام "يساوي ربع كمية الاستهلاك المحلي"، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مدير مؤسسة الحبوب، سليمان الناصر، أن محصول القمح السوري هذا العام، والذي بلغ ضعفي العام الماضي، مكّن من ترميم المخزون الاستراتيجي بل وزيادته ليكفي سورية أكثر من سنة وقال الناصر: "لدينا ما يكفينا للاستهلاك المحلي لسنة أيضاً".
وحرص سليمان الناصر، في تصريحه لوكالة رويترز، على تأكيد أن سورية ما زالت بلدا مصدرا للقمح. وقال "نحن كنا نصدر القمح القاسي (الصلد) واستوردنا كميات من القمح الطري (اللين) لترميم المخزون الاستراتيجي ولتغطية حاجة استهلاك القطر. لكن سورية لا زالت بلدا من البلدان المصدرة للقمح...".
فيما نشرت صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 28 آب تصريحاً لرئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري أكد فيه أن المتوافر من القمح يكفي حاجة سورية حتى النصف الأول من عام 2011 مهما كانت الظروف المناخية، إذ تبلغ حاجتها السنوية نحو 2.5 مليون طن فقط!
تلك الإشارات والتصريحات التي تظهر انقلاباً من حالة العجز إلى الوفرة، خلقت الكثير من اشارات الاستفهام حول دقة المعلومات ودقة الأرقام، والسرعة في التحول من الخسارة إلى الربح. إلا أن مراقبين كثر باتوا يميلون إلى استبعاد احتمال "عدم الدقة" في الأرقام والاجماع على احتمال العودة إلى تسييس الرقم الاقتصادي والمعلومة الاقتصادية في سورية. ويدعم هذا الرأي ما يمارسه أصحاب القرار في سورية من تبسيط وتخفيف وأحياناً تسطيح من حدة الآثار الاقتصادية السلبية والعمل على تجميل وتزيين الواقع، وربما استخدام تلك المعلومات المسيسة وتجييرها اقتصادياً كافتعال أزمة كهرباء فجأة واطلاق تصريحات تؤكد على حاجة سورية لخمسة محطات توليد، لابل وحاجتها للقطاع الخاص كي يستثمر في قطاع الطاقة الكهربائية... ثم تنتهي الأزمة حينما تنتفي الحاجة لها. وأيضاً كأن نجاهر بالعجز في مخزون القمح ريثما تأتي المعونات أو المساعدات ومن ثم ينتفي العجز حينما تنتفي الحاجة له.
المصدر: كلنا شركاء
إضافة تعليق جديد